"إنهم بشر!".. هآرتس: ما الذي تخشاه إسرائيل من مسلسل التطبيع العربي؟

الأربعاء 16 ديسمبر 2020 07:45 م / بتوقيت القدس +2GMT
"إنهم بشر!".. هآرتس: ما الذي تخشاه إسرائيل من مسلسل التطبيع العربي؟



القدس المحتلة /سما/

 هآرتس - بقلم: تسفي برئيل   "رويداً رويداً تسيطر مشاعر عدم الرضى مع إشارات على الضائقة، وليس سبب ذلك أن لقاح كورونا أصبح هنا وسنكون معافين وسعداء بعد فترة قصيرة، تضج المدارس بأصوات الطلاب الفرحين والأناشيد الوطنية التي تنطلق من مكبرات الصوت، وسنعود إلى الأقنعة القديمة في عيد المساخر، وسنستعد كالعادة للانتخابات… إنما المشكلة هي أن جميع الدول العربية التي تقف على بابنا وتريد التقرب منا وكأننا علاج لمشكلاتهم السياسية والعسكرية… الأردن ومصر والسودان والمغرب والإمارات والبحرين، ومن يعرف من سيطرق الباب في الغد، عُمان؟ السعودية؟ وربما إندونيسيا والباكستان؟

ست دول عربية من بين الـ 22 هي في الواقع ليست أغلبية، ولم يعد بالإمكان الادعاء بأن إسرائيل دولة صغيرة محاطة بالأعداء. وقد بقينا مع تهديدات لبنان وسوريا وإيران، ومن بينها إيران هي الوحيدة التي ما زالت تعدّ تهديداً وجودياً. دولة تفقد هذا العدد من أعدائها هي دولة هويتها في خطر. قد تتحول قرطاج إلى ديزني لاند. وتظهر علامات الانهيار الأولى في التوجيهات والنصائح التي يعطونها للإسرائيليين الذي يسافرون للاحتفال في دبي والمغرب أو في البحرين. كونوا مؤدبين. احترموا الثقافة المحلية، تعلموا القواعد. فجأة العرب ليسوا عبوة ناسفة متجانسة تنتظر الانفجار في وجوهنا، بل هم أشخاص مثقفون وبشر. من كان يصدق.

لنا مع المغاربة تاريخ وثقافة مشتركة، لكن المفاجأة الكبرى هي أن أصدقاءنا في دبي أكثر جمالاً. ما هذا الاستقبال، ما هذه الاستضافة، حقاً عائلة، بل ويتحدثون الإنجليزية. فجأة يجب التمييز بين العرب والفلسطينيين. هؤلاء ودودون وأولئك مخربون. بيتار القدس، الرمز الوطني للعرق اليهودي، سبق وبعناه باسم السلام. وعبر “زووم” لم يبق مكان للجان الاقتصادية المشتركة، أما بخصوص شراء ميناء حيفا فتتنافس شركة من الإمارات وأخرى من تركيا، وبعد قليل سنبدأ أيضاً برحلات سيارات الدفع الرباعي في مصر وسنواصل مباشرة إلى السودان ونميل إلى إثيوبيا ومن هناك إلى تنزانيا.

أين اختفى الرهاب الإسرائيلي حيث الدولة تحت تهديد داخلي خطير جداً؟ يجب على الهوية الإسرائيلية التي بنيت على أسس الحصار والحرب الدائمة، أن تجد لها آلهة جديدة. هذه السياسة الإسرائيلية التي تعظم رؤساء الأركان وتجعلهم ملائكة قد تجد نفسها بدون ذخيرة. وعندما لم يعد السلام مع الدول العربية حلم اليساريين المهووسين بل نتاج نموذجي سياسي لزعيم يميني، فإن التهديدات الاستراتيجية تقتضي إعادة النظر وثورة في الوعي.

ولكن يصعب اختراق سور الفصل الذي أعطى إسرائيل شعور القفص المغلق الذي نمت فيه القومية المتطرفة اليهودية، الوطنية والتضامن الأمني. وهكذا، فإن القلق على سلامة الدولة اليهودية بدأ يسمع من زوايا مختلفة، فبعد شراء “بيتار القدس” ثمة حديث عن بدء حملة شراء عربية لعقارات في الأحياء الفاخرة في تل أبيب والقدس، وعن استثمارات في الصناعات الاستراتيجية، التي سيجلس في مجالس إدارتها أشخاص يرتدون العباءات البيضاء والكوفيات، وعن إنشاء مصانع يشغل فيها عرب، وعن مطربين ومطربات إسرائيليين سيعدلون أغانيهم كي تناسب الذوق الإقليمي وسيتم شراؤهم أيضاً من قبل شركات إنتاج عربية. مواطنون من المغرب سيغرقون سوق العمل، والسودانيون لن يكونوا مصدر عدوى للسرطان وسيصبحون سياحاً قانونيين، وسيكون على وزارة التربية والتعليم إعداد مناهج تعليمية جديدة تلزم الطلاب اليهود بتعلم مبادئ الدين الإسلامي، وستصبح اللغة العربية موضوعاً إلزامياً من أجل ضمان أماكن عمل لجيل الشباب.

من حسن الحظ أن بقي لدينا فلسطينيون في المناطق والفلسطينيون الإسرائيليون. ولكن يجب عليك الوثوق بهم مع مرور الوقت. فهم في النهاية عرب، والاتجاه العربي هو صنع السلام مع إسرائيل. ما هذا الخوف؟