خطة لثلاث سنوات لحكومة اشتية للتعافي.. وهكذا ستُسدد مستحقات موظفي السلطة

الإثنين 30 نوفمبر 2020 08:12 ص / بتوقيت القدس +2GMT
خطة لثلاث سنوات لحكومة اشتية للتعافي.. وهكذا ستُسدد مستحقات موظفي السلطة



رام الله / سما /

تعكف طواقم اقتصادية وإدارية في حكومة الدكتور محمد اشتية منذ أسابيع على وضع خطة للسنوات الثلاث المقبلة بغرض إجراء حزمة إصلاحاتٍ إداريةٍ تطال (63) مؤسسة غير وزارية، إما بإلحاقها بالوزارات المختصة أو إدمجها أو إلغائها، بهدف ترشيد الإنفاق في المال العام، وذلك في ضوء التعافي الاقتصادي الحذر والتشافي التدريجي من الآثار التي تركتها الأزمات التي واجهتها الحكومة منذ توليها مهامها قبل نحو العامين، والمتمثلة بالأزمات المالية والوبائية والسياسية، عقب الإعلان عن انتهاء أزمة أموال المقاصة التي كانت تحتجزها إسرائيل منذ ستة أشهر.

وفيما يتعلق بمستحقات الموظفين المتراكمة منذ أشهر الأزمة الماضية، قال المتحدث باسم الحكومة إبراهيم ملحم، رداً على سؤالٍ لـ"القدس": "إن الخيار الأول الذي أعلنه رئيس الوزراء هو تسديد المستحقات دفعةً واحدةً في حال تمّ استلام أموال المقاصة مرةً واحدة"، مشيراً إلى أنه "في أسوأ الأحوال فإن تلك المستحقات سيتم تسديدها مع راتب شهر كانون الأول المقبل".

وكشف ملحم عن قرب افتتاح بنك الاستقلال الحكومي بعد تعيين بيان قاسم مديراً له، وكذلك افتتاح الجامعة التقنية بعد اختيار د.رزق سليمية رئيساً لها.

وقال المتحدث الرسمي باسم الحكومة إبراهيم ملحم رداً على سؤالٍ حول ما إذا كانت الحكومة تُعوّل على تغيُّرٍ مرتقَبٍ في سياسة الإدارة الأمريكية الجديدة إزاء القضية الفلسطينية: "إن كل ما يهمنا في هذه المرحلة هو انتهاء حقبة ترامب وإدارته ومعها سياساته وصفقته الجائرة والمناقضة لقرارات الشرعية الدولية".

وأضاف: "إنه بالرغم من أنه لا تراودنا أيّ أوهامٍ إزاء تغيير إدارة الرئيس المنتخب جو بايدن سياستها المنحازة لإسرائيل، فإننا نأمل أن تتعامل الإدارة الجديدة مع القضية الفلسطينية على أساس قرارات الشرعية الدولية".

واعتبر ملحم أنه بانتهاء حقبة ترامب، التي كانت من أكثر الحقب سوءاً في تعامُل الإدارات الأمريكية المتعاقبة مع القضية الفلسطينية، فإنّ مرحلةً جديدةً ستنشأ من شأنها أن تفتح أمام الحكومة أبواباً كانت مغلقة، وستزيل من طريقها تحدياتٍ أعاقت برامجها، لا سيما تلك المتعلقة بالشباب والبرامج التنموية والتعليمية والاقتصادية؛ عبر اعتماد سياسةٍ تزيد من فرص التشغيل للعاطلين عن العمل، عبر توليد المزيد من فرص العمل بفتح منشآتٍ جديدةٍ تُسهم في تخفيض أرقام البطالة، من خلال إطلاق مشاريع عمرانية وإسكانية لاستيعاب آلاف الأيدي العاملة وتوفير مساكن للأزواج الشابة.

وحول ما أُشيع إزاء إمكانية إسناد ملف أمانة سر منظمة التحرير لرئيس الوزراء الدكتور محمد اشتية، قال ملحم: إنه لا توجد أي رغبة لدى رئيس الوزراء بشغل هذا المنصب، وإن سيادة الرئيس سيختار الشخصية التي يراها مناسبة من أعضاء القيادة لتولي هذا المنصب.

حكومة اشتية في مواجهة الأزمات

ويرى مراقبون أن الحكومة تمكّنت من تسجيل قصة نجاح في المرحلة الأُولى من انتشار الوباء عبر سياساتها الصحية والأمنية والإعلامية في رصد الوباء وتتبُّع المصابين به، واعتماد الشفافية والوضوح في إيجازاتها الإعلامية اليومية التي استطاعت من خلالها التصدي للشائعات وبناء جسورٍ من الثقة بينها وبين المواطنين، ما أسهم في رفع مستوى الوعي المجتمعي بمخاطر الوباء وتقليص مساحة انتشاره.

ويقول المراقبون إنه ليس من الإنصاف الحكم على أداء الحكومة بمعزلٍ عن أزماتٍ لم تكن مسؤولةً عنها، بقدر ما كانت مفروضةً عليها، وتمكنت من اجتيازها بأقل الخسائر، بل وسجلت قصة نجاح في المرحلة الأولى من انتشار الفيروس بتمكُّنها من تسطيح المنحنى الوبائي وبلوغ أعداد الإصابات الصفر، في حين لم تتجاوز ذروة الإصابات في تلك الفترة العشرات بعد أن ظلت تُراوح في خانة الآحاد في بداية وصول الجائحة، وأن أعداد الوفيات لم تتجاوز أصابع اليد الواحدة، إذ عزا مراقبون ذلك للإجراءات الاستباقية التي اتخذتها الحكومة لمواجهة الفيروس، والشفافية في الرسائل والتقارير الإعلامية الصادرة عن مكتب المتحدث الرسمي باسم الحكومة، والوعي بمخاطر الوباء الذي تحلى به المواطنون؛ بالبقاء في منازلهم خلال الأشهر الأولى من الجائحة.

واعتبر المراقبون أنّ سياسة المواءمة بين التعايش مع الفيروس، وفتح جميع المنشآت والقطاعات الاقتصادية وفق تدابير وإجراءات صارمة، وهي السياسة التي اعتمدتها الحكومة في المرحلة الثانية من تفشي الوباء، أسهمت في ضخ الحياة في شرايين الاقتصاد، وضاعفت من فرص العمل، وزادت من الإيرادات المحلية الواردة للخزينة، ما مكّن الحكومة من التغلُّب على الكثير من العقبات والوفاء بالتزاماتها الشهرية للموظفين ومُوردي الخدمات، عبر اضطرارها لاقتراض مبالغ من البنوك لسد العجز الناجم عن احتجاز إسرائيل أموال المقاصة وقطع المساعدات الأمريكية والعربية عن السلطة.

وبينما ذهبت العديد من دول العالم، خاصةً دول الجوار، إلى إغلاق المدارس بسبب الارتفاع المتصاعد في أعداد الإصابات في تلك الدول، فإنّ التدابير الوقائية الصارمة التي اعتمدتها الحكومة لاستئناف العملية التعليمية ضمنت استمرار تلك العملية بنجاح كبير، ولم تتسبب الإصابات التي تم تسجيلها بين الطلبة، وبلغت (1389) إصابة من مليون ومئتي ألف طالب وطالبة عادوا إلى مقاعد الدراسة، وإصابة (845) من أعضاء الهيئتين التدريسية والإدارية، هذه الأرقام لم تتسبب بتوقف العملية التعليمية، بل ضاعفت من توخي الإجراءات الاحترازية بوضع موازناتٍ طارئةٍ تضمن استمرار التعليم الوجاهي وفق بروتوكولات التباعد وتقليص أيام الحضور للطلبة، بالرغم مما يترتب على ذلك من أكلاف مالية وترتيبات إدارية.

ويرى مراقبون أنّ الأزمات التي واجهتها حكومة اشتية منذ اليوم الأول لتوليها مهامها حالت دون تمكينها من القيام بالبرامج التي أعدتها، فيما تُشكّل التطورات السياسية في ضوء خروج ترامب وطاقمه من البيت الأبيض فرصةً لالتقاط الأنفاس، وتخفيف الضغوطات التي تمثّلت في قطع المساعدات الأمريكية، وإيعاز ترامب لبعض الدول العربية بوقف مساعداتها للحكومة ووقف المساعدات عن الأونروا، ورفع سيف الضم تطبيقاً لصفقة القرن التي باتت من الماضي في ضوء التسريبات الصادرة عن توجهات الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن بعدم التعامل مع تلك الصفقة وإعادة العلاقات مع السلطة الفلسطينية كما كانت قبل مجيء ترامب، وإعادة فتح مقر منظمة التحرير في واشنطن، واستئناف دفع المساعدات للسلطة ورفع الحظر عن دعم موازنة الأونروا.

وحسب المراقبين، فإنّ مقاربات حكومة اشتية تجاه الحريات، بالرغم من تسجيل بعض الحالات التي سارعت الحكومة لمعالجتها، وتجاه مواجهة الهدر في المال العالم لتوفير النفقات، بإعلانها دمج أو إلغاء أو إلحاق بعض المؤسسات الحكومية غير الوزارية، ونجاحها في التقليل من الأكلاف الصحية والاقتصادية الناجمة عن انتشار فيروس كورونا، ترسل جميعها رسائل لا تخطئها العين نحو استمرار الحكومة في تنفيد خططها خلال المرحلة المقبلة، وحصولها على ثقة الرئيس محمود عباس الذي وصفها بأنها من أكثر الحكومات شفافية، والتي تبدت ملامحها في سياساتها الاقتصادية، والإعلامية عبر الخطاب الأسبوعي لرئيس الوزراء الذي يحدد فيه ملامح السياسة الحكومية واتجاهاتها تجاه العديد من الأزمات والمستجدات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والإيجاز الصحفي اليومي للمتحدث الرسمي الذي كانت الحكومة تجيب من خلاله عن أسئلة الصحفيين بصراحة ووضوح.