هآرتس - بقلم: رفيت هيخت "يبحث غانتس إمكانية تشكيل لجنة فحص من قبل وزارة الدفاع لفحص شراء الغواصات والسفن، هكذا صرخ عنوان مقال لـ (عاموس هرئيل في “هآرتس”). إن غانتس، الذي يعتقد من البداية أن قضية الغواصات تثير مخاوف حقيقية لوجود سلوك معيب من جانب كل الجهات المتورطة فيها، يتردد الآن في تشكيل هذه اللجنة منذ فترة طويلة. والآن يستخدمها بدرجة أكبر كسوط سياسي لإزعاج نتنياهو أكثر من اعتبارها خطوة حقيقية ستعطي الشرعية لمخاوفه. كيف نعرف ذلك؟ قبل أربعة أشهر ونصف قال غانتس في مقابلة مع “واي نت” بأنه يكتفي بموقف المستشار القانوني للحكومة، افيحاي مندلبليت، بعدم فتح تحقيق ضد رئيس الحكومة في قضية الغواصات، وذلك من أجل سلامة الحكومة، أي أن الكيل طفح لدى غانتس، ويريد الإظهار بأنه يمكنه أيضاً أن يثير الغضب.
ورغم أن الكيل طفح لدى غانتس منذ فترة طويلة – ولم يحدث أي شيء، فتهديداته وتحذيراته لا يصدقها أحد، حتى “أزرق أبيض”، لأنه لم يف بها. استراتيجيته السياسية والمتساوقة هي التردد، أو بصورة أدق: الترددات والإدانات. هو يدين مؤيدي نتنياهو الذين صرخوا بأقوال قبيحة أمام بيت عائلة فركش الثكلى في قيساريا، ويدين أيضاً الناشط سدي بن شطريت الذي قارن نتنياهو بهتلر، هي إدانات تشبه الرمال وليس فيها ما يؤكل. من الغريب أن غانتس لم يدرك أنه أمام غوريلا سياسية بحجم نتنياهو ليس لديه امتياز التصرف مثل راقصة الباليه التي لم تقرر بعد خطوة رقصتها التالية، وفي الوقت نفسه تقوم بإيماءات عامة للجمهور. إن هذا يعد، في عهد نتنياهو، تصرفاً مقطوعاً عن الواقع يصل إلى حد الاستغراب.
هذا الخط قد نراه أيضاً في قضية الميزانية، ففي “أزرق أبيض” يقولون إنهم جميعاً – باستثناء هوامش مثل ميكي حيموفيتش التي تضرب بأرجلها، هذا من جهة، ومن جهة أخرى عومر ينكلفيتش التي تؤيد التوطن في الحكومة بأي ثمن – يتفقون على أنه إذا لم يتم تمرير ميزانية 2021 فإن حياة هذه الحكومة الغريبة ستنتهي في كانون الأول – كانون الثاني. ولكن ليس من المستبعد بناء على خلفية سلوك غانتس، بأن هذا الاتفاق قد ينتج عنه مصالحة معينة مخادعة. سيقسم نتنياهو بأن ستكون هناك ميزانية بعد وقت قصير، وهذا قد يغري غانتس. الوضع المحزن لـ”أزرق أبيض” في الاستطلاعات سيساعده في أن يروي لنفسه قصة أخرى.
أعضاء “أزرق أبيض” يتمسكون برواية إنقاذ الديمقراطية واختيار الخيار الأقل سوءاً من بين الخيارات السيئة الأخرى. وإزاء شلل الحكومة وكون الانتخابات باتت مسألة وقت (انتخابات في حزيران بعد استيراد اللقاح والتحسن في أزمة كورونا، ستفيد نتنياهو أكثر بكثير من انتخابات في آذار في وسط الأزمة) هي رواية تتسرب من بين أيديهم كل يوم.
مثلما يعرف غانتس أن نتنياهو لن يطبق اتفاق التناوب معه، فهو يعرف أيضاً أنه نادل سياسي وأن قصته كمرشح لمنصب رئيس الحكومة انتهت. قلبي مع غانتس الذي جاء إلى السياسة مع نوايا حسنة ومع اعتقاد كاذب غرسوه فيه بأنه هو الشخص الذي سينقذ الأمة. بدلاً من أن يشكر الشخص الذي أنقذه في لحظات كان فيها هشاً جداً من ناحية سياسية، فإن نتنياهو كعادته يرد على من يمد له يده بافتراس كل الجسم مثل آكلي اللحوم.
السؤال الذي يجب أن يقف أمام ناظري غانتس هو: كيف سيختار إنهاء حياته السياسية. كشخص تم جره لبضعة أشهر أخرى كي يتمسك بقوة خيالية وإنجازات كبح محددة، أو كمن وضع علامة استفهام على شكل جعل موضوع الغواصات على جدول الأعمال وتحطيم الأدوات في موضوع الميزانية. المعضلة قاسية ومحبطة. كيف يتم تجاوز مهمة الانتحار السياسي هذه: البحث زاحفاً على أربع عن القليل من الأوكسجين أو البحث بجسم مستقيم؟