إعلام إسرائيلي: هكذا يصبح "التنسيق الأمني" الأداة "اليتيمة" بيد القيادة الفلسطينية

الأربعاء 18 نوفمبر 2020 10:44 م / بتوقيت القدس +2GMT
إعلام  إسرائيلي: هكذا يصبح "التنسيق الأمني" الأداة "اليتيمة" بيد القيادة الفلسطينية



القدس المحتلة /سما/

هآرتس - بقلم: جاكي خوري   "إن بيان السلطة الفلسطينية، مساء أمس، حول استئناف التنسيق مع إسرائيل يشكل اعترافاً بفشل السياسة الفلسطينية في السنة الماضية. هذه رسالة أخرى للجمهور الفلسطيني والمجتمع الدولي بأن القيادة الفلسطينية تتصرف بدون استراتيجية واضحة ومبلورة.

بقي الجمهور الفلسطيني، كما هو متوقع، غير مبال بالبيان الذي نشره حسين الشيخ، وزير الشؤون المدنية في السلطة وأحد المقربين جداً من الرئيس محمود عباس. حاول الشيخ وصف هذه الخطوة على أنها انتصار فلسطيني بعد جهود كبيرة للرئيس عباس أمام جهات دولية، وقال إن السلطة قد حصلت من إسرائيل على وثيقة التزمت فيها بتنفيذ جميع الاتفاقات معها. ولكن من المشكوك فيه أن يكون هذا التفسير قد جعل أحداً ما يتوقف للتصفيق له.

كان المستوى السياسي في رام الله ينتظر هذه الخطوة التي تأتي على خلفية الأزمة السياسية والاقتصادية التي تحيط بالسلطة منذ شباط، مع خصم المدفوعات للسجناء وعائلاتهم من استرجاعات الضريبة التي تحولها إسرائيل لرام الله. ورفضت في الحكومة الفلسطينية تسلم الأموال. وفي أيار أعلن الرئيس عباس عن وقف التنسيق مع إسرائيل والإدارة الأمريكية في أعقاب نوايا نتنياهو للضم، وصفقة القرن التي قادها الرئيس الأمريكي التارك ترامب.

عند وقف المساعدات الأمريكية للسلطة وفي ظل غياب استرجاعات الضريبة، لم يبق لرام الله مصادر تمويل كثيرة. وتفشي كورونا وسياسة الإغلاق المتشددة التي اتبعتها السلطة في الموجة الأولى عمقت الأزمة. ومنذ شباط يحصل عشرات آلاف موظفي السلطة على نصف الراتب فقط، وتحولت مسألة دفع الرواتب لتصبح الموضوع الرئيسي لجميع الفلسطينيين. بدون رواتب وسيولة نقدية لا توجد تجارة، وبدون تجارة لن يكون هواء للتنفس.

تصريحات محمود عباس، ورئيس الحكومة الفلسطينية محمد اشتية، وشخصيات رفيعة في السلطة، بأنهم لا ينوون التراجع عن مواقفهم إزاء سلوك إسرائيل لم يتم دعمها بأي عملية سياسية – اقتصادية بالتعاون مع المجتمع الدولي أو الدول العربية. والعالم كان منشغلاً أكثر بالوباء أو ربما يئس من المسألة الفلسطينية بسبب التعاون بين نتنياهو وترامب. معظم دول العالم كانت مشغولة بأزمتها الداخلية، في حين أعلنت الدول العربية الغنية، مثل الإمارات والبحرين، عن التطبيع مع إسرائيل، بدعم أو على الأقل غض طرف سعودي، ومباركة من مصر. ومحاولة الفلسطينيين استصدار بيان إدانة من الجامعة العربية لهذه الاتفاقات فشلت. وهكذا بقوا وحدهم في المعركة.

إزاء هذا الوضع قام عباس والقيادة الفلسطينية بالخطوة المطلوبة وتوجهوا نحو الداخل. في الأسابيع الأخيرة بذلوا جهوداً حقيقية للدفع قدماً بمصالحة فلسطينية داخلية: فقد تم فتح خطوط اتصال مباشرة بين رام الله وغزة، والتقطت شخصيات رفيعة من فتح وحماس الصور معاً في إسطنبول وبيروت والدوحة ودمشق. ومؤخراً، تم إرسال وفد من رام الله برئاسة جبريل الرجوب إلى القاهرة لمواصلة المحادثات مع كبار قادة حماس، وعلى رأسهم صالح العاروري، حيث كان مطروحاً على الطاولة التوصل إلى تفاهمات لإجراء انتخابات للرئاسة والبرلمان.

ولكن رام الله وغزة أدركتا بأن هذه العملية لن تنضج بسرعة، هذا إذا نضجت، وأن عدم الثقة المتبادلة لن يتبدد في لقاءات قمة كهذه، إلا إذا اتخذ الطرفان قراراً استراتيجياً. في هذه الأثناء، لا يلوح هذا القرار في الأفق؛ بسبب رغبة كل تنظيم في استمرار حكمه في قطاعه. وفي ظل غياب أفق كهذا، تقتنع السلطة بأن حماس تقوم بخطوات خاصة بها أمام إسرائيل بتشجيع من قطر، وربما من مصر، وهكذا لا تبدو المصالحة على رأس سلم أولوياتها.

 كل ما بقي هو البحث عن سلم يمكّن من العودة إلى مسار إدارة النزاع أمام إسرائيل بالأدوات المعروفة، وهي التنسيق وتحويل الأموال وانتظار عملية سياسية معينة، مثلما يحدث منذ 25 سنة. طلب الفلسطينيون من إسرائيل وثيقة نوايا موقعة وحصلوا عليها من منسق أعمال الحكومة في المناطق، كميل أبو ركن. وقد حرصوا على أن يتم الحصول على هذه الوثيقة في 17 الشهر الحالي، بعد يومين فقط على احتفال الفلسطينيين بيوم الاستقلال الفلسطيني الذي أعلن عنه ياسر عرفات في الجزائر عام 1988، وعشية زيارة وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، إلى إسرائيل، التي سيزور خلالها أيضاً مستوطنة بسغوت. في العام 1988 بكى الفلسطينيون انفعالاً، والآن يبكون بسبب الاستخذاء.