معاريف: القيادة الفلسطينية… عودة إلى طاولة المفاوضات مع إسرائيل أم استمرار الوضع الراهن؟

الإثنين 12 أكتوبر 2020 07:25 م / بتوقيت القدس +2GMT
معاريف: القيادة الفلسطينية… عودة إلى طاولة المفاوضات مع إسرائيل أم استمرار الوضع الراهن؟



القدس المحتلة / سما /

معاريف - بقلم: د. عيدو زلكوبيتش  رئيس برنامج دراسات الشرق الأوسط في كلية عيمق يزراعيل

منذ بداية المسيرة السياسية بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، عمل الفلسطينيون على خلق جبهة عربية واسعة تدعم موقفهم، وطلبوا من العالم العربي ألا يطبع علاقاته مع إسرائيل طالما لم يتحقق اتفاق دائم بين الطرفين يضمن قيام دولة فلسطينية. وأدى دخول بضع دول عربية في مسيرة تطبيع متسارعة مع إسرائيل إلى انهيار مفهوم المفاوضات لدى السلطة الفلسطينية. ويمكننا أن نفهم جولة محادثات المصالحة الحالية بين فتح وحماس على خلفية التغييرات الإقليمية التي نشأت في أعقاب اتفاقات إسرائيل مع الإمارات والبحرين.

يجري منذ أكثر من عقد، دون نجاح حقيقي، حوار بين الحركتين لرأب الصدوع في الساحة السياسية الفلسطينية. تسود بين فتح وحماس أزمة ثقة، ولكن محاولات المصالحة في هذا الوقت ذات مزايا تختلف عن المحاولات السابقة؛ فهذه المرة تجري الاتصالات بين فتح وحماس بينما تجد الحركة الوطنية الفلسطينية نفسها في إحدى لحظات دركها الأسفل، حيث تدير دول في العالم العربي الظهر لها، وهي مطالبة بتفكير متجدد في مسألة إلى أين تسير وجهتها. تجري هذه الأزمة السياسية في وقت توجد فيه قيادة فتح وحماس في فترة انتقالية. بدأت فتح صراعات القوى الداخلية حول مسألة من سيحل محل محمود عباس. أما حماس فهي بصدد عملية انتخابات داخلية يفترض أن تحسم من يقود الحركة في السنوات الأربع المقبلة.

يشهد إجراء محادثات المصالحة بين الطرفين الصقريين في تركيا على عمق الأزمة التي تعيشها السلطة الفلسطينية التي تشعر بأن أصدقاءها التقليديين في الشرق الأوسط يديرون لها ظهر المجن. وجسدت وفاة الشيخ صباح الأحمد الصباح، زعيم الكويت منذ 2006 والمسؤول عن العلاقات الخارجية لهذه الدولة الخليجية منذ نحو خمسين سنة، جسدت بشكل رمزي إحساس العزلة التي يشعر بها الفلسطينيون من جهة دول الخليج. لقد كان الصباح هو الذي قاد إصلاح العلاقات بين الكويت وم.ت.ف بعد الأزمة الكبرى التي نشبت إثر حرب الخليج الأولى حين وقف ياسر عرفات إلى جانب صدام حسين. ولا يشعر الجيل الشاب الذي يتسلم خيوط القيادة في دول الخليج بالالتزام الذي أبداه جيل آبائه بالنسبة للمسألة الفلسطينية. فقد اختار الجيل الشاب هجر “اللاءات الثلاثة” لمؤتمر الخرطوم من العام 1967 (لا مفاوضات مع إسرائيل، لا اعتراف بها، ولا صلح معها) في صالح إقامة سلام إقليمي واقتصادي مع دولة إسرائيل. ولكن رغم التقرب من إسرائيل، لم تهجر دول الخليج المسألة الفلسطينية؛ فقد ثبتت الإمارات إلغاء مخططات الضم كشرط للتوقيع على الاتفاق. والسعودية، التي تقدمت في 2002 بمبادرة السلام العربية على أساس حل الدولتين، وإن كانت تقترب بخطى مدروسة نحو إسرائيل، إلا أنها لا تزال تشترط التطبيع الكامل بتسوية دائمة بين إسرائيل والفلسطينيين.

لولا خطوات التطبيع بين إسرائيل والدول في الخليج ما كنا لنرى محاولات المصالحة مرة أخرى بين فتح وحماس. في ضوء التطورات التي في المنطقة، تشعر الحركتان بواجب أن تُريا الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة بأنهما تحاولان إعطاء جواب سياسي، خارجي وداخلي، للمشاكل الخارجية والداخلية الكثيرة. إن التقارب بين فتح وحماس، الذي يتم برعاية محور تركيا – قطر – إيران، ليس طبيعياً بالنسبة لقيادة السلطة الفلسطينية. يتطلع محمود عباس إلى الثالث من تشرين الثاني، ويأمل أن يتيح له تغيير الحكم في الولايات المتحدة التحرر من الحوار مع حماس، ويأمل في محاولة أن يحرك مسيرة سياسية مع إسرائيل برعاية إدارة أمريكية جديدة، على أساس خطة سلام جديدة. هذه هي لحظة الحقيقة لزعماء الجيل القديم في م.ت.ف. عليهم أن يقرروا إذا كانوا سيعودون إلى طاولة المفاوضات مع إسرائيل ويعملون على تحقيق رؤيا الدولتين، أم يواصلون الوضع الراهن الحالي. اختيار الإبقاء على الوضع الراهن قد ينتهي بتآكل ما تبقى من شرعية لدى السلطة الفلسطينية وصعود حماس كجهة سائدة في الحركة الوطنية الفلسطينية على حساب “فتح”، وهذه ليست مع المصلحة الإسرائيلية. خيراً تفعل حكومة إسرائيل إذا ما خلقت أفقاً سياسياً وأعربت عن تأييد لحل الدولتين، هكذا تساعد في تعزيز المعتدلين في الساحة الفلسطينية وليس المتطرفين.