نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريرا أعده بن أدلر أشار فيه إلى الأساليب التي تستخدمها حملة الرئيس دونالد ترامب من أجل إغراء المتبرعين وتقديم الوعود المالية الغريبة لهم والإهانات أيضا. وقال إن جهود التبرعات اتخذت منعطفا شاذا بنبرة عدوانية.
وبدأ بالإشارة إلى المخاطر المهنية التي تحيط بالصحافي والنابعة من وصول عنوانه الإلكتروني لكل القوائم غير المتوقعة، مثل قائمة إعادة انتخاب دونالد ترامب. وفي الوقت الذي تهدف الحملات الأخرى للتواصل مع أنصارها إلا أن الهدف الرئيسي لحملة ترامب الانتخابية هو الحصول على تبرعات. وطريقة الالتماس أو الطلب من أغرب ما رأى الصحافي.
ومن ناحية النبرة فهي مختلفة عن تلك التي تستخدم في الحملات الرئاسية السابقة أو أي شيء يمكن وصفه بالرئاسي. وبدلا من ذلك فهي تجسد عادة ترامب التي مارسها طوال حياته والتي استعارها من عمله الطويل في عالم العقارات بنيويورك المعروف بعدم أخلاقيته- أي التقدم بمقترحات غير أخلاقية وغير صادقة. وفي الأيام العادية كان الساسة في الحزب الجمهوري الذي تعلموا منه بيع الجماهير نصائح استثمارية، ذهبا وعقارات طبية غير مجربة لمعالجة العجز الجنسي مثلا.
والبائع المتجول الذي يبيع الوعود المشكوك بها الآن هو الرئيس نفسه. فقد أنفقت حملته 800 مليون دولار من الميزانية الكبيرة المخصصة للحملات الانتخابية 1.1 مليار دولار بحلول أيلول/ سبتمبر.
وفي آب/ أغسطس جمع جوزيف بايدن تبرعات أكثر من ترامب بـ155 مليون دولار، وبنهاية أيلول/ سبتمبر تفوق عليه بـ141 مليون دولار ولهذا السبب بدت محاولات ترامب للحصول على التبرعات يائسة وغير ممكنة. ولمعرفة تفكير ترامب بشأن أنصاره السياسيين الذين وصفهم بأنهم حفنة من اللصوص والمخادعين ما علينا إلا النظر إلى الطريقة التي أجبرهم فيها على التبرع بأموالهم من خلال التودد والسباب. فأنت من أحسن الداعمين لترامب طالما قدمت المال لحملته الانتخابية ولكنك لا تعود داعما عندما يقال لك إنك تخليت عن الرئيس ولم تدفع مالا كافيا.
وتأمل الحملة من خلال هذا الأسلوب دفع النصير للتبرع من أجل الحصول على رضى ترامب وإثبات كرمه له. وأحيانا تستخدم الحملة كلا من المديح والفضح مثل هذه التغريدة التي أرسلها ترامب في 14 تموز/ يوليو: “طلبت من فريقي استخدام كل الطرق لدفع أفضل المتبرعين والموالين الوطنيين الذين نعول عليهم دائما. وأشعر بالخيبة للقول إنني عندما طلبت ملفك أنك جئت في أدنى الداعمين لترامب بنسبة 1%”.
ويستخدم ترامب الحيل الإعلانية والتسويقية التي استعارها من القنوات التلفزيونية الدعائية التجارية والتي يعد فيها بزيادة أو تنزيلات لو وعدت بفتح محفظتك المالية وسريعا. كما فعل في نداء أطلقه في 3 آب/ أغسطس: “لقد قررت تفعيل هذا التبرع لمدة 3 أشهر وبتنزيلات 700% من أجل مطابقته. وهذا العرض متوفر فقط في الساعة التالية”.
وبالإضافة للعب ترامب على تأنيب الضمير وألعاب التبرعات فإنه يستخدم الرسائل النصية لجمع التبرعات. وفي أيلول/ سبتمبر أعلن عن وجود تبرع للمطابقة بنسبة 900% متوفر بعد ساعة “لا تنتظر”. وبعد 44 دقيقة ظهرت رسالة من ترامب ونائبه مايك بنس تزعم أن هناك تبرعا للمطابقة وبنسبة 800% ومتوفر لمدة نصف ساعة وذلك بعدما غادر مركز وولتر ميد الطبي.
ويعلق الكاتب أنه وبسذاجة اعتقد أن المزاعم في الالتماسات يجب أن تكون صادقة وإلا فإنها تخرق القوانين التي تدعو لعدم خداع الزبائن والمتبرعين. لكن إعلانات ترامب تتراوح من الكذب إلى عدم الدقة. ولو كان الكاتب من أفضل مؤيدي ترامب لكانت حملته في مشكلة لأنه لم يدفع لها فلسا. وتساءل عن الكيفية التي تتم فيها مطابقة كل تبرع بتبرع آخر بنسبة 500% أو 700% وفي وقت قصير. وهو سؤال لم تجب عليه حملة ترامب.
وتساءل الكاتب عن خرق الحملة المستوى المسموح لها في جمع التبرعات من خلال هذه الوعود الانتخابية بمطابقة كل تبرع بآخر وأضعاف المبلغ الأصلي. ويزعم ترامب بأنه يطابق كل تبرع بآخر وأكبر منذ العام الماضي وحتى قبل مؤتمر الحزب الجمهوري. حيث يندمج الحزب بالحملة الرئاسية وعندما يتمكن الأفراد من دفع مئات الآلاف من الدولارات إلى اللجنة القومية للحزب الجمهوري.
وحتى ذلك الوقت كان يسمح للمتبرع بدفع 5.600 دولار لهذه الدورة الانتخابية. ويقول روبرت غيرنوولد مؤسس “بريف نيو فيلمز” التي لديها خبرة طويلة بجمع التبرعات: “لم نر مطابقة تبرعات بهذا المستوى العالي”، مضيفا: “من ناحية عامة أحيانا ترى مطابقة مبلغ بمبلغ أو ضعفه بمرتين”.
ومن الناحية القانونية يرى الخبراء أن محاولة التزلف للمتبرعين بعبارات مبالغ فيها لا تخرق القانون، مقارنة مع الكذب حول التبرعات ومطابقتها بتبرعات أخرى التي تعتبر في المحكمة خداعا للمستهلك. ومع ذلك لا يوجد قانون في الحملات الانتخابية يعاقب على هذا الانتهاك.
ويقول كريستيان هلاند، المتحدث باسم مفوضية الانتخابات الفدرالية، إن مهمتها منحصرة بتطبيق القيود على التبرعات والمصادر وكيفية إنفاق الأموال. وقال: “التنظيمات التي نعمل بها لا تغطي الخداع أو أي شيء كهذا”.
ويرى مستشار للجمهوريين أن هناك طرقا عدة للحصول على أضعاف ما يتم التبرع به بنسبة 9-1 بدون تجاوز الحدود المفروضة على التبرعات. فمثلا يمكن للحملة الطلب من المتبرعين الكبار تأجيل تبرعاتهم حتى تقوم بالإعلان والدعاية للمتبرعين الصغار وعندها يتم مطابقة ما تم التبرع به وبمبالغ عالية. وربما نظر لهذا كنوع من الخداع خاصة بالنسبة لمن يتبرع بـ50 دولارا ليولد 350 دولارا مقابلها من متبرعين مثل شيلدون إديلسون.
ويقول مات ساندرسون من مجموعة كابلان أند درايسديل التي تعمل مع الزبائن الجمهوريين إن عملية مطابقة التبرعات بمبالغ أعلى منها أصبحت لعبة معروفة في حملات الحزبين الجمهوري والديمقراطي. ولكن الكاتب يرفض الفكرة هذه ويقول إنه جمع معلومات من الحزب الديمقراطي منذ عام 2016 وأثناء الانتخابات النصفية ولم ير دليلا على هذا. ويقول إن بايدن يتجنب هذا وعلق المتحدث باسم المرشح الديمقراطي تي جي دكلو أن ترامب لديه خبرة طويلة في سرقة الناس وتجريدهم من أعمالهم. و”حملته ليس استثناء حيث يقوم بإرسال الرسائل إلى المؤيدين لإحراجهم وخداعهم وتجريدهم من كل سنت”.