قال رئيس قسم الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكريّة (أمان) في الجيش الإسرائيليّ، الجنرال درور شالوم، في حديثٍ حصريٍّ أدلى به لصحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، قال إنّه حتى الآن لم يُثبت أوْ يؤكّد أنّ انسحاب الولايات المُتحدّة الأمريكيّة من الاتفاق النوويّ مع إيران، صبّ في صالح إسرائيل، على حدّ قوله.
وكان الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب أعلن في أيّار (مايو) من العام 2018 انسحاب بلاده من الاتفاق النوويّ المبرم مع إيران عام 2015 وإعادة العمل بالعقوبات المفروضة على طهران، وقال ترامب في كلمة ألقاها من البيت الأبيض: أعلن أنّ الولايات المتحدة تنسحب من الاتفاق النووي الإيرانيّ، واصفًا إياه بالكارثيّ.
ولفتت الصحيفة، التي أكّدت أنّ الحديث الكامل مع الجنرال شالوم، سيُنشَر يوم بعد غدٍ الجمعة، لفتت إلى أنّه في الأسبوع الماضي عندما كشف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن مصنع الصواريخ التابِع لحزب الله في العاصمة بيروت، شعر شالوم بالسعادة والرضا، لأنّه تأكّد له، كما أوضحت الصحيفة، أنّ عمله المُكثّف والدؤوب بات ناجِزًا، وقال الجنرال عن هذا الـ”كشف” إنّه سببّ ارتباكًا كبيرًا للأمين العّام لحزب الله، حسن نصر الله، “ونحنُ نعرِف ما فعله حزب الله بعد حديث نتنياهو، وما هي الأغراض التي أخرجها مُباشرةً من المصنع.. نصر الله في خاطبه الأسبوع الماضي، والذي تطرّق فيه للقضية، كان مُرتبكًا جدًا، لأنّه على علمٍ ودرايةٍ إلى أيّ حدٍّ وصل اختراق المخابرات الإسرائيليّة لحزب الله”، بحسب كلامه.
وزعم الجنرال الإسرائيليّ أنّ مشروع الصواريخ الدقيقة، الذي يقوده حزب الله في بلاد الأرز، بدعمٍ من الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران، مُعرقِل ويعرج، وذلك بسبب النشاط العلنيّ والخفيّ الذي تقوم فيه إسرائيل، حسبما قال، مُضيفًا أنّ قائد الحرس الثوريّ الإيرانيّ السابق، الجنرال قاسم سليماني، هو الذي دفع نصر الله للبدء في هذا المشروع، أيْ الصواريخ الدقيقة، الذي انجرّ وراءه، وبالتالي أدخل نفسه في خطرٍ كبيرٍ، قال الجنرال شالوم.
وتابع "إنّ نصر الله لن يُعلِن عن وقف مشروع الصواريخ الدقيقة، ولكنّه فهم أنّ الاستمرار في تطوير هذا النوع من الصواريخ سيقود لحربٍ، وبإمكانه أنْ يتخّذ قرارًا بإبطاء المشروع، مُدّعيًا أنّ نصر الله وضع لبنان على برميلٍ من المُتفجرات، واصِفًا الأمين العّام لحزب الله بـ”رهينة لدى إيران”، وأنّه اليوم، خلافًا للماضي أصبح داخليًا أكثر ضغطًا ومضغوطًا من ذي قبل، وزعم أيضًا أنّ وضع نصر الله الجديد، يزيد من الضغوط الداخليّة، الأمر الذي قد يدفعه لارتكاب أخطاءٍ "على حدّ تعبيره.
وبحسب مُعّد اللقاء، الصحافيّ يوشي يهوشواع، فإنّ الجنرال شالوم يُعتبَر في الدولة العبريّة بمثابة “الراصد الوطنيّ”، وأنّه ما زال يؤكّد المرّة تلو الأخرى بأنّ العدوّ الرئيسيّ لإسرائيل هو إيران، زاعِمًا أنّ القدرات العسكريّة لـ(حزب الله) ولحركتيْ (حماس) و(الجهاد الإسلاميّ) في فلسطين، مصدرها الدعم الإيرانيّ، وفي حال امتلاك إيران الأسلحة النوويّة، فإنّ هذه الحركات ستُصبِح عنيفةً أكثر ضدّ إسرائيل، كما قال المسؤول الأمنيّ بجيش الاحتلال.
وفي معرِض ردّه على سؤالٍ قال إنّه من الممكِن جدًا أنْ تصِل إيران للقنبلة النوويّة في غضون عاميْن، وهذا الأمر يُقلِق إسرائيل كثيرًا، لأنّه في حال حدوث الأمر فإنّ جميع الطاقات ستُوجّه ضدّ الدولة العبريّة.
وأشارت الصحيفة إلى أنّ الجنرال كان حذِرًا جدًا في عدم الدخول إلى السياسة، وانتقد تصرّفات رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، الذي دفع واشنطن للانسحاب من الاتفاق النوويّ مع إيران، ولذا كان “دبلوماسيًا” في حديثه وأكّد أنّه حتى اليوم لم يُثبت أنّ انسحاب الولايات المُتحدّة من الاتفاق كان في صالح إسرائيل، مُشيرًا إلى أنّ إيران بعيدةً جدًا عن الاستسلام والخضوع لإملاءات الإدارة الأمريكيّة، ومع ذلك أكّد أنّه يؤيّد إستراتيجيّة الضغوطات الأمريكيّة على طهران، التي ترمي برأيه إلى استنفاذ الضغط حتى إيصال الجمهوريّة الإسلاميّة لوضعٍ تُوافِق فيه على إعادة فتح الاتفاق النوويّ بهدف توقيع آخر تماشيًا مع سياسة واشنطن، ولكنْ السؤال الذي سيبقى مفتوحًا فيما يتعلّق بإسرائيل: هل هذه السياسة تخدمها أمْ لا، كما قال.
وفي ختام حديثه أكّد أنّه يؤمن بوجود ثغراتٍ بالاتفاق النوويّ، زاعِمًا أنّه بمثابة برنامجٍ نوويّ إيرانيٍّ تحت المُراقبة الدوليّة، لافِتًا إلى أنّ إيران كدولةٍ عظمى ضعُفت، ولكن هذا لا يعني بأيّ حالٍ من الأحوال بأنّ برنامجها النوويّ كُبِح، كما أنّ الاتفاق النوويّ، اختتم حديثه، على نواقصه، فتح بابًا واسِعًا للتأثير على قضايا أخرى، ولذا كان مُفيدًا وإيجابيًا العمل على تصليحه، طبقًا لأقوال رئيس قسم الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكريّة الإسرائيليّة.