إسرائيل اليوم - بقلم: يعقوب نيجل ويونتان شنزر "دخلت إسرائيل إلى جولة تدهور أخرى على حدود غزة. وما بدأ بإطلاق البالونات الحارقة والمتفجرة ينتقل إلى صواريخ ومناوشات على الجدار، وإرهاب يعرقل حياة سكان الغلاف. كما أن إسرائيل اليوم في أزمة سياسية داخلية محتملة، وكفيلة بأن تؤدي إلى جولة انتخابات رابعة. ويختلف الائتلاف حول أزمة الميزانية، وأزمة كورونا تضرب الاقتصاد، ومعدلات البطالة تتسلق إلى 20 في المئة. ويتطلع الجيش الإسرائيلي إلى البدء بتنفيذ الخطة الجديدة متعددة السنين “تنوفا”، التي تنطوي على تغييرات ثورية في بناء القوة، وميزانية غير جلية، وليس واضحاً إذا ما كانت أولوية الجيش المالية ستعطى في هذا الوقت".
البالونات المتفجرة والصواريخ المتوجهة إلى إسرائيل من قطاع غزة وجدت الجيش الإسرائيلي وهو في حالة تأهب، ورئيس الوزراء ووزير الدفاع يهددان بالرد بقوة على كل استفزاز، ولكن يبدو ان حماس غير مردوعة في هذه المرحلة. العكس هو الصحيح، فقد شددت حماس أعمالها. فالزعامة الكفاحية بقيادة السنوار وهنية تسعى على ما يبدو لإضعاف خصمها مشعل قبيل الانتخابات القريبة. وتسعى حماس لاستغلال الأجواء السياسية في إسرائيل والرغبة في الحفاظ على الهدوء كي تدفع الحكومة لمواصلة التنسيق مع قطر وضخ التمويل، بحيث لا تكون حتى نهاية 2020 بل حتى نهاية 2021، مقابل إعادة الهدوء.
قد يكون لحماس منطق في حساباتها، ولكن ليس صحيحاً أن يبقى لبنان وسوريا (إيران في الخلفية)، هي الأفضلية الأولى لإسرائيل، وليس معقولاً أن تسمح قيادة إسرائيل لحماس هذه المرة مواصلة إملاء قواعد اللعب. فقد وعد الزعماء برد حاد على الاستفزازات. والجيش الإسرائيلي، إذا ما واجه التحدي، فسيعرف كيف يرد بحزم. من المهم خلق معادلة جديدة، لا تفرق بين بالون حارق وآخر متفجر أو صاروخ. لقد نشأت في إسرائيل أجواء تفيد بأن على الجيش الإسرائيلي أن يعيد تثبيت ردعه من خلال إطلاق رسالة واضحة وحاسمة لحماس، في أن معادلة “الألم/المنفعة” تتغير في غير صالحها.
لقد نشرت إسرائيل منظومة ليزر تكتيكية لاعتراض البالونات، كوسيلة دفاع أخرى. ويعتقد كثيرون بأن هذا جهد زائد، ولكن هذا -في ضوء توصيتنا- لا يختلف عن نشر قبة حديدية لاعتراض الصواريخ. في كل الأحوال، الليزر ليس رداً كافياً. فجعل مطلقي البالونات أهدافاً مشروعة هو السبيل لإعادة تثبيت الردع، وهو لا يختلف عن السياسة الإسرائيلية للمس بالنشطاء الذين يطلقون الصواريخ. في هذا النشاط إمكانية كامنة للتصعيد، ولكنها مخاطرة ينبغي ويجب أخذها.
حزب الله في حالة ضغط
في الشمال الوضع أكثر تعقيداً. كان حزب الله، بدعم من إيران، في ذروة جهد ثأر أحبطته إسرائيل. انفجار بيروت أضاف للمعالجة تعقيداً آخر، ما يدخل التنظيم في حالة ضغط إضافية.
إن مخططات حزب الله بالنسبة لإسرائيل لم تتغير، حتى عندما يتظاهر الناس ضده. فقيادة التنظيم كفيلة بأن تخطئ فتعتقد بأن إسرائيل لن ترد على استفزازها، سواء بتنفيذ ثأر أم بتحقيق برنامج صواريخ دقيقة. و”حزب الله” هنا مثل حماس في غزة، يخطئ أيضاً.
لقد عاد رئيس الوزراء والكابينت وشددوا على سياسة بعيدة السنين في الشمال متمثلة بصفر تسامح تجاه وجود قوات إيرانية أو فروع لها على الأراضي السورية، وأعمال إرهاب على طول الحدود، ومحاولات نقل سلاح متطور إلى حزب الله في لبنان عبر سوريا أو مباشرة. وسيتخذ الجيش الإسرائيلي رداً قاسياً في كل مرة يتم فيها اجتياز أي من هذه الخطوط الحمراء.
إيران، التي تقرر بشكل عام الهجوم على إسرائيل، تتصرف في هذه الأثناء بحذر منتظرة انتخابات الولايات المتحدة وإمكانية انتصار ديمقراطي يؤثر على سياسة “الضغط الأقصى” الذي دهور اقتصادهم، إضافة إلى المشاكل التي خلقها كورونا والأزمة العالمية. ستفضل إيران على ما يبدو الحفاظ الآن على مخزن سلاح حزب الله لمواجهة مستقبلية مع إسرائيل. من جهة أخرى، تشكل حماس ذخراً استراتيجياً أقل أهمية يمكن لإيران أن تستخدمه. ويراقب الجيش الإسرائيلي عن كثب الحدود الجنوبية، ومن زاوية نظره، كل فروع إيران ملزمة بأن تخشى المواجهة.