تستنكر المنصة الدولية للمنظمات العاملة من أجل فلسطين "آي بالستاين" سياسة العقاب الجماعي التي تستخدمها سلطات الاحتلال الإسرائيلي كإجراء روتيني بحق المواطنين الفلسطينيين في قطاع غزة، الذي يشهد حصاراً اقتصادياً للعام (14) على التوالي. وفي هذا السياق فقد أعلن منسق أعمال حكومة الاحتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مساء يوم الأربعاء 12/8/2020م عن إجراءات جديدة لتشديد الحصار المفروض على القطاع، تتمثل في فرض قيود على دخول وخروج البضائع من معبر كرم أبو سالم التجاري وهو المعبر الوحيد المخصص لنقل البضائع من وإلى قطاع غزة، ووقف إدخال الوقود والإسمنت، وتقليص مساحة الصيد، الأمر الذي يُدخل القطاع في معاناة مضاعفة، خاصة في ظل العجز الذي يعاني منه جرّاء تفشي فيروس كورونا وإغلاق كافة المداخل والمخارج مع العالم الخارجي، والانهيار الاقتصادي، وتدهور الوضع الصحي، وتحديات التعليم.
إن قطاع غزة يعاني منذ عام 2006م من حصار إسرائيلي مُشدد أدى إلى تدهور غير مسبوق في الأوضاع الاقتصادية ومستويات المعيشة وانتشار البطالة والفقر، وازدادت تداعيته في ظل جائحة كورونا، حيث بلغت نسبة البطالة وفقاً للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني 52%، كما ارتفعت نسبة الفقر بين سكان القطاع لتصل إلى ما نسبته 53%، كما أظهرت المعطيات المتوفرة أن ما نسبته 68.5% من الأسر تعاني من انعدام الأمن الغذائي، ووفقاً للأونروا فإن ما يقارب 80٪ من السكان يعتمدون على المساعدات الغذائية. كما أنه من المتوقع بعد قرار سلطات الاحتلال منع إدخال الوقود للقطاع أن تتفاقم أزمة الكهرباء بحيث تصل نسبة العجز إلى 76%، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع ساعات انقطاع التيار الكهربائي عن منازل المواطنين لتصبح عدد ساعات الانقطاع تصل الى 18 ساعة يومياً.
إن الإجراءات الإسرائيلية الجديدة الهادفة إلى تشديد الحصار على قطاع غزة في زمن كورونا، ستحقق ما توقعه تقرير الأمم المتحدة الصادر عام 2012م الذي جاء فيه أن القطاع لن يكون صالحاً للعيش فيه بحلول عام 2020م، وعليه فإن "آي بالستاين" تحذّر من أن قطاع غزة سيشهد كارثة انسانية حقيقية لن يكون بمقدور المواطنين تحملها خلال الأسابيع القادمة، خاصة في ظل وجود آلاف المواطنين في أماكن الحجر الصحي، وهم بحاجة ماسة إلى تهوية ومياه نظيفة وعناية صحية دائمة، وفي حال لم تتراجع السلطات الإسرائيلية عن قرارها بمنع إدخال الوقود، فستكون معاناة المواطنين خاصة المحجورين منهم مضاعفة للغاية .
تؤكد "آي بالستاين" أن الإجراءات الإسرائيلية الجديدة بحق قطاع غزة تأتي تحت إطار تشديد الحصار الإسرائيلي المفروض عليه، والذي يعد أحد أشكال العقاب الجماعي المحظور في القانون الدولي، حيث نصت المادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة على أنه " تحظر العقوبات الجماعية وبالمثل جميع تدابير التهديد أو الإرهاب" كما نص البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 في المادة 54 على حظر تجويع السكان المدنيين بوصفه أحد أساليب الحرب . كما أنه يُشكل نموذجاً لانتهاك سلطات الاحتلال لواجبتها كدولة احتلال بموجب اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، والبرتوكول الإضافي الأول لعام 1977 المتعلق بالنزاعات المسلحة الدولية. وتشير "آي بالستاين" أن من واجب دولة الاحتلال حسب الاتفاقيات الدولية أن تعمل على تزويد سكان قطاع غزة بالمؤونة الغذائية الضرورية والإمدادات الطبية، وفي حال نقصها فيجب العمل على ضمان وصول عمليات الإغاثة لمصلحة السكان المدنيين المحتاجين إليها ، كما أنه يجب على دولة الاحتلال أن تضمن شروط الصحة العامة وضمان سير المنشأت الطبية .