صحيفة عبرية: إسرائيل و”حزب الله”... بحث لإنهاء القصة أم استعداد على خطوط المواجهة؟

الأحد 26 يوليو 2020 07:45 م / بتوقيت القدس +2GMT
صحيفة عبرية: إسرائيل و”حزب الله”... بحث لإنهاء القصة أم استعداد على خطوط المواجهة؟



القدس المحتلة / سما /

إسرائيل اليوم - بقلم: يوآف ليمور "إسرائيل و(حزب الله) يجدان نفسيهما مرة أخرى في دينامية خطيرة من التصعيد. يتعلق شكل تطور هذا التصعيد، كما الحال دوماً، بمدى ضبط النفس ورباطة الجأش لدى قيادتي الطرفين، ولكن بقدر لا يقل عن ذلك بالحظ".

يعتزم حزب الله تنفيذ عملية في الأيام القريبة المقبلة. هذا هو سبب تعزيز حالة التأهب والاستعداد على الحدود مع لبنان. وسبق لحسن نصر الله أن أعلن سابقاً بأنه سيرد من لبنان على كل ضربة لرجاله حتى إذا كانت تمت في الأراضي السورية. هكذا تصرف في أيلول من العام الماضي، في أعقاب تصفية خلية مطلقي الحوامات المتفجرة في الجولان السوري؛ وهكذا يعتزم عمله الآن، كثأر على مقتل واحد من نشطائه في هجوم نسب إلى إسرائيل الإثنين الماضي على مطار دمشق.

معقول ألا تكون إسرائيل عرفت بوجود ناشط حزب الله في مخازن السلاح التي تعرضت للهجوم. وتتركز الجهود في الغالب للامتناع عن قتل الأشخاص منعاً لرد الفعل. ولكن من اللحظة التي قتل فيها الناشط (الصغير نسبياً) يكون الواقع قد فعل فعله: فقد بدأت الشبكات الاجتماعية في لبنان تعصف، وقال المعقبون إن نصر الله لا يفي بكلمته. يخيل أنه تردد في الرد في الأيام الأولى، ولكن يفهم من سلوك الجيش الإسرائيلي بأن القرار اتخذ.

نصر الله لا يريد حرباً، لأنه يعيش في أزمة غير مسبوقة، فلبنان محطم اقتصادياً على شفا الإفلاس، ومعدلات البطالة تناطح السحاب. ويعدّ حزب الله بمجرد مشاركته في الحكومة جزءاً من المشكلة. غضب الشارع يوجه إليه أيضاً، وبالتأكيد حين تكون المشاكل تنبع في بعض منها من العقوبات الاقتصادية التي فرضت على التنظيم ومن العبء الواقع على المنظومة المالية في لبنان.

لا تتجاوز الأزمة “حزب الله” في صفوفه الداخلية أيضاً. فالتمويل الإيراني تقلص دراماتيكياً: هبوط ببضع مئات ملايين الدولارات في السنة في أعقاب الوضع الاقتصادي الصعب في إيران، والتي هي الأخرى تختنق تحت نظام العقوبات. واضطر نصر الله للمناورة بغية النجاة. أما حرب توقع الخراب على لبنان، ولا سيما على الطائفة لشيعية، فلن تعطيه شيئاً. عندما فعل هذا في 2006، أعرب عن أسفه بأثر رجعي. “نصر الله شيعي، ولكنه ليس انتحارياً”، هكذا أجاد مسؤول كبير في الجيش الإسرائيلي الوصف هذا الأسبوع.

الرد، ولكن بشكل صغير

معقول أن يحاول نصر الله السير بين القطرات. أن يرد، ولكن بالحد الأدنى الممكن. لو كان بوسعه أن يقتل جندياً واحداً، مقابل واحد، لاكتفى بذلك. العين بالعين، وإنهاء القصة. يمكن الافتراض بأن هذا أيضاً هو ما يبحث عنه: هدف سهل يمكن إصابته من الأراضي اللبنانية، بواسطة صاروخ مضاد للدروع، أو عملية قنص أو عبوة ناسفة.

         الجيش الإسرائيلي يستعد لهذا، ومنذ الجمعة ليلاً تتقلص الأهداف. كل المجال الشمالي، المكشوف على الأراضي اللبنانية، حظرت فيه حركة المركبات العسكرية، ويسمح للمواطنين بمواصلة حياتهم العادية انطلاقاً من الفهم بأن حزب الله يبحث عن هدف عسكري، ولكن ذلك فرض على الجيش قيوداً متشددة كي لا تسهل الحياة على حزب الله.

تفيد تجربة الماضي بأن الهدف سيعثر عليه أخيراً. وكما هو الحال دوماً، سيقتحم خط التماس. هكذا حصل أيضاً في السنة الماضية، عندما تحركت سيارة إسعاف عسكرية بخلاف الأوامر قرب “أفيفيم” وهوجمت صواريخ مضادة للدروع. وبمعجزة فقط انتهى هذا الحدث دون أن يقتل المسافرون الخمسة الذين في المركبة. صحيح أن الجيش الإسرائيلي عرض الحديث في حينه كنجاح، ولا سيما لنجاح الجيش في تنفيذ مناورة تضليل، ولكن هذا كان فشلاً مدوياً: بالحظ فقط منع حدث خطير كان سيدهور الوضع بيقين إلى تصعيد غير معروف النهاية.

هذا هو الوضع الآن بالضبط. إذا أصاب حزب الله جنوداً ستكون إسرائيل مطالبة بأن ترد. ولهذا الغرض أرسلت قوات تعزيز إلى الشمال، ووضعت منظومات إضافية (ولا سيما سلاح الجو) في حالة تأهب. سيكون التدهور متعلقاً، كما أسلفنا، بالزعماء وبالحظ. صحيح أن ليس للطرفين مصلحة في الحرب، ولكن لهم قدرة على الامتصاص دون الرد.  

نحو رد إيراني

­ظاهراً، كان يمكن لحزب الله أن يقلص هذه المخاطرة ويرد في جبهة هضبة الجولان. ولكن الجيش الإسرائيلي يستعد لهذا أيضاً: هجوم مروحيات أول أمل (رداً على نار مضادات الطائرات السورية التي سقطت في الأراضي الإسرائيلية) استغل أيضاً لتدمير منظومات رقابة ونار موقعها في الجانب السوري من الحدود، وكان من شأنها أن تهدد إسرائيل.

وثمة سبب آخر لهذا التأهب في الجبهة السورية، وهو إيران؛ فطهران مصممة على الرد على الضربة الشديدة التي حدثت بداية الشهر في مصنع إنتاج وتركيب أجهزة طرد مركزي متطورة في نطنز نسبت إلى الموساد. والتقدير هو أن الرد سيأتي من الأراضي السورية، وسيكون منفصلاً عن رد حزب الله على مقتل ناشطه في دمشق. وحسب ما هو معروف، فإن هذين الحدثين يجريان كل منهما على انفراد: الإيرانيون يديرون “ردهم” ونصر الله يدير “رده”.

يعد هذا الوضع بأن تستمر حالة التأهب العالي على الحدود الشمالية للأيام القريبة المقبلة على الأقل. في أيلول، استغرق حزب الله أسبوعاً للرد. وهذه المرة قد يسعى لتقصير الجدول الزمني، والاكتفاء بضربة ضد إسرائيل قبل عيد الأضحى الذي يبدأ في أواخر هذا الأسبوع.

التتمة متعلقة بنتيجة هجوم حزب الله. إذا لا سمح الله قتل، فإنه سيواجه هجوماً مضاداً. من هنا، فإن الطريق إلى التصعيد سيكون قصيراً. إسرائيل ولبنان، اللتان تختنقان تحت كورونا والاقتصاد، ستجدان نفسيهما في معمعان غير مرغوب فيه.

من يبحث عن المؤامرات، من هنا ومن هناك، مدعو لأن يهدأ. فالتوتر والتأهب حقيقيان تماماً. وهذا السيناريو يظهر في كل تقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية “أمان” في السنوات الأخيرة، وبالتأكيد على خلفية حجم الهجمات في سوريا. نأمل في أن يبدي الطرفان الآن التفكر الذي يرافق سلوكهما منذ حرب لبنان الثانية فينجحا في إنهاء القصة دون أن يعلقا في معمعان خطر.