هآرتس - بقلم: تسفرير رينات "الدولة تدفع قدماً بخطة لغرس أشجار على مساحات تبلغ عشرات آلاف الدونمات في النقب. وتستهدف الخطة منع وصول السكان البدو إلى أراضيهم. يدور الحديث عن وسيلة تعتبر “أراضي زراعية”. لكن حسب أقوال نشطاء محليين ومنظمات لحقوق الإنسان، فإن هذه الخطة تستخدم لإضعاف صلة البدو مع أراضيهم التي توجد لديهم على قسم كبير منها ادعاءات بالملكية، وقسم آخر يستخدمونه للزراعة. وحسب أقوال شركة حماية الطبيعة، فإن لهذه الخطوة تداعيات مدمرة على البيئة الصحراوية. وقد تمت بالالتفاف على إجراءات التخطيط. عملية الغرس هذه ستنفذها “الكيرن كييمت”.
خطة الغرس التي تمتد على منطقة تبلغ 40 ألف دونم حول مستوطنات “سيغف شالوم” و”أبو تلول”، نوقشت أمس في لجنة تنسيق متعددة الوزارات، التي تعالج هذا الموضوع. شُكلت هذه اللجنة قبل خمس سنوات، ويترأسها ممثل سلطة أراضي إسرائيل، إسرائيل سكوب. في هذه المرحلة، قررت اللجنة البدء بعملية الغرس في جزء من المنطقة. قبل خمس سنوات، تشكلت اللجنة في أعقاب التماس قدّمته شركة حماية الطبيعة للمحكمة العليا ضد سياسة الغرس لسلطة أراضي إسرائيل. وقالت هذه المنظمة إن السلطة تنفذ الزراعة بصورة تعارض إجراءات التخطيط. ورداً على الالتماس، وافقت الدولة على تشكيل لجنة التنسيق التي يمكنها المصادقة على الغرس.
يتم تنفيذ أعمال الغرس في النقب منذ ذلك الحين بين فينة وأخرى. ومؤخراً، تم القيام بأعمال قرب القرية البدوية غير المعترف بها، خربة الوطن، التي تقع شرق البلدة المعترف بها تل شيفع التي يعيش فيها نحو 4500 شخص. وفي هذه الحالة توجه السكان إلى الوزير عمير بيرتس، المسؤول عن سلطة تنظيم الاستيطان، وهو بدوره عمل على وقف الأعمال. ولكن سلطة أراضي إسرائيل مخولة بمواصلة الأعمال حتى بدون تنسيق مع سلطة تنظيم الاستيطان. ورداً على ذلك، توجه عضو الكنيست بتسلئيل سموتريتش (حزب يمينا) بشكوى لرئيس الحكومة نتنياهو، وقال إن الأمر يتعلق بوقف “نشاط صهيوني مهم لا مثيل له”.
“ذات يوم، ظهرت تراكتورات ومعدات أخرى، وبدأت بحفر قنوات قرب البيوت “، قال ماجد الشنارنة، رئيس لجنة القرية التي توجد في مرحلة التخطيط ومنح الاعتراف القانوني. “هذا أثار الخوف، ففي البداية كانت هناك شائعة بأنهم يريدون نقلنا إلى مكان آخر. وكل ذلك حدث في المناطق التي هي بملكية سكان القرية منذ أجيال. لم يكن هناك أي لافتات أو تفسير لما يفعلونه. وقد توجهنا لرابطة حقوق إنسان لمساعدتنا وأقمنا خيمة احتجاج”. في نهاية المطاف، تم وقف الأعمال، ولكنها استؤنفت الأسبوع الماضي، وتم وقفها مرة أخرى في الأيام الأخيرة. “هذه المرة قالوا لنا بأنهم ينوون العمل في مناطق لا يوجد حولها ادعاءات بالملكية”، قال الشنارنة. “وقلنا لهم إن هذه المنطقة مهمة أيضاً لمستقبل البلدة؛ لأننا سنحتاجها من أجل المباني العامة”. يأمل الشنانرنة أن تدير الدولة حواراً مع لجنة القرية، وهو الأمر الذي سيمنع الاحتكاك وقد يعمل على تسوية المكانة التنظيمية للبلدة.
المناطق الجديدة المخصصة للزراعة توجد، ضمن مناطق أخرى، قرب القرية البدوية أبو تلول. “ليس من الواضح لي كيف يريدون الزراعة بدون التنسيق مع سكان البلدات التي توجد في المنطقة والذين يملكون ادعاءات بشأن المنطقة”، قال عصام العطية، أحد سكان القرية، الذي يترأس مجلس القرى غير المعترف بها. “سنعارض، ولن نسمح لهم بأخذ الأرض. يبدو أن الدولة تشعر بأنه يمكنها فعل ما تشاء مع البدو. فهم لا يعتبروننا بشراً. وسنبلغ جميع العائلات في المنطقة وسنجندها لوقف هذا العمل”.
إضرار كبير بالنظام البيئي
أمس، قبل الجلسة، توجهت شركة حماية الطبيعة إلى سكوب وطلبت وقف العملية. وحسب المنظمة، يدور الحديث عن عملية تناقض ما تم الاتفاق عليه في المحكمة. “لجنة التنسيق استهدفت تسوية زراعية بحجم مقلص في حالات معينة ومستعجلة التي فيها تهديد مثبت لخطر اقتحام محدد للأرض”، قالوا في الشركة. “حسب البيانات عن المساحات المطلوبة للزراعة، فان الأغلبية الحاسمة من هذه الأراضي لا يوجد فيها الآن أي خروقات بناء”.
حسب شركة حماية الطبيعة، فإن مخططات زراعة بهذا الحجم تقتضي التنسيق مع لجنة التنظيم والبناء اللوائية. وسبب ذلك الرئيسي، هو التأثير بعيد المدى للتحريج على النظام البيئي الصحراوي. معظم المنطقة التي يدور الحديث عنها تنتمي إلى تربة اللوس، التي هي تربة خصبة تتكون من ترسبات ذرات طفيليات في النقب –دفيئة لنمو جميع أنواع النباتات والحيوانات النادرة– وجزء كبير من الأراضي تم الإضرار به في السابق بسبب نشاطات تطوير وفلاحة الأرض. وحسب أقوال المنظمة، فإن تطبيق مخططات الزراعة يقتضي الصعود على الأرض مع معدات ثقيلة والقيام بأعمال ترابية وزرع أشجار من خلال تغيير جوهري للمشهد الصحراوي. التقدير هو أن الأنواع التي تميز المنطقة اللوسية ستختفي لصالح حيوانات أخرى تناسب الأشجار التي غرسها الإنسان.
“زراعات سلطة أراضي إسرائيل في مناطق واسعة في النقب هي طريقة أخرى للدولة للتنكيل بحياة السكان البدو”، قال سيزار يهودكن، مخطط مدن من جمعية “بمكوم”، التي تعمل من أجل حقوق التخطيط. “بدلاً من التحدث مع الزعماء المحليين للدفع قدماً بحلول لترتيب الاستيطان القائم وتطوير مصادر تشغيل من أجلها، فإن الدولة تستغل قوتها لتقليص الفضاء الذي يعيش فيه السكان وتمنعهم من إمكانية الحصول على مصدر رزقهم الأساسي من الزراعة التي لا تضر أحداً. علينا الأمل بأن الجهات المسؤولة عن ذلك ستستيقظ وتدرك بأن من الأفضل العمل بطرق أخرى”.
رداً على ذلك، جاء من سلطة أراضي إسرائيل: “سلطة أراضي إسرائيل تعمل على الحفاظ على أراضي الدولة، ومنها الزراعات. يدور الحديث عن خطوة ناجحة أثبتت نجاعتها في السنوات الأخيرة وهي تتم حسب جميع القوانين ووفقاً للقواعد المطلوبة. السلطة تعمل على الحفاظ على المناطق المفتوحة والطبيعة من سيطرة غير قانونية وتستثمر في هذه المناطق عشرات ملايين الشواقل بواسطة صندوق حماية المناطق المفتوحة. علينا التأكيد بأن المحكمة العليا رفضت موقف شركة حماية الطبيعة. واللجنة تعمل بشكل دقيق حسب قرار المحكمة وتناقش كل الملاحظات ومواقف الوزارات ذات الصلة”.