عاد اسم يهودا غليك إلى صدارة وسائل الإعلام في الأيام الأخيرة، وذلك حينما اقترب من منزل عائلة الشهيد اياد الحلاق في منطقة وادي الجوز، والذي قتل بدم بارد قبل نحو عشرة أيام برصاص ما يسمى بحرس الحدود في أزقة شوارع القدس العتيقة، ولم تحميه إعاقته أو معلمته التي صرخت بأنه معاق، ولكن النتيجة أن إياد استشهد بسبع رصاصات، وربما أكثر حينما كان مستلقياً على الأرض يحاول الاحتماء من رصاصهم.
كانت زيارة غليك إلى محيط المنزل بمثابة استفزاز واضح للأهالي، فتصدى له أحد الشبان المتواجدين في بيت العزاء وقام بطرده بعد مشادة كلامية، ادعت شرطة الاحتلال أنه قام بضربه فهرعت كل جهزة الاحتلال لتعتقل هذا الشاب بتهمة"الاعتداء على غليك"، وبدأت بتقديمه للمحاكة بهذه التهمة، أما غليك صاحب الحصانة التلمودية كما يحب أن يصف نفسه، ظل طليقاً بل يخطط لاقتحام الأقصى، واستفزاز المواطنين وهو معروف لكل المرابطين هناك.
لأنه لا يقوم باقتحام الأقصى وحسب، بل يعمل على استفزاز المرابطين والمصلين، وفي كثير من الأحيان يطالب بطردهم وإغلاق الأقصى في وجهوهم، وبحسب أحد النشطاء الذي فضل عدم ذكره اسمه، أنه قال ذات مرة "هنا ليس الأقصى، هنا الهيكل وهذا يجب أن يهدم"، طالباً من الفلسطينيين أن يبحثوا عن مكان آخر للأقصى، إما في الأردن أو في السعودية، وكل هذا الكلام العدائي والاستفزازي يسمعه ضباط الشرطة والمخابرات على حد سواء الذين يرافقون المقتحمين دون أن ينبسوا بأي كلمة، حتى حينما يطلق تهديدات صارخة تدعو إلى القتل على شاكلة "ارحلوا من هنا قبل أن تقتلوا".
تثبت الوقائع المتلاحقة أن دولة كاملة تعمل على حماية المتطرفين اليهود بغض النظر عن تصرفاتهم وممارساتهم العدوانية ضد الشعب الفلسطيني وممتلكاته، حتى لو أن هؤلاء أصابوا أو قتلوا فلسطينيين، فإنه يتم غض الطرف عن توغلاتهم بحسب ما يقوله الناشط محمد بريجية، ويضيف أنه في حالة أن يدافع الفلسطيني عن نفسه وأهله وممتلكاته فإنه سيكون في عين عاصفة العقوبات الاسرائيلية التي لا تنتهي، والتي تصل إلى حد معاقبة عائلته بأسرها، سواءً بهدم المنزل أو اعتقال أكبر عدد من أفرادها.
ويعتبر الفلسطينيون المتطرف الصهيوني شديد العداء للفلسطينيين وللمسجد الأقصى تحديداً، يهودا غليك، مثالاً صارخاً على ذلك، فهو الذي يقود معظم الاقتحامات للمس بالأقصى، ويحرض على اقتحامه.
ليس ذلك وحسب، بل إن هذا المتطرف والذي شغل عضو كنيست عن حزب الليكود يتزعم منظمة هاليبا المتطرفة، وهي ائتلاف من جماعات يهودية متطرفة، تهدف كذلك لتحقيق الولوج الشامل إلى جبل الهيكل كما يسمونه.
ولعل الاستفزازات والاعتداءات المتواصلة على الأقصى والمصلين بداخله، وعلى أبناء الشعب الفلسطيني قاطبة، حدت بشاب مقدسي من سكان حي الثوري بالقدس المحتلة يدعى معتز حجازي والمولود عام 1982 أن يدبر حادثة اغتيال لهذا المتطرف، وهي عملية فردية، فلم يستطع أن يتحمل عدوانية غليك، فدبر عملية الاغتيال صباح الثلاثين من اكتوبر عام 2014، وكان يستقل دراجة نارية في شوارع القدس الغربية، ونصب كمين لغليك، ما أدى إلى إصابته بجروح خطيرة، وتشافى منها بأعجوبة حسب عديد من النشطاء، وما هي إلا لحظات قليلة حتى قامت قوة عسكرية كبيرة بمحاصرة منزل معتز وأطلقت النار عليه، إلى أن استشهد.
وفيما بعد، هدمت منزله، ولم تكتفي هذه القوات بذلك، بل عملت على إغلاق المسجد الأقصى أثناء محاصرة منزل الشهيد معتز، حيث تساءل المواطنين ما دخل غليك ومحاولة اغتياله بالأقصى، وهو دليل واضح على مدى وقوف السلطات خلف فكر غليك الذي يدعو لابعاد الفلسطينيين عن الأقصى.
يشار إلى أن الشهيد معتز هو أسير سابق أمضى نحو 11 عاماً في سجون الاحتلال بتهمة الانتماء لحركة الجهاد الإسلامي، والقيام بأعمال مناهضة للاحتلال.
ويشير بريجية إلى ما نشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي في عام 2015، أي بعد أقل من عام من محاولة الاغتيال لغليك، بقيامه بزيارة تركيا والمشاركة في طعام إفطار رمضاني، أقامته إحدى الجمعيات تحت عنوان "الاسلام ضد العنف" وقال إنها مفارقة غريبة حين يُدعى مثل هذا الشخص المعادي للاسلام وللمقدسات ويدعو لقتل الشعب الفلسطيني إلى هذه المناسبة، وكأنها تكريم له، وفي نهاية المطاف تدعي الجمعية والأشخاص المنضوين في إطارها، أنها تدافع عن الأقصى وإسلاميته، وهذا هو جوهر التطبيع غير الشرعي الذي نقوم جميعنا بمناهضته، بدلاً من طرد هذا المتطرف الذي يتم دعوته بهذا الشكل، ولكن الأقصى هو أقصى وسيبفى درة العرب والمسلمين وستنتصر قضية فلسطين في نهاية المطاف لأنها أعدل قضية على وجه الارض.