رأى جنرال إسرائيلي أنّ أزمة كورونا ومشروع الضمّ الإسرائيلي يقدمان وصفة جاهزة للتصعيد الأمني في الضفة الغربية، ما قد يشعل الشارع الفلسطيني، وأضاف ميخائيل ميليشتاين في مقالٍ نشره بصحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة أنّ الأوضاع السائدة اليوم بالضفة العربيّة تُعيد للأذهان ما حدث صيف 2014 في غزة، حين اندلعت معركة شرسة بين إسرائيل وحماس، دون أنْ يكون أيٍّ منهما راغبًا بها، أوْ مستعدًا لها، لكن عملية (الجرف الصامد)، أوضح، تطورت نتيجة مزيج من قلة قنوات الحوار، وسوء تقدير الجانبين، في ظل أزمة اقتصادية حادة في غزة، ما زاد من مخاوف حماس من تقويض حكمها.
واستدرك الرئيس السابق للشعبة الفلسطينية بجهاز الاستخبارات العسكرية (أمان)، والمستشار السابق للشؤون الفلسطينية بمكتب المنسق الإسرائيليّ بوزارة الأمن، استدرك قائلاً إنّ وضع الضفة في 2020 يختلف عن وضع غزة في 2014، وتتناقض أسباب الهدوء النسبي الذي شهده العقد الماضي بالضفة، مع الهشاشة التي تميز الوضع الأمني في غزة، لكن تطورات الضفة في الأشهر الأخيرة، وأبرزها وقف التنسيق مع إسرائيل قد يؤدي للتدهور، على حدّ تعبيره.
ولفت ميليشتاين، رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية بمركز موشيه دايان للدراسات الإستراتيجيّة في جامعة تل أبيب، لفت إلى أنّ السلطة الفلسطينيّة ليست مهتمة بكسر الأدوات مع إسرائيل، ولا تزال حريصة على عدم فقدان أصولها الحكومية والاقتصادية نتيجة لتصعيد واسع النطاق، وتعكس التهديدات المتزايدة ضائقة إستراتيجية تعيشها، وتهدف لتعزيز الضغط الدولي على إسرائيل لمنع التغيير الأحادي للواقع بضم أراضي الضفة الغربية، طبقًا لأقواله.
وأكّد الجنرال الإسرائيليّ في الاحتياط أنّ التهديد الرئيسي في الوضع الجديد لا يتجسد بخطط السلطة، بل في الطريقة التي سيرد بها الشارع الفلسطيني، الأكثر حضورًا اليوم ممّا كان عليه في السابق، وهذا يعني أنّه أصبح تحديًا حقيقيًا، والسلطة ستجد صعوبة في دعم وعدها لإسرائيل بأنّ وقف التنسيق لن يصاحبه موجة من التصعيد، كما قال.
وأوضح أنّه بعد عقد امتنع فيه الجمهور الفلسطيني عن الانضمام لصراعات عنيفة، وركز أفراده على حياتهم الشخصية، فقد تؤثر التغييرات الجذرية على سلوكه، وعقب الانكماش الاقتصادي الشديد بعد أزمة كورونا، واتساع دائرة البطالة والفقر وانهيار الأعمال، يمكن القول إنّ الاستقرار الاقتصادي شكّل عائقًا رئيسيًا أمام الانتفاضة الثالثة.
وتابع قائلاً إنّ هناك تهديدًا آخر يتمثل بخطأ تفسير موقف عباس بوقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، على أنه ضوء أخضر لتعزيز العنف ضدها، في أحسن الأحوال، سيحدث احتكاك لفظي بين قوات الأمن الفلسطينية والإسرائيلية، وفي أسوأ الأحوال، وأكثرها خطورة، قد يتشجع الفلسطينيون لشنّ هجمات مسلحة ضد إسرائيل، ودون تخطيط أوْ إرادة القيادة الفلسطينية، قد تنشب مواجهة عنيفة، كما أكّد.
وأوضح أنّه بالإضافة إلى ذلك، وبالنظر لتعطل قنوات الحوار والتنسيق التي تشكل استقرارًا استراتيجيًا للضفة يزداد احتمال سوء التقدير، وتحويل نقاط الاحتكاك لتصعيد واسع النطاق، وطالما لم يتم تنفيذ إجراءات الضم العملية، فقد تكون إسرائيل قادرة على الحفاظ على بعض الاستقرار في الضفّة الغربيّة، بحسب رؤيته.
وأوصى الجنرال بأنْ تضمن إسرائيل الدعم المالي للسلطة، رغم الأزمة السياسية الحادة، والنظر في الوقف المؤقت للتدابير العقابية بشأن الأموال الممنوحة لعائلات الأسرى، والعودة الفورية للفلسطينيين للعمل في إسرائيل، وتشجيع جمع التبرعات الخارجية للفلسطينيين، وأنْ تحافظ قدر الإمكان على قنوات التنسيق عبر جميع المستويات مع السلطة، خاصةً الأمن والحوار على المستوى السياسي، وإن كان سرًا، كما قال.
وأكّد أنّ كل هذه تعتبر إشارات علنية للجمهور الفلسطيني بضرورة الحفاظ على نسيج حياته بالضفة الغربية، والتنسيق بشكل وثيق مع الجهات الدولية والإقليمية، خاصة مصر والأردن ودول الخليج، بشأن القضية الفلسطينية.
وخلُص الجنرال الإسرائيليّ إلى القول إنّ تنفيذ هذه التوصيات قد يمنح إسرائيل استقرارًا مؤقتًا لعدة أشهر بالضفة الغربية، ومع ذلك، وبمرور الوقت، ستنخفض فعالية جهود ضبط النفس، وقد تفقد تأثيرها مقابل سيناريو الضم العملي للأراضي، وفي هذه الحالة، قد تصعب الأنماط المنطقية والسلوكية للقيادة الفلسطينية والشارع تهدئة المنطقة باستخدام الأدوات المدنية فقط، على حدّ تعبيره.