مدير مكتب بيغن سابِقًا يكشِف: إسرائيل عملت على تأسيس دولةٍ كرديّةٍ بالعراق

الأربعاء 13 مايو 2020 01:41 م / بتوقيت القدس +2GMT
مدير مكتب بيغن سابِقًا يكشِف: إسرائيل عملت على تأسيس دولةٍ كرديّةٍ بالعراق



القدس المحتلة / سما /

تعود العلاقات السريّة بين الحركة الصهيونيّة والأكراد في العراق إلى ما قبل زرع إسرائيل في الشرق الأوسط، أيْ إلى ما قبل العام 1948، وبالتالي لا يستغربنّ أحدٌ أنْ تُعنى إسرائيل بتمكين حكومة إقليم كردستان، من تأمين شروط إعلان استقلال الإقليم عن العراق، وتعمل على إقامة دولةٍ كرديّةٍ في شمال العراق، كي تكون نواة لدولةٍ كرديّةٍ أكبر، تُضَّم لها لاحقًا مناطق التواجد الكرديّ، في شمال وشمال شرق سوريّة، وشرق تركيا، وغرب وشمال غرب إيران.
وقد دلل رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، على أهمية قيام دولة كردية مستقلة في العراق، وذلك لأنهم جديرون بها، كما قال، وطالب رئيس المجلس الوطني الكردستاني في سوريّة، شيركو عباس، كيان الاحتلال مباشرة بدعم الدولة الكردية، وقال إنّ الأكراد لم يناصبوها يومًا العداء، وإنّهم المحرك للديمقراطية في الشرق الأوسط، ودعم إسرائيل للأكراد سيساهم في بناء حدود آمنة لها، على حدّ تعبيره.
ولكن، التعميم ليس صحيحًا، وبالتالي علينا أنْ نذكر أنّ المناضل عبد الله أوجلان، رئيس حزب العمال الذي كانت قواته تتدرّب في المعسكرات السوريّة، وقاتل مع الفصائل الفلسطينيّة، فيما يعتبر الصهاينة حزبه إرهابيًا، كما أنّ الموساد، بحسب تقارير أجنبيّةٍ، هو مَنْ اعتقله وسلّمه للأتراك، صرحّ من زنزانة الاعتقال الانفراديّ في تركيّا قائلاً: تسعى أمريكا وانجلترا وإسرائيل لاستغلال غضب الأكراد ويقومون بتهيئتهم لاستخدامهم ضدّ دول المنطقة عن طريق بعض العملاء، على حدّ تعبيره.
ومن الجدير بالذكر أنّ أحد أكبر المؤرّخين الإسرائيليين، الذي شغل مناصب عديدة، ومن بينها السكرتير الأوّل لرئيس الوزراء الأسبق، مناحيم بيغن، ويُدعى شلومو نكديمون، والذي عمل مع مصطفى البرزاني (الأب) منذ العام 1963 يقول فيه جملة تجعلك تفهم أنّ تقسيم البلاد العربيّة فوق تقسيم (سايكس بيكو) هو حلم احترقت أوراقه مع أنّ المشروع ما زال قائمًا،  والمخطط يترقب الفرصة لاختطافها، بحسب تعبيره.
نكديمون، الذي ألّف كتابًا بالعبريّة عن العلاقات الإسرائيليّة مع إقليم كردستان، قال في مذكّراته إنّه لو نجحنا في تأسيس دولةٍ كرديّةٍ في العراق ستشاهد في ظرف اقل من عشر سنوات تقسيمات والعديد من خطوات الانفصال، ودويلات جديدة قائمة على أسسٍ عرقيّةٍ اثنيّةٍ مذهبيّةٍ وتكتلات سياسية فكرية ودينية في كل الوطن العربيّ، لافِتًا في الوقت عينه إلى أنّه يجب أنْ تكون الانطلاقة من العراق، وفي مكان آخر من الكتاب يؤكِّد السياسيّ ورجل الأمن والصحافيّ الإسرائيليّ أنّ مجموعاتٍ جديدةٍ ستظهر في الشرق الأوسط وستُطالِب بدويلاتٍ لم نضعها في الحسبان، ولم نفكر فيها يومًا تقليدًا لما يجري في كل البلاد العربيّة بعد قيام دولة كردستان، على حدّ تعبيره، مُعتبرًا أنّ أكثر شيءٍ ساعدهم أنّ الأنظمة العربية ليست منفتحة مع التنوع والتعدد المذهبيّ وباقي التيارات الفكرية والثقافية، زاعِمًا أنّه عوضًا عن أنْ يعمل الزعماء في الوطن العربيّ على احتواء التعددية سارعوا لضربها، مُضيفًا أنّ هذه احد ابرز نقاط الضعف التي ركز عليها الموساد في كل البلاد العربية وتمكن من إقناع الأقليات أن حلكم الوحيد هو الانفصال و التقسيم، قال المؤرِّخ نكديمون.
ولكنّ الأكراد بعد غزو العراق من قبل أمريكا وبريطانيا وحلفائهما في العام 2003، وانهيار الدولة منحتهم فرصةً أخرى لتأسيس هذه الدويلة التي يحلمون بها مع معارضة دول الجوار لهذه الفكرة، كتركيا وإيران وسوريّة وحتى أوروبا وأمريكا، ليس كرها بالأكراد، الذي يقيمون علاقات قوية معهم من حيث الدعم وتقديم الأوامر من قبل الغرب، وإنمّا لصوت قوي داخل العراق يرفض التقسيم.
وغنيٌّ عن القول إنّ لعبة أحجار الدومينو لم تعد فكرة ناجحة في البلاد العربية مع بروز قوة المقاومة وتوسع نشاطها، لأنّ الحرب العالميّة ضدّ سوريّة ساهمت في تقوية أعدائهم وظهور أطراف معادية للوجود الأمريكيّ بالمنطقة وهذا أصبح أمرًا محرجًا و مزعجًا للأكراد وهم يشاهدون أحلامهم تتبخر.
ومن الأهمية بمكان في هذه العُجالة التذكير بما كان قد قاله الدكتور في القانون والصحافيّ العراقيّ السابق، والمُقيم في فرنسا: لقد قامت الولايات المتحدة الأمريكيّة ومن خلال كبار المسئولين في إدارتها واستخباراتها بتوجيه أسئلةٍ إلى قيادة ما كان يُطلَق عليها (المعارضة العراقية)، قبل غزو العراق وإسقاط النظام الحاكم ببغداد، حول استعدادها لعقد معاهدة صلحٍ مع الدولة اليهوديّة، وكانت أغلب قيادات هذه المعارضة تؤيِّد عقد معاهدة الصلح هذه، باستثناء بعض الشخصيات الدينيّة التي كانت تتهرّب من إعطاء جوابٍ حاسمٍ حول هذا الموضوع، طبقًا لأقواله.