كشفت الصحافية الإسرائيليّة في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، سمادار بيري، المعروفة بأنها أكثر الصحافيين الإسرائيلية التقاءً بالرئيس المصري السابق، حسني مبارك، اليوم، الجمعة، عددًا من التفاصيل التي أبلغها بها، ولم تنشرها أثناء حياته.
وتوضح الرسائل التي توردها المقابلة مدى قوّة العلاقة بين مبارك وبين الصحافية، والواضح أنها علاقة شخصيّة، خصوصًا أن هذه الصحافية لا تملك التأثير الكبير في إسرائيل إعلاميًا.
وممّا كشفته بيري أنّ محمد علاء مبارك، أكبر أحفاد مبارك، الذي توفي عام 2009 وهو في الثالثة عشرة من عمره، كان يلهو مع ابن مسؤول دبلوماسي إسرائيلي في القاهرة عندما وافته المنيّة، وقام الحرس الرئاسي، حينها، بنقل الطفل الإسرائيلي إلى ذويه فورًا، "كي لا تستغلّ المعارضة المصريّة الحادثة لاتهام الإسرائيليين بالوفاة المؤسفة"، بحسب ما نقلت عن مبارك نفسه.
وتورد الصحافية رواية عن الوفاة مخالفة للرواية المصريّة الرسميّة حينها. فبينما قال مبارك لها إنّ الأطباء "قرّروا نقله إلى فرنسا للعلاج، لكنهم لم يتمكّنوا من ذلك"، ذكر بيان رسمي حينها أنه خضع للعلاج في فرنسا وتوفي هناك.
وتوضح الصحافية الإسرائيليّة، التي التقت بمبارك عشرات المرات بين عامي 1991 و2010، أنه كان يستسرّ لها بعلاقاته مع المسؤولين في نظامه وتقديراته لما يجري في إسرائيل والعالم العربي، "دون أن يُسمح لها بنشر جزء كبير من هذه المقابلات"، علمًا بأن هناك مقابلات كان معدّة للنشر "للتأثير على متّخذي القرارات في إسرائيل".
وفي لقاء عام 2001، أوضح مبارك للصحافية موقفه المعادي للديمقراطية في مصر، قائلا "في إسرائيل هناك حكم ديمقراطي وكل واحد يستطيع أن يعبّر عن رأيه. في مصر نحن مجبورون على أن يكون الحكم ديكتاتوريًا بسبب عدد السكان الكبير والفرق بين الطبقات. أنتم في إسرائيل 7 أو 8 مليون، معظمكم متعلّمون، وشبابكم مشغولون أساسًا بمشاكل العمل والنقاهة. أنا لا أتحدّث عن المستوطنين".
وأضاف مبارك أنّ "إسرائيل تتفهّم أن مصر يجب أن تدار بحكم غير ديمقراطي، على عكس الأميركيين، أنتم لا تتدّخلون، لا ترسلون إلى نصائح متذاكية عبر الإعلام. ما الذي سأفعله؟ ثلّة من الشباب تتجوّل في المساجد وتقرّر القيام بثورة. حمدا لله على وجود وكلاء استخبارات يبلغون من يجب إبلاغه".
وكشف مبارك أن أجهزة الاستخبارات أوفدت ضبّاطها إلى المساجد لفحص إن كانت الصلوات تتمّ بشكل منضبط، ونهتم بالإبلاغ عن الشبان الذين يعملون على إسقاط النظام، واعتقالهم.
وفي لقاء تقول الصحافية إنه جرى عام 2006، لكن من الواضح أن تقديراتها خاطئة، بسبب الحديث عن الرئيس الأميركي، باراك أوباما، الذي انتخب في العام 2008، قال مبارك إن على الكاتب علاء الأسواء "أن يحمد ربّه أنه غير موجود في السجن بسبب روايته ’عمارة يعقوبيان’" رغم إقراره بأنه لم يقرأها، إنما قدّم له مختصر عنها، وأضاف "ليذهبوا إلى الرئيس أوباما بهذا الكتاب، وليحاولوا التشكّي عن غياب حريّة التعبير في مصر".
وأقر مبارك أن نظامه "تعمّد التستّر على نسب الولادة. كل تسع ثوان يولد طفل جديد علينا إطعامه وكسوته والاهتمام أن يصل لمكان يتعلّم فيه يعمل. هذه الجماهير التي لا تعرف القراءة والكتابة تريد رئيسًا قويًا. إن ذهبتِ إلى القرى النائية ستجدي أن لا كهرباء ولا صحف ولا كتب هناك. عصب الحياة عندهم، حتّى اليوم، هو الترانوستور".
وزعم مبارك أنّ منظّمي تظاهرات المحلّة الكبرى عام 2008 "وزّعوا عتادا عسكريًا" على المتظاهرين "لكنّ الأجهزة الأمنية تمكّنت من السيطرة على الوضع، المتظاهرون تعلّموا درسًا مهمًا، ونحن استخلصنا العبر".
وكشفت الصحافية أن مبارك توسّط لدى الرئيس العراقي المخلوع، صدّام حسين، عام 1987 لاستقبال وزير الطاقة الإسرائيلي، موشيه شاحال، لإجراء مباحثات عن تزويد العراق لإسرائيل بالنفط. ووعدها مبارك بأن يجري صدّام لقاء معها في بغداد، وأن تزود قصره الرئاسي، مقابل أن تقنع الصحافية الوزير شاحال بالموافقة على الرحلة.
إلا أن الصحافية كشفت أن وزير الأمن الإسرائيلي حينها، يتسحاك رابين، ووزير الخارجية حينها، شمعون بيرس، عارضا الزيارة.