الكارثة القادمة للضفة: عودة 50 ألف عامل تنذر بانتشار الجائحة

الأحد 05 أبريل 2020 11:39 ص / بتوقيت القدس +2GMT
الكارثة القادمة للضفة: عودة 50 ألف عامل تنذر بانتشار الجائحة



رام الله /الايام/

عندما بدأت الحكومة تطبيق سلسلة من الإجراءات والتدابير الاحترازية للحيلولة دون تفشي فيروس "كورونا" المستجد، كان الهم الأكبر لأجهزة الأمن ولجان الطوارئ في التجمعات المحاذية لجدار الفصل العنصري، منع وصول العمال عن طريق التهريب إلى داخل الخط الأخضر من خلال فتحات استحدثتها قوات الاحتلال على عدد من مقاطع الجدار.

أما اليوم، فيرى مراقبون، أن ظاهرة "التهريب العكسي" أصبحت بمثابة السمة الأبرز في التعامل مع العمال القادمين من الداخل، في ظل إحباط الأجهزة الأمنية محاولات بعض العودة إلى منازلهم دون الخضوع لإجراءات الفحص الطبي والحجر المنزلي.

"نحن أمام كارثة في حال استمرار عودة آلاف العمال من في الداخل، عشية الأعياد اليهودية، ومحاولة البعض منهم التهرب من الإجراءات والتدابير التي حددتها الحكومة في التعامل مع هؤلاء"، قال لـ"الأيام" أمين سر اتحاد العمال في محافظة جنين رياض كميل.

ولعدة مرات، ضبطت الأجهزة الأمنية عمالا حاولوا العودة إلى منازلهم دون إبلاغ الجهات الحكومية والنقابية المختصة، في محاولة منهم للالتفاف أو التهرب من الإجراءات المحددة في التعامل معهم، كما حدث في محافظات عدة.

وبحسب كميل الذي يمضي وفريقه من طاقم الاتحاد العام لنقابات العمال، معظم أوقاتهم في التنقل بين معبري "الجلمة" شمال جنين، و"برطعة" جنوب غربي المدينة، في محاولة منهم لضبط حركة العمال، فإن عدم استجابة العمال للإجراءات والتدابير المتخذة من الحكومة، من شأنه أن يشكل تهديدا خطيرا للمجتمع، ويسهم في تفشي فيروس "كورونا".

وألقت الأجهزة الأمنية، الأربعاء الماضي، القبض على صاحب مركبة هرب عمالاً من الداخل إلى الضفة الغربية خشية إخضاعهم لفحص الفيروس.

وسجل عدد من محافظات الضفة، إصابات بفيروس "كورونا" جراء تهرب بعض العمال من إجراءات الفحص والحجر المنزلي، وهو ما يشكل خطرا على المجتمع برمته، كما أكد كميل.

ومع توقع أن يعود نحو 50 ألف عامل خلال الأيام المقبلة إلى مناطق الضفة، شرعت أجهزة الأمن بوضع خطة طوارئ للتعامل مع عودة العمال، تشمل الانتشار قرب المعابر، والعمل مع الجهات الصحية فيما بعد على متابعة عملية حجرهم المنزلي، وعدم خروجهم مطلقا، والتأكد من عدم احتكاكهم بأفراد أسرهم، لضمان عدم تفشي الفيروس، في وقت تنشط فيه أجهزة الأمن ولجان الطوارئ في التجمعات المحاذية للجدار في محاولة ضبط عملية العبور من الفتحات المحدثة على مقاطع الجدار الفاصل، بعد أن أغلقت الطرق المؤدية إليها.

وأعلن رئيس الوزراء الدكتور محمد اشتية، أن معظم الإصابات الجديدة في الأسبوع الأخير كانت من العمال في الداخل المحتل، ومن مصنع واحد فيه 500 عامل، سجلت أكثر من 41 حالة، في وقت ارتفع فيه عدد الإصابات إلى 205 إصابات.

وعلق رئيس الوزراء، آمالا كبيرة على وعي العمال في أن يلتزموا منازلهم لمدة 14 يوما ضمن برنامج الحجر الصحي، رحمة بأنفسهم وأولادهم وآبائهم وأمهاتهم وجيرانهم ومجتمعهم، متوعدا مقاولي العمال والمهربين بأنهم تحت طائلة القانون ومن يخالف فإن القانون واضح.

وضبطت الأجهزة الأمنية الفلسطينية في علار بمحافظة طولكرم مركبة كانت تقل عمالا لتهريبهم إلى داخل الخط الخضر، بعد منع السلطة للعمال من دخول إسرائيل، أو القدوم لأراضي الضفة دون الخضوع لحجر منزلي.

وأعلنت الشرطة والأجهزة الأمنية في وقت لاحق، القبض على شخص عند حاجز علار-كفرراعي شمال طولكرم، لانتحاله صفة موظف قطاع صحي، لدى محاولته تهريب عمال في صندوق مركبته باتجاه إحدى الفتحات المقامة على الجدار.

وبحسب إدارة العلاقات العامة والإعلام في الشرطة، فإنه تم اكتشاف هذه العملية أثناء وجود الشرطة والأجهزة الأمنية على حاجز علار-كفرراعي لتقييد حركة المواطنين ومنع انتقالهم حسب تعليمات الحكومة لعدم تفشي انتشار فيروس "كورونا"، حيث لاحظ أحد ضباط الشرطة مركبة موجود على زجاجها الأمامي لاصق أسود وإشارة طبيب وكان يقودها شخص يضع بطاقة تشير إلى أنه يعمل في المجال الصحي، فقام ضابط الشرطة بتفتيش المركبة ليعثر بداخلها على ثلاثة عمال يختبئون داخلها وفي صندوقها كان ينقلهم إلى أحد فتحات الجدار للمرور للعمل في الداخل المحتل، وتم توقيف السائق والعمال لتحويلهم إلى جهة الاختصاص لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم.

وفي خطوة اعتبر الهدف منها ضرب الإجراءات الاحترازية الحكومية وإرباك الكوادر الطبية، أقدم الاحتلال في التاسع والعشرين من الشهر الماضي، على فتح البوابات الحديدية والحواجز المقامة على جدار الفصل العنصري شمال الضفة الغربية، وتهريب عدد كبير من العمال إلى الداخل.

وتنتشر الطواقم الأمنية والطبية الفلسطينية على مختلف الحواجز ونقاط التماس لاستقبال العمال العائدين من الداخل المحتل والذين استجابوا لدعوة السلطة الوطنية إليهم بالعودة إلى بيوتهم وعائلاتهم، بعد التفشي المتصاعد لفيروس "كورونا" داخل إسرائيل.

وعقب فحص العمال، تقدم إليهم الطواقم الأمنية والطبية المعلومات الوقائية وتوجههم إلى الحجر المنزلي 14 يوما حفاظا على سلامتهم وسلامة عائلاتهم والمجتمع.

وسجلت عدة محافظات، محاولات تهرب العمال العائدين من الداخل من إجراءات الخضوع للفحوص الطبية والحجر المنزلي لمدة 14 يوما، ما تسبب بوقوع المزيد من الإصابات.

وقال كميل: "نبذل كل جهد مستطاع في سبيل توعية العمال بمخاطر عدم الالتزام بإجراءات الفحص والحجر المنزلي، ولكن نواجه صعوبات في ثقافة البعض ممن يحاولون التهرب من الخضوع لتلك الإجراءات، وهم بذلك يشكلون خطرا كبيرا على عائلاتهم والمجتمع ككل".

وتابع: "على مستوى محافظة جنين، كشفنا محاولات تهرب محدودة من الخضوع للإجراءات، ونجحنا في علاجها منذ اللحظة الأولى بفعل تعاون الأهالي ولجان الطوارئ، ولكن بشكل عام نلمس حرصا من معظم العمال على الالتزام بالحجر المنزلي والخضوع للفحوص الطبية".