تحليلات اسرائيلية : نتنياهو فاز.. لكن تشكيل الحكومة مهمة شاقة

الثلاثاء 03 مارس 2020 11:58 ص / بتوقيت القدس +2GMT
تحليلات اسرائيلية : نتنياهو فاز.. لكن تشكيل الحكومة مهمة شاقة



القدس المحتلة / سما /

رغم أن النتائج شبه النهائية لانتخابات الكنيست ستُنشر مساء اليوم، الثلاثاء، إلا أن النتيجة العامة لهذه الانتخابات تدل على أن معسكر اليمين والحريديين بزعامة رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، تفوق على خصومه في كتلة "كاحول لافان"، برئاسة بيني غانتس. ونتيجة هامة أخرى هي ارتفاع تمثيل القائمة المشتركة على ما يبدو.

إلا أن النتيجة النهائية ليست محسومة بعد، ويبدو أنها لن تكون نهائية بنشر النتائج مساء اليوم، لأنه لم تفرز بعد أصوات المغلفات المزدوجة، الجنود والدبلوماسيين والبحارة والمستشفيات والسجون، التي يقدر حجمها بثمانية مقاعد في الكنيست.

ورأى رئيس تحرير صحيفة "هآرتس"، ألوف بِن، بنتائج الانتخابات أن "الجمهور الإسرائيلي فضّل أحزابا ومعسكرات لديها رسالة أيديولوجية واضحة، وعاقب من خلال صندوق الاقتراع المتذبذبين والذين فضلوا التعتيم (على مواقفهم). والليكود والقائمة المشتركة، الذين فازوا بزيادة مقاعد حسب عينات التصويت، طرحا خلال معركة الانتخابات الحالية مواقف واضحة وسعيا إلى التغيير، واعتمدوا على تكتل داخلي وتمسك بالرسائل طوال الحملة الانتخابية. وفي المقابل، واجهت كاحول لافان والعمل – غيشر – ميرتس صعوبة في التغلب على الخلافات الداخلية فيهما وفي طرح رسالة مركزة أو مثيرة، وغيّر أفيغدور ليبرمان رسائله في محاولة للحفاظ على قليل من المصداقية. وهذه الأحزاب خسرت مقاعد في الكنيست الـ23".

ولفت بِن إلى أنه خلافا لجولتي الانتخابات السابقتين، العام الماضي، عندما ركّزت حملة الليكود على مهاجمة الشرطة والنيابة العامة بسبب التحقيقات مع نتنياهو في قضايا فساد، "ركزت كتلة اليمين هذه المرة على موقفين واضحين وصافيين في السياسة الخارجية والداخلية: ضم المستوطنات وغور الأردن، بموجب خطة ترامب، وإلغاء استقلالية جهاز القضاء وإخضاعه للمستوى السياسي".

وأضاف بِن أن "بدلا من تصوير نفسه كضحية بائسة لقوى أقوى منه في الشرطة والنيابة العامة، مثلما فعل في الجولتين السابقتين، سوّق نتنياهو هذه المرة صورة منتصر، وزعيم قادر على أي شيء ويتحدث مع زعماء العالم ونشطاء فروع نائية في الليكود بالقدر نفسه من الجدية والإصرار. وادعى أن إعادة انتخابه لا تهدف إلى إنقاذه من المحكمة المقتربة، وإنما إلى استكمال مهمتي حياته، ترسيم حدود الدولة و’استبدال النخب’".

وتابع بن أن "كاحول لافان" ركزت على الرسالة الوحيدة التي تمكنت أن تتفق عليها وهي "فقط ليس بيبي"، ولكنها "واجهت صعوبة بالاتفاق على أي شيء آخر. وغانتس وافق على خطة ترامب بنعم – لا؛ أيد جهاز القضاء، وبعد ذلك اتهمه بملاحقة سياسية مثل نتنياهو تماما؛ حاول التقرب من القائمة المشتركة، وهي الحزب الأساسي في كتلة اليسار، ثم عاد ليبتعد عنها. وبغياب أيديولوجية متفق عليها، تركزت الحملة على فروق شخصية بينه وبين نتنياهو، وهذا لم يكن كافيا".

ورأى بِن أن "القائمة المشتركة نجحت بالتغلب على الخلافات والخصومات الداخلية بين مركباتها وقادتها، وسوّقت نفسها كحزب الاحتجاج والبديل. والمقاطعة التي فرضتها عليها الأحزاب ومقترح نقل المثلث إلى الدولة الفلسطينية المستقبلية قادتها إلى إنجاز غير مسبوق، وعلى ما يبدو إلى زيادة قوتها في اليسار اليهودي".

واعتبر أن "الليكود والمشتركة يمثلان اليوم القطبين الأيديولوجيين في إسرائيل: ضم مناطق مقابل تقسيم البلاد، تفوق يهودي مقابل مساواة مدنية. وهذه الخلافات ستكون في قلب النقاش السياسي في السنوات القريبة، من دون علاقة مع تطور محاكمة فساد نتنياهو".

حكومة وحدة

اعتبر المحلل السياسي في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، ناحوم برنياع، أن نتائج الانتخابات المنشورة حتى الآن مفادها أن "الشعب قال كلمته"، وأن السؤال هو "ماذا بعد؟". وبحسبه، فإن "المعضلة هي لدى نتنياهو قبل أي شيء آخر، وهل يفضل حكومة تعتمد على أغلبية واضحة في الكنيست، أم حكومة ضيقة يمينية وحريدية. وإذا كان الامتناع عن محاكمته على رأس أفضلياته فإنه سيتجه إلى تشكيل حكومة ضيقة. ومن الجهة الثانية، حكومة ضيقة ستواجه مصاعب في سن قوانين في الكنيست وستخضع للابتزاز من جانب هوامشها. ولا تضمن الاستقرار".

وأضاف برنياع أن "الوضع المثالي بالنسبة لنتنياهو هو الذهاب إلى مرحلتين: تشكيل ائتلاف ضيق في المرحلة الأولى، يشق الطريق نحو إلغاء لوائح الاتهام. وبعد ذلك دعوة شركاء آخرين للحكومة، مثل كاحول لافان أو قسم منها يصعب عليه التواجد في المعارضة؛ أو ليبرمان". واعتبر برنياع أن "البشرى السارة من النتائج أنه لن تجري، على الأغلب، جولة انتخابات رابعة".

واعتبر المحلل السياسي في صحيفة "معاريف"، بِن كسبيت، الذي هاجم نتنياهو بشدة بالغة خلال المعركة الانتخابية، أن "على بيني غانتس أن يتصل، هذا الصباح، ببنيامين نتنياهو وبدء مفاوضات سريعة لتشكيل حكومة وحدة تناوبية. ويتعين عليه خرق تعهده للناخب، ولا مفر من ذلك. فإسرائيل قبل أي شيء".

وبحسب كسبيت، فإن الخيار الثاني، وهو أن يبحث نتنياهو عن منشقين محتملين في المعسكر الآخر "وتشكيل حكومة يمين – حريديين – منشقين، تتحول إلى جهنم، ولن ينجح بإلغاء المحكمة، وينبغي أن نأمل ألا يفكك جهاز القضاء".

"انتصار على جهاز القضاء"

وصف المحلل في صحيفة "يسرائيل هيوم" اليمينية، أمنون لورد، نتائج الانتخابات حتى الآن بأنها "نصر، لكن لا يوجد ائتلاف حتى الآن. وإذا حصلت كتلة اليمين على 61 مقعدا، فينبغي أن تكون مهمتها تشكيل ائتلاف بأسرع ما يمكن. وإذا بقيت كتلة اليمين مع 60 عضو كنيست، فإن عملية تشكيل الائتلاف ستتعقد وستكون أصعب بالتأكيد".

وادعى لورد أن "السنة الأخيرة خلقت نذورا وقسما ومقاطعة، وكل ذلك بسبب تدخل الجهاز القضائي في المؤسسة السياسية. ومن دون شك، الحديث يدور عن انتصار شخصي وسياسي هائل لنتنياهو، وأكبر من ذلك الذي حققه في نيسان/أبريل الماضي".

واعتبر أن "الحديث عن التعبير عن انعدام ثقة غالبية الجمهور بالجهاز القضائي الذي عمل ضد رئيس الحكومة. وحتى أن الجمهور لا يعتبر لوائح الاتهام كمخالفات، والكلمات الكبيرة مثل ’رشوة’ و’خيانة أمانة’ تعتبر أن لا تغطية لها بأدلة. ولو كانت الأدلة تزعزع الجمهور، لكان نتنياهو خارجها منذ وقت طويل".

وأشار لورد إلى أنه في حال حصول كتلة اليمين، على 61 مقعدا في الكنيست، فإنه سيشكل حكومة يمينية "ستحسم قرارات ذات أهمية سياسية بعيدة الأمد. ولن يتمكن نتنياهو من الانسحاب من موضوع فرض السيادة على أجزاء من أرض إسرائيل الواقعة خلف حدود 1967، وخاصة غور الأردن".

وأضاف لورد أنه "يفترض بأفيغدور ليبرمان أن يدرك أنه في الجانب القومي الإسرائيلي يوجد هدف معين، وهو ليس استسلام الحريديين أو كتلة ’يمينا’ (تحالف أحزاب اليمين المتطرف). والهدف هو تحقيق الجزء الإسرائيلي في الصفقة الـ’صغيرة’ في خطة ترامب، أي فرض السيادة. ولكن ليس أقل أهمية، أن المطلوب حكومة تبلور ميزانية وخطة اقتصادية من أجل استقبال الأزمة الاقتصادية العالمية التي بدأت هذه الأيام. وعلى الأرجح أن اعتبارات اقتصادية وكذلك الذين يبلورون الرأي العام على اختلافهم حركوا الناخبين من أجل تقوية نتنياهو".

واعتبر لورد أن نتائج الانتخابات "تدل على منح ثقة الجمهور الواسع، أولا، برئيس الحكومة. والجمهور الإسرائيلي يفضل نتنياهو حتى عندما نجحت جهات مختلفة وضع حبل مشنقة ثلاث لوائح اتهام حول عنقه. وحصافة رئيس الحكومة مقبولة على الجمهور".