سلطت وسائل الإعلام العبرية، اليوم الثلاثاء، الضوء بشكل كبير على الوضع الأمني مع قطاع غزة في أعقاب انتهاء جولة التصعيد والتوصل لاتفاق وقف إطلاق نار بين الجهاد الإسلامي وإسرائيل برعاية مصرية.
وأشارت قناة 12 في تقرير لمراسلها العسكري نير دفوري، أن سكان مستوطنات غلاف غزة علموا بالتوصل لوقف إطلاق النار من خلال وسائل الإعلام الفلسطينية، كما جرت العادة في جولات التصعيد الأخيرة التي لم تخرج إسرائيل بالحديث العلني عقب انتهائها بالتوصل لاتفاق هدوء.
وزعم دفوري في تقريره الذي نشر صباح اليوم على موقع القناة، أن حركة الجهاد الإسلامي التي انتظرت إطلاق الصواريخ بعد خروج السفير القطري محمد العمادي من القطاع، نقلت رسائل عبر الوسطاء أنها لا تريد تصعيد الموقف.
وبين أنه خلال جلسة التقييم الأمني التي جرت في تل أبيب اتخذ قراراً بعدم مهاجمة كبار قادة الجهاد الإسلامي وذلك بالأساس إلى أن معظمهم كانوا مختبئين، ولسبب آخر هو أن إسرائيل لا تريد تصعيد كبير قبل الانتخابات بأسبوع.
واعتبر أن الهجوم ضد الجهاد الإسلامي في دمشق كان بمثابة رسالة بأنه لا يوجد هدف محصن ويمكن لإسرائيل أن تهاجم في أي مكان وليس في غزة فقط مشيرًا إلى أن الهجوم في سوريا فاجأ الجهاد الإسلامي وصدم قيادتها.
ولفت إلى أن الساعات الأخيرة من الجولة أثارت العديد من الأفكار المهمة لدى المنظومة السياسية والأمنية، ومن بين ذلك أنه قد يكون هناك خلافات بين قيادة الجهاد التي رغبت في وقت مبكر بإنهاء الحدث وأوصلت الرسائل وفقًا لذلك، وبين شخصيات ميدانية من الجناح المسلح لم تستمتع للقيادة واستمرت في إطلاق الصواريخ حتى ساعة متأخرة. كما زعم.
من جهتها رأت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، أن هذه الجولة كانت مختلفة بشكل جذري عن الجولة التي وقعت في تشرين الثاني الماضي، مشيرًا إلى أن تلك الجولة كانت الأكثر نجاحًا بالنسبة لإسرائيل في السنوات الأخيرة.
وبينت أن حركة الجهاد الإسلامي قبلت بوقف إطلاق النار بعد أن أظهرت أنها صاحبة الكلمة الأخيرة، ولذلك يمكن أن يطلق على هذه الجولة اسم "الحزام الأبيض".
وأشارت إلى أن إسرائيل على عكس عملية "الحزام الأسود" السابقة، لم تستطيع سوى ضرب فرقة واحدة من مطلقي الصواريخ والتي أصيب 4 من أفرادها، بينما بقيت جميع خلايا إطلاق الصواريخ في قواعدهم بأمان، عكس العملية السابقة التي أدت لقتل 26 فردًا منها.
واعتبرت الصحيفة أن هناك نقطة تثير القلق بأن الجيش الإسرائيلي لديه أهدافاً ضئيلة للغاية عندما يتعلق الأمر بأهداف الجهاد الإسلامي، حيث كانت معظم الهجمات تستهدف عددًا صغيرًا من المواقع التابعة للمنظمة والتي تكرر استهدافها لأكثر من مرة لعدم وجود أهداف أخرى.
وقالت "إن استهداف سلسلة من أبراج المراقبة للجهاد الإسلامي الموجودة على السياج تمثل هدفًا مشروعًا، لكن ليس لدرجة أن يخرج الناطق باسم الجيش ليتفاخر بإصدار إعلان خاص حول استهدافها وكأنها انجاز مهم".
وتطرقت الصحيفة إلى ما قالت عنه إنجاز إسرائيلي جديد بتحييد حماس من دائرة القتال للمرة الثانية على التوالي، معتبرةً أن الواقع الأكثر تعقيدًا هو عدم تحرك حماس لوقف الجهاد الإسلامي منذ بدأ بعملية إطلاق نار من القناصة شرق خانيونس منذ أيام.
ورأت أن الخطوة الوحيدة الخلاقة كانت في الهجمات الإسرائيلية، تتمثل في مهاجمة منشآت الجهاد الإسلامي في دمشق، والذي شكل مفاجأة للحركة، وأثبت لزعيمها زياد النخالة أن دمشق لم تعد قبة حديدية يمكن أن يحتمي بها، وهذا هو الخبر الجيد من هذه الجولة، خاصةً وأنها تكرار لهجوم مماثل وقع في سوريا خلال الجولة السابقة بمحاولة اغتيال أكرم العجوري نائب النخالة.
من ناحيتها، رأت صحيفة هآرتس العبرية، أن استمرار إطلاق الجهاد الإسلامي للصواريخ قبل الانتخابات كما جرى في الجولة السابقة، هدفه محاولة إلحاق الضرر برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. معتبرةً أن ذلك تحول ليصبح نقطة ضعف نتنياهو.
وأشارت إلى أن نتنياهو لا يرغب أبدًا بالتصعيد على جبهة غزة، ولذلك يسخر الكثير من القرارات الخاصة بالتسهيلات من أجل الإبقاء على حالة الهدوء، فآخر ما يحتاجه هو تفجر الأوضاع بغزة.
وبينت أن استطلاعات الرأي التي يجريها حزب الليكود داخلياً، تشير إلى أن قضية غزة هي في الواقع نقطة ضعف نتنياهو، وما هو ما قد يضر بفرص فوز نتنياهو بأصوات الناخبين.
من جانبها ادعت صحيفة يسرائيل هيوم، أن حركة الجهاد الإسلامي هي من أرسلت رسائل سرية وصريحة لإسرائيل بأنها أنهت ردها ولا تريد التصعيد مشيرةً إلى أنه لم يكن لإسرائيل أي مصلحة في توسيع هذه الجولة لذلك لم تهاجم حماس، وتركزت الهجمات ضد الجهاد لعدم اهتمام أي شخص في الجانب الإسرائيلي بالتصعيد.
وأشارت إلى أن إسرائيل في هجماتها حرصت على التصرف بطريقة محسوبة حتى في تلك التي هاجمت من خلالها سوريا بالامتناع عن تصفية أي من قيادات الجهاد على عكس ما جرى في الجولة السابقة، كما أنها تجنبت محاولات إيقاع إصابات محققة بغزة لمنع اتساع دورة التصعيد.
ولفتت إلى أن عناصر الجهاد الإسلامي كانوا يطلقون الصواريخ من الأنفاق مع وجود أجهزة توقيت مؤقتة لإطلاقها، منعًا لتضررهم وضربهم، كما جرى في الجولة السابقة فيما امتنع الجهاد من جانبه أيضًا على مهاجمة مناطق بعيدة واكتفى بإطلاقها على المناطق القريبة من الحدود، لأن الحركة لا ترغب بتصعيد أكبر وسعت لإدارة الأزمة بشكل يناسبها وبدون المخاطرة بفقدان السيطرة على رد الفعل الإسرائيلي.
واعتبرت أن عمل نظام القبة الحديد كان فعالًا بشكل كبير ومنح إسرائيل مساحة كبيرة للتنفس والعمل وفق فكر محدد وواضح، وليس تحت الضغط في حال وقعت إصابات.
وبينت أن إسرائيل تتوخى الحذر رغم انتهاء جولة التصعيد، لأنها تدرك أن الهدوء مؤقت وأن الجهاد الإسلامي بات يدير سياسية مستقلة متأثرًا بإيران. كما زعمت.
وأشارت إلى أن الهدوء سيبقى مؤقتًا وهشًا، حيث تسعى حماس لأن يكون طويلًا وموسعًا، في حين تحاول الجهاد الإسلامي تخريب هذه الجهود، وذلك قد يدفع إسرائيل بعدم قدرتها على مواكبة هذا الوضع والسماح لحماس والجهاد بإدارة الحياة والوضع كيفما يريدون.
وقالت إنه بعد الانتخابات، سيتعين على إسرائيل صياغة سياسة أوضح لنفسها، ولحماس والمنظمات الأخرى، بأن اللعبة قد انتهت، وأنه في حال لم يتم التوصل لتهدئة، فسيكون هناك عملية قوية.
من ناحيتها، رأت صحيفة معاريف العبرية، أن الجهاد الإسلامي تعلم من دروس الماضي، ونجح في تقليل وقوع إصابات في صفوف عناصره مشيرةً إلى أن إسرائيل أيضًا لم ترغب بتوسيع التصعيد بسبب الانتخابات القريبة جدًا.
واعتبرت أن الفصائل بغزة لديها خطط خاصة بها لا تتفق مع المنطق الإسرائيلي. مشيرةً إلى أن إسرائيل رغبت بتجنب التصعيد قبل أسبوع من الانتخابات حتى لا تظهر أن منظمة فلسطينية قادرة على التأثير على الانتخابات أو جعلها أن تتخذ قرارات تحت ضغوطات إطلاق النار.