الحب والمواعدة لا يزالان يعتبران “مخاطرة” في المجتمع السعودي

الخميس 13 فبراير 2020 02:22 م / بتوقيت القدس +2GMT
الحب والمواعدة لا يزالان يعتبران “مخاطرة” في المجتمع السعودي



الرياض /وكالات/

 قبل سنوات قليلة، كان رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر السعوديون ينقضون على بائعي الورود الحمراء في يوم عيد الحب، لكنّ المملكة الأكثر انفتاحا الآن، تشهد أيضا ثقافة مواعدة ناشئة وإن كانت محفوفة بالعراقيل.
وكانت إقامة علاقات خارج إطار الزواج في المملكة المحافظة تعد خطوة خطرة للغاية. وكان بعض الشباب يجازفون بكتابة أرقام هواتفهم المحمولة على أوراق ويضعونها على نوافذ سياراتهم على أمل التواصل مع فتيات.
وشهدت المملكة منعا للاختلاط بين الذكور والإناث لعقود. ويشكل الشباب بين 20 و40 عاما نحو 40 في المئة من عدد السكان في السعودية البالغ 20,7 مليون نسمة، حسب الإحصاءات الرسمية للعام 2018. اليوم، تقلّصت الى حد كبير صلاحيات الهيئة التي كانت تعتبر بمثابة شرطة دينية، ويلاحظ اختلاط غير مسبوق بين الجنسين، ويلتقي الشباب والفتيات في المقاهي والمطاعم علنا.
ويبحث الشباب عن صداقات من الجنس الآخر عبر مواقع التواصل الاجتماعي وخصوصا “تويتر” و”سنابتشات”، وتطبيقات مثل “سوورم” المخصص لتسجيل الأماكن التي يزورها مستخدمي التطبيق، لكنها باتت تستخدم غالبا لتنسيق المواعيد.
ويقول مخرج سينمائي سعودي شاب لوكالة فرانس برس بينما يجلس في مقهى يضج بالموسيقى في الرياض مع صديقته “كان بيع الورود الحمراء يشبه بيع المخدرات” في السعودية.
وتقول صديقته العاملة في مجال الإعلام “لم يكن من الممكن التفكير من قبل برؤية امرأة تجلس بجوار رجل لا تربطها به صلة قرابة” في مكان عام.
وتتابع “الآن النساء يطلبن من الرجال الخروج معهن”.
لكن رغم التغييرات الاجتماعية، تبقى العلاقات ما قبل الزواج بمثابة حقل ألغام في بلد يطبق الشريعة الإسلامية ويشرف فيه الرجال على اختيار الأزواج لبناتهم وقريباتهم.
وأحيانا، يضطر الشبان والشابات إلى كبت مشاعرهم وعواطفهم والدخول في زيجات لا تقوم على الحب.
وتبرز عمليات المواعدة السرية نوعا من الحياة المزدوجة لدى البعض، سعيا للحصول على قدر من الحريات الاجتماعية تتجاوز قدرة شريحة واسعة من المجتمع على التفهم والقبول.
– أسرار وأكاذيب –
وكان أمر سميرة (27 عاما) التي تعمل في مجال الإدارة المالية في الرياض، على وشك أن يفتضح حين عثرت أم صديقها على بطاقة مكتوبة بخط يدها كانت قدمتها له هدية.
في المجتمع المحافظ، كان افتضاح أمر الحبيبين اللذين لم يكن مر على علاقتهما بضعة أشهر، سيثير غضب أسرة سميرة ويعرض العلاقة للانهيار.
لكن الصديق نجح في تشتيت انتباه أمه. ودفع الخوف الشابين الى التخطيط لمواعدة في دبي متذرعين برحلة عمل.
وتقول سميرة التي اختارت استخدام اسم مستعار كباقي من التقتهم فرانس برس حول هذا الموضوع، “المجتمع السعودي بات أكثر انفتاحاً لكن الجميع يكذبون بشأن العلاقات لأن الناس يصدرون أحكاما”.
وأجرت المملكة تغييرات اجتماعيّة كبيرة وإصلاحات اقتصاديّة يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. فسُمح للنساء بقيادة السيارات وبدخول ملاعب كرة القدم. وأعيد فتح دور السينما وسمح بإقامة حفلات غنائية صاخبة، ووضع حد لاعتراضات رجال دين على مناسبات مثل عيد الحب.
في الأماكن العامة، يمكن رؤية نساء ورجال جنبا الى جنب. فيما شهدت بعض الحفلات نساء رقصن، بعضهن بدون عباءاتهن وأغطية رؤوسهنّ، مع الرجال، في الهواء الطلق.
لكنّ إذا كان دور الشرطة الدينية تراجع في الشارع، لم تتوقف الرقابة الذاتية داخل الأسر السعودية والمجتمع الذي لا يزال محافظا إلى حد كبير.
وتقول امرأة سعودية في أواخر العشرينات لفرانس برس إنها تشتبه في أن شقيقها “المهووس بالسيطرة”، والذي يعمل في الجيش، يستخدم برامج تجسس الكترونية لتعقبها والتأكد من أنها لا تواعد رجالا.
وتقول نور التي تعمل في مجال التنمية الاجتماعية “الشباب السعودي عالق بين القديم والجديد”. وتتابع “استعدادي للمواعدة لا يعني أنني مستعدة للقيام بما هو أكثر”.
– “المواعدة مليئة بالمخاطر” –
ولا تزال ممارسة الجنس خارج إطار الزواج جريمة جنائية في معظم دول العالم العربي، وتغذي القيود المفروضة على النساء خطر تعرضهن للابتزاز.
وتوضح سميرة “الأمر مصدر قلق كبير، إذ تم الانفصال دون تراض”.
وتضيف “تعيش النساء في رعب: ماذا لو قام (صديقي) بتسجيل صور ومقاطع فيديو لي؟ ماذا لو أخبر والدي؟ ماذا لو جاء إلى منزلنا؟”.
ويقول الموظف في قطاع الإعلانات ناصر (25 عاما) إن أحد أصدقائه أوقف العام الماضي لتقبيله صديقته في مكان مخصص للعائلات في أحد مطاعم الرياض. وقام مدير المطعم بتصويرهما وهو يصيح بغضب “هذا حرام”.
ويتابع الشاب “المواعدة مليئة بالمخاطر” في السعودية، مضيفا “في بعض الأحيان، يكون المكان الوحيد الآمن هو سيارتك” في مكان بعيد عن الأعين.