حولت روائية عراقية جزءا من منزلها المؤلف من طابقين بمنطقة الكرادة وسط بغداد، إلى مكتبة عامة تحتضن الكثير من العناوين الأدبية والثقافية والعلمية لهواة القراءة والموسيقى والرسم ومختلف الفنون في محاولة منها للتشجيع على القراءة والدفع باتجاه بناء مجتمع مثقف ومتحضر.
والمنزل عبارة عن فيلا كبيرة تتألف من طابقين تم تصميمها وفقا للطراز البغدادي في خمسينيات القرن الماضي في مكان يتسم بالهدوء، فيما تنتشر التماثيل والمجسمات التراثية عند مدخل المنزل لتضفي عليه المزيد من الجمال والجاذبية.
وما أن يصعد الزائر السلم حتى يجد نفسه وسط خليط رائع من الكتب والرسوم واللوحات الفنية والتماثيل والآلات الموسيقية المختلفة وهو يتنقل بين أروقة وغرف المنزل ويتأمل الموجودات ليصل إلى مبتغاه.
وفي هذا السياق قالت الروائية العراقية، سافرة جميل حافظ، لوكالة أنباء ((شينخوا)) "لقد أسست هذه المكتبة تخليدا لذكرى والدتي التي كانت تحثنا على القراءة واقتناء الكتب وهي لا تستطيع القراءة والكتابة لكنها زرعت فينا حب القراءة منذ كنا صغارا لذلك اسميت هذه المكتبة ( شمس الأمومة ) تقديرا لوالدتي التي كانت تتألم لأنها لا تستطيع القراءة ".
وأضافت أنها في إحدى المرات كانت تزور مدينة عراقية ودخلت إلى مكتبة صغيرة لمطالعة بعض الكتب فيها، ولكن صاحب المكتبة أخبرها بأنه أسس هذه المكتبة للطلبة فقط لكي يتمكنوا من القراءة ومذاكرة موادهم الدراسية فيها بعيدا عن الضوضاء في منازلهم.
وتابعت في تلك اللحظة تمنيت أن تصبح لدي مكتبة مثل هذه المكتبة لكي أساعد الطلاب الذين لا تتوفر لديهم أماكن يقرأون فيها خاصة وأني قد شاهدت الكثير من طلبة المدارس وهم يجلسون تحت المصابيح الكهربائية في الطرقات لكي يقرأوا، ثم أن المكتبات هي معلم من معالم الثقافة والعراق كان رائدا في مجال الثقافة والعلم ونحن نريده أن يستمر في هذا المجال ولذلك قررت أن أفتح المكتبة هنا.
وأوضحت "أن العديد من الأصدقاء من المثقفين والفنانين ساعدوني على افتتاح هذه المكتبة ومنهم الكاتبة والقاصة (صبيحة شبر ) والكاتبة كريمة الربيعي والكاتب فراس عبد المجيد والدكتورة خيال الجواهري، مبينة أن المكتبة التي تشغل الطابق الثاني من منزلها في حي الكرادة وسط بغداد تحتوي على عدة غرف تعرض فيها الأعمال الفنية والمقتنيات والصور القديمة لشخصيات فنية وأدبية ".
وأشارت حافظ، إلى "أن المكتبة تضم بشكل رئيسي قسم للدراسات الثقافية وقسم يتعلق بالموسيقى والآلات الموسيقية والغناء والرسم وغيرها من الفنون وقسم يختص بالجوانب التراثية والتحف الآثرية وقد جمعنا في هذه المكتبة كل ما يهم المثقفين وهي متاحة ومفتوحة أمام الجميع ".
وأضافت " أن رسالتنا هي رسالة محبة وسلام وتعاون بين الجميع من أجل نشر الثقافة والعلم، ورسالتنا الأوسع هي الوصول إلى عالم لا مكان فيه للكراهية والحروب ".
وعبرت حافظ عن حبها واحترامها للشعب الصيني وثقافته وقالت، إن الشعب الصيني من أكثر الشعوب محبة للسلام، لافتة إلى أنها قرأت الكثير من المؤلفات حول الشعب الصيني ودوره في السلام والتقدم والتأخي بين الشعوب، مضيفة، اتمنى لهذا الشعب المزيد من التقدم.
ومن جانبه قال الشاعر فراس عبد المجيد، أن مبادرة تأسيس مكتبة شمس الأمومة هي بمثابة رد اعتبار للكتاب الورقي الذي شهد انحسارا في الأونة الاخيرة نتيجة انتشار وسائل التواصل الاجتماعي واقتصار القراءة على الخفيف والسريع من المعلومات.
وأضاف أن تأسيس هذه المكتبة هو دعوة للعودة إلى القراءة من خلال التذكير بأهمية الكتاب باعتباره مدخلا للثقافة والعلم والإبداع.
واعتبرت الكاتبة صبيحة شبر، أن قيام الروائية سافرة جميل بتحويل جزء من منزلها الى مكتبة عامة، يعد انطلاقة جديدة من أجل مجتمع مثقف ومتحضر وإعادة لحضارة المكتبات التي كانت تنتشر في كل مناطق بغداد ولا يكاد حي من أحيائها يخلو من مكتبة عامة .
وأشارت إلى أن هذه المكتبة تضم أقسام عدة منها قسم الموسيقى والرسم والنحت حيث تستقطب هواة القراءة والموسيقى والرسم والفنون الأخرى وهي متاحة أمام الجميع مجانا، وكل من يريد أن يتعلم هذه الفنون أو يقرأ الكتب له أن يدخل اليها ليجد ما يبحث عنه .
والروائية سافرة جميل حافظ، ولدت في منطقة كرادة مريم وسط بغداد عام 1931 وهي قاصة وروائية عراقية، أثبتت حضورها في المشهد الثقافي العراقي منذ الخمسينات من القرن الماضي عندما فازت قصتها ( دمى الأطفال ) بجائزة الأخبار الأدبية عام 1956، وتنتمي لعائلة تعشق الأدب والفن فشقيقتها الفنانة التشكيلية المعروفة حياة جميل حافظ وشقيقها الفنان منذر جميل حافظ مؤسس الفرقة السمفونية الوطنية العراقية، وهي خريجة كلية الأداب جامعة بغداد عام 1954، وعملت في مجال الصحافة عند تخرجها، وصدر لها مؤخرا مجموعة قصص قصيرة بعنوان "14" قصة ، ورواية "هم ونحن والقادمون" .