تحدثت صحيفة عبرية، عن عدة ملاحظات مثيرة في اليوم التالي لـ"صفقة ترامب"، التي أعلن عن تفاصليها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مساء يوم الثلاثاء الماضي.
وأوضحت صحيفة "هآرتس" العبرية في مقال للكاتب ألوف بن، أن الملاحظة الأولى تتعلق بـ"الاستسلام"، حيث "تطلب الصفقة من الحركة الوطنية الفلسطينية، الاستسلام دون شروط. وبحسب ترامب، السلام سيتحقق فقط إذا توقف الفلسطينيون عن ترديد "رواية الماضي" ووجهوا أنظارهم إلى "الأمام".
وأضافت: "ترامب يقول للفلسطينيين، لقد خسرتم الحرب، وحان الوقت لأن تدركوا ذلك، وعلى الحركة الوطنية الفلسطينية، تغيير الفكرة القومية، وكتب التعليم والمقالات في الصحف الرسمية، وتبني رواية جديدة".
ونوهت إلى أن الشعب الفلسطيني بحسب "صفقة ترامب" يمكنه "التمتع بـاستقلال منقوص، في حال اكتفى بمنطقة محدودة مقسمة بالمستوطنات ومسيطر عليها من الجوانب كافة، ومن الأعلى ومن موجات الأثير، من قبل الجيش الإسرائيلي، إضافة إلى عاصمة في أبوديس مع سفارة أمريكية، وعضوية كاملة في الأمم المتحدة و50 مليار دولار".
ونبهت الصحيفة إلى أن "الصفقة تسعى إلى محو الروح الوطنية الفلسطينية، التي تطالب بعودة اللاجئين إلى يافا وحيفا وإلى نحو 400 قرية دمرتها إسرائيل عام 1948"، موضحة أن "ترامب يقول لهم: بهذه الطريقة لن تحققوا الاستقلال، وفي حال تصلبتم عند رأيكم فلن تحصلوا على أي شيء".
وأكدت أن "ترامب يتبنى دون شك موقف رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الذي دعا منذ بداية مسيرته إلى تدمير الحركة الوطنية الفلسطينية"، معتبرة أن "الفترة الزمنية التي منحها ترامب للفلسطينيين، من أجل تبني الخطة، تستهدف الانتظار حتى انتهاء فترة ولاية الرئيس الفلسطيني محمود عباس وصعود البديل عنه".
الملاحظة الثانية تتعلق بـ"الجانب الفلسطيني"، أشارت "هآرتس"، إلى أنه "في نهاية الإدانات وأيام الغضب، يجب على القيادة الفلسطينية أن تسأل نفسها، إذا لم تكن مخطئة في فهم الساحة الدولية، وأضاعت فرصة صفقة أفضل"، بحسب زعمها.
وتساءلت: "هل كان ياسر عرفات محقا عندما رفض اقتراح التسوية الذي قدمه يهود باراك وبيل كلينتون في قمة كامب ديفيد قبل عشرين عاما؟"، مضيفة: "حل عباس مكان عرفات، وواصل طريقه، واعتقد أن التأييد الدولي للفلسطينيين هو قوي وحصين إزاء التغيرات السياسية، وأنه إذا انتظر وقتا كافيا، فإن العالم سيملي على إسرائيل اتفاقا أفضل، ولم يأخذ في الحسبان أن الولايات المتحدة ستتبنى بصورة مطلقة موقف اليمين الإسرائيلي".
ورأت أنه "يجب على عباس الذي قطع اتصالاته مع إدارة ترامب، مواجهة خطة ترامب التي تقوم على رؤية نتنياهو، ومقاطع كاملة منها منسوخة من كتبه وخطاباته"، معتبرة أن " الأسوأ من ناحية عباس، أن العالم لم يقم بإدانة الخطة".
أما الثالثة فهي تتحدث عن "الانتخابات الأمريكية" وسعي الحزب الديمقراطي الذي يريد "استبدال ترامب"، وذكرت أن "اليسار الإسرائيلي يرد على خطة ترامب بالنفي، ويظهر الأمل بأن ما كان لن يكون، وكل ذلك كلام فارغ، ونتنياهو لن يتجرأ على الصمت".
وأفادت أن "لصفقة ترامب جمهورا في الولايات المتحدة، التي هي على أبواب حملة انتخابات رئاسية، وهي تضع معضلة أمام المرشحين الديمقراطيين الذين يريدون استبدال ترامب، خاصة أمام المرشح الأقوى جو بايدن، وهو نسخة أمريكية من تحالف "أزرق أبيض" الإسرائيلي".
وتساءلت مجددا: "كيف سيتصرف بايدن إذا فاز في الانتخابات؟ وما الذي سيفعله ديمقراطي أكثر يسارية، في حال ورث ترامب في البيت الأبيض في كانون الثاني القادم؟"، مبينة أنه "من المعقول أن أي رئيس مستقبلي سيقوم بتخزين خطة سلفه السياسية، مثلما فعل جميع رؤساء الولايات المتحدة منذ 1967، فهذه هي السياسة".
وقدرت أن الحزب الديمقراطي "ملتزم بالتعاون الدولي، وسيحترم قرارات الأمم المتحدة، ولن يتعامل معها كجسم ينتج القمامة، مثلما يعتقد ترامب وطاقمه، ولكن كيف سيتعامل الحزب مع الخطوات التي تم اتخاذها على الأرض؟ وهل سيعيد السفارة الأمريكية إلى تل أبيب؟ وهل سيطالب إسرائيل بإلغاء خطوة الضم، وإعادة المستوطنات للحكم العسكري؟".
ونبهت الصحيفة إلى أن "التجربة تعلمنا بأن الولايات المتحدة تسلم بخطوات أحادية الجانب لإسرائيل، حتى لو كانت تعارضها من البداية، وهكذا وافقت أمريكا على إعلان قيام إسرائيل عام 1948، ونقل عاصمة إسرائيل إلى القدس، وبناء المفاعل النووي في ديمونة، وضم القدس وهضبة الجولان وقصف المفاعل العراقي".
ورجحت أن الإدارة الأمريكية الجديدة "ستسلم بضم غور الأردن والمستوطنات، بعد أن حصل هذا الضم على موافقة أمريكية، وهذا هو السبب الذي سيجعل نتنياهو أو من سيرثه، أن يعلن عن الضم حتى قبل الانتخابات الأمريكية في تشرين الثاني القادم".
وحول الملاحظة الرابعة التي تخص "نتنياهو"، اعتبرت "هآرتس"، أن مقارنة رئيس الحكومة يوم إعلان تفاصيل الصفقة الذي وافق تاريخ 28 كانون الثاني/يناير 2020، بيوم إعلان "قيام إسرائيل" (على أرض فلسطين المحتلة) بتاريخ 14 أيار/مايو 1948، هي "مقارنة مدحوضة".
ورأت أنه "من السابق لأوانه، التقدير بأن هذا اليوم ستتم الإشارة إليه في المستقبل، أو أنه سيتلاشى بهدوء مثل تواريخ تاريخية أخرى نتذكرها من العملية السلمية".
ورغم ذلك، قدرت الصحيفة أن اليوم المذكور، هو "يوم تأسيسي في مسيرة نتنياهو الطويلة، وهو اليوم الذي طرحت فيه رؤيته السياسية كخطة سلام أمريكية، بعد سنوات كثيرة وقف فيها وحده؛ وهو اليوم الذي فيه قدمت ضده لائحة اتهام خطيرة بسبب تلقي الرشوة".
وتابعت: "كل ميزات نتنياهو برزت في هذا اليوم، ومهاراته الخطابية كدبلوماسي، التي أهلته لحضور الاحتفال في البيت الأبيض، وسعيه المريض للحصول على التقدير الذي جعله يتورط في أمور جنائية".