لليوم الثالث على التوالي، تواصل إطلاق البالونات الحارقة من قطاع غزة باتجاه المستوطنات الإسرائيلية المحاذية له، في وقت تستمرّ فيه الضغوط من الفصائل الفلسطينية على الوسطاء لدفع العدو الإسرائيلي إلى تنفيذ تفاهمات التهدئة، إضافة إلى إيقاف الإجراءات المصرية التي تهدف إلى تقليص العائدات الحكومية من الحركة التجارية.
وتقول مصادر فصائلية، لـ«الأخبار»، إن الأزمة لا تزال قائمة بين حركة «حماس» والوسطاء حول تنفيذ التفاهمات، إذ لم يتمّ التوصل إلى حلول جديدة على رغم تكثيف الاتصالات، في وقت طالبت فيه الحركة بتحسينات عاجلة ووقف عمليات التضييق المصرية مقابل العودة إلى حالة الهدوء.
وتتمحور نقطة الخلاف حالياً حول رفض «حماس» منح مزيد من الوقت للوسطاء لتنفيذ بقية التفاهمات، وخصوصاً أن مراوغة العدو أخّرت تنفيذ عدد من البنود المهمة لمدة طويلة، مثل إمداد محطة توليد الكهرباء بالغاز، وزيادة كمية الكهرباء الخارجية، بالإضافة إلى الحاجة إلى «بديل اقتصادي دائم» يحسّن الوضع بعيداً عن المنحة القطرية التي تُصرف شهرياً بقيمة 100 دولار أميركي على أكثر من 70 ألف عائلة. وترى «حماس» أيضاً أن حالة الهدوء «لا يمكن أن تمرّ بالمجان في ظلّ مماطلة الاحتلال في تنفيذ التفاهمات... العدو اعتمد سياسة التمديد عبر الوسطاء مرحلة بعد أخرى وتأخير تنفيذ البنود المتفق عليها».
ميدانياً، لم تتوقف البالونات الحارقة عن الانطلاق، بل خرجت بكثافة؛ إذ طارت أمس عشرات الدفعات من البالونات التي تحمل موادّ متفجرة تجاه المستوطنات، ووصل جزء منها إلى مدينة أسدود على بعد 20 كلم عن القطاع، ما تسبب بـ«استفزاز كبير» للإسرائيليين خلال اليومين الماضيين، خاصة بعدما انفجرت بالونات قرب دورية لجيش العدو في مستوطنة «أشكول» جنوب القطاع. كما اشتكى المستوطنون من سماع أصوات انفجارات كبيرة. ورداً على ذلك، قصفت طائرة مروحية إسرائيلية موقعاً للمقاومة بخمسة صواريخ.
ودعا نائب وزير الأمن الإسرائيلي، آفي ديختر، إلى التعامل مع أيّ بالون يحمل عبوة ناسفة على أنه اعتداء «إرهابي»، مهدداً بأن لدى إسرائيل وسائل إضافية لممارسة الضغوط على «حماس»، وأن «الأخيرة تدرك ذلك». وتهكّم ديختر على إمكانية حلّ سياسي مع غزة بالقول: «فرصة حدوث هذا الحلّ تشبه فرصة فوز إسرائيل بالمونديال». في المقابل، علّقت «حماس» على القصف الإسرائيلي، على لسان المتحدث باسمها حازم قاسم، بالقول إن ما يجري «جزء من معركة متواصلة بين شعب ومقاومته وبين محتل متغطرس»، فيما قال القيادي في «الجبهة الديمقراطية»، طلال أبو ظريفة، إن إطلاق البالونات «خطوة منفردة من الشباب الثائر كردّ فعل على تلكؤ الاحتلال في وقف إجراءات الحصار».
وفيما علمت «الأخبار» أن وحدات ضغط ميداني أخرى تستعدّ للعودة إلى العمل خلال اليومين المقبلين، وأبرزها «الإرباك الليلي» التي تعمل على إزعاج مستوطني الغلاف بإحداث تفجيرات وأصوات تحاكي حالة الحرب، توقع المحلل العسكري في صحيفة «معاريف» العبرية، طال ليف رام، حدوث جولات قتالية خلال المرحلة المقبلة، قائلاً: «إلى جانب جهود التهدئة، ليس متوقّعاً أن ينتهي إطلاق النار من القطاع، الأمر الذي يبقي احتمال التصعيد في مستوى عالٍ». وأضاف: «على الأرجح، قد تتراجع حماس عدّة خطوات إلى الوراء في الأشهر القريبة، حتى بثمن تصعيد غير كبير».