قارنت صحيفة إسرائيلية بين تداعيات اغتيال إسرائيل للعديد من قادة المقاومة الفلسطينية، واغتيال أمريكا للجنرال الإيراني قاسم سليماني.
ورأت صحيفة "هآرتس" العبرية أن "التصفيات المركزة أسلوب عمل ناجع"، لكنها في الوقت ذاته حذرت من أن "التصفية المدهشة لسليماني، يمكن أن تتسبب ببكاء إسرائيل"، مشيرة إلى عملية اغتيال المهندس الفلسطيني يحيى عياش في عام 1996.
وقالت الصحيفة إن عملية اغتيال عياش أثارت إعجاب وهتاف بين جميع الإسرائيليين، لكنها أشعلت الشارع الفلسطيني، ودفعت حماس لزيادة قوة العمليات، ونفذت في ثمانية أيام أربع عمليات، أدت إلى قتل 59 إسرائيليا.
وتابعت: "الدهشة والخوف لدى الرأي العام الإسرائيلي، حولت بيرس من بطل شجاع إلى انهزامي مذعور، ورفعت إلى الحكم بنيامين نتنياهو، وغيرت وجه إسرائيل إلى الأبد"، بحسب تعبير الصحيفة الإسرائيلية.
وفي 2001، "تمت تصفية الأمين العام للجبهة الشعبية، أبي علي مصطفى، وورثته وعدوا بالانتقام من المستوى السياسي الرفيع في إسرائيل، ونفذوا وعدهم، وبعد شهرين قامت خلية من الجبهة الشعبية بقتل الوزير رحبعام زئيفي، وهي العملية التي تسببت بزيادة تطرف الرأي العام في إسرائيل، وحولت زئيفي المنبوذ بسبب تأييده الترانسفير، إلى بطل قومي".
وأكدت الصحيفة أن "التصفيات المركزة، سواء أدت إلى انخفاض عدد العمليات مثلما حدث بعد تصفية الشيخ أحمد ياسين في 2004، أو زيادتها مثلما حدث في "آذار الأسود" بعد تصفية رائد الكرمي في 2002، الذي قتل فيه 130 اسرائيليا، فإنها تعتبر في 2020 أسلوب عمل مبرر وناجع".
وأضافت: "لذلك، فإن تصفية قاسم سليماني أثارت ليس فقط تحمسا مفهوما لقتل عدو ذكي، بل أيضا الغضب على من تجرأ على الإشارة إلى الأخطار التي تكتنف هذه التصفية"، لافتة إلى أن "الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عزز مكانته كبطل إسرائيلي، في حين أن الحزب الديمقراطي الذي تحفظ على العملية، تحول في نظر المحللين إلى انهزامي فقد البوصلة".
ومع هذا، فإن "لواشنطن ذاكرة تاريخية أخرى، فمفهوم التصفية المركزة ارتبط بالمقام الأول بسلسلة طويلة من محاولات قتل زعماء أجانب، نفذتها الـ سي.آي.إيه في الستينيات والسبعينيات خلافا للقانون".
وتابعت: "خلافا لمشجعيه الإسرائيليين، فإن معظم الأمريكيين غير قادرين على الفصل بين قراره الحكيم بعض الشيء بتصفية سليماني، وبين سلوكه الوحشي في أي ساحة أخرى، داخلية وخارجية على حد سواء"، معتبرة أن "تهديد ترامب بقصف 52 هدفا إيرانيا، بما في ذلك مواقع تراث عالمي، هو إعلان بربري عن النية بتنفيذ جريمة حرب، وأيضا رمز للجنون الذي يمكن أن يشعل الشرق الأوسط وينزل ضربة شديدة على إسرائيل".
ونبهت أن رئيس حكومة الانتقالية بنيامين نتنياهو، هو "أحد الزعماء القلائل في العالم الذين باركوا التصفية، ورغم الإغراء الانتخابي فهو حذر، على الأقل حتى الآن، من أن ينسب الفضل لنفسه".
فنتنياهو لم يكرر تصريحه قبل شهرين، أنه "لم يكن هناك أي شخص أثر في السياسة الهجومية للولايات المتحدة تجاه إيران أكثر مني، والجميع يعرف ذلك".
ورأت "هآرتس"، أن "نتنياهو يحاول أن يسلب من إيران ذريعة المس بإسرائيل، لكنه يعرف وخلافا لمعظم الجمهور الإسرائيلي، أن التصفية المدهشة اليوم يمكن أن تظهر كبكاء للأجيال في الغد".