قال مصدر عسكري اسرائيليان التشكيل الذي تسعى إسرائيل إلى انشائه، «جيش الجنوب» في المنطقة العازلة في الجولان لاقى استحسان بعض فصائل القنيطرة بينما رفضته «جبهة ثوار سوريا» و«أحرار الشام» و«جبهة النصرة»، فيما وافق بعض أفراد الأخيرة على البقاء في منطقة فض الاشتباك قرب الحدود مع الجولان السوري المحتل من إسرائيل. وأفاد المصدر أن ألوية «فرسان الجولان»، و«العز بن عبد السلام» و «سيف الشام» ستكون نواة «جيش الجنوب». ومن المعلوم أن الفصيلين الأولين يتلقان دعما مباشرا من الجيش الإسرائيلي منذ فترة طويلة. فيما أجبر «سيف الشام» على قبول العرض والانضمام بعد تقدم النظام والميليشيات الإيرانية والقصف الروسي العنيف. وحُدد عمل «جيش الجنوب» في المنطقة منزوعة السلاح داخل الأراضي السورية حسب اتفاق عام 1974. ويبلغ تعداد المقاتلين في الجيش المذكور قرابة ألفي مقاتل، بشكل أولي، مع احتمال الزيادة. وتسلم فصائل الجيش كامل سلاحها الثقيل الذي تملكه إلى روسيا، وتبقي على السلاح الخفيف والمتوسط. ومن الممكن تسليم كامل السلاح وتعويضه بسلاح أمريكي من إسرائيل، وتشكل المنطقة منزوعة السلاح ملاذاً آمنا للعسكريين وأهاليهم وباقي المدنيين الذين رفضوا العودة إلى مناطق النظام. وتشرف إسرائيل بشكل مباشر على جيش الجنوب، وتحدد نقاط تمركزه المشتركة في مناطق سيطرة النظام السوري. وستنشىء مشفى لاستيعاب المرضى أو الجرحى في المنطقة بهدف سد الحاجة واقتصار الدخول إلى المشافي العسكرية في الجولان على الحالات الحرجة والتي تحتاج إلى تدخل جراحي عالي المستوى. ويدير المشفى أطباء سوريون وتموله إحدى المنظمات الطبية السورية. ومن المتوقع بناء عدة مخيمات لعشرات آلاف العالقين قرب السياج الإسرائيلي، بإشراف الأمم المتحدة ومنظماتها الدولية حسب الاختصاص. المقترح الإسرائيلي قوبل برفض من روسيا، وتوترت الأوضاع بين الجانبين مع منع «فرسان الجولان» يوم الخميس، لإحدى آليات الهندسة في قوات النظام «تركس» من فتح الطريق أمام الحافلات التي كان من المتوقع أن تدخل وتقل المقاتلين الرافضين لاتفاق المصالحة في القنيطرة إلى محافظة إدلب، شمال سوريا. وعلى إثر ذلك، دخل وفد عسكري روسي إلى إسرائيل عبر القنيطرة للقاء المسؤولين العسكريين في الجيش الإسرائيلي بهدف حلحلة التوتر الحاصل بين قوات النظام وفرسان الجولان المدعوم منها. ويهدف المشروع الإسرائيلي في جنوب سوريا، إلى توطيد سيطرتها على مرتفعات الجولان المحتل، والتقليل من مخاوف الوجود الإيراني قرب حدودها من خلال إنشاء منطقة آمنة تضم مقاتلين مناوئين لإيران. وتعتبر المنطقة بمثابة خط دفاع ثاني في حال عدم التزام إيران الابتعاد عن الحدود الإسرائيلية إلى عمق 40 كم. ويتوقع أن تعزز تل أبيب دورها بشكل أكبر من خلال دعمها للبنية التحتية والمرافق العامة في منطقة فض الاشتباك، إضافة إلى دعم البنى الإدارية المحلية، أو المجالس المحلية التي شكلت في مناطق سيطرة المعارضة. في سياق آخر، فان سرعة التدخل الروسي وعمليات المصالحة في عدة مناطق قد شتتت فصائل «الجيش الحر» وأجبرت معظمه على قبول المصالحات فيما تعتبر «جبهة ثوار سوريا» الفصيل الوحيد من كامل فصائل الجبهة الجنوبية رفضت المصالحة وفضلت التهجير، ورفضت العرض الإسرائيلي بالدخول تحت مظلة «جيش الجنوب». ما سبق، يطرح سؤالا عن فصائل القنيطرة وتعدادها، واستعدادها للقبول بالتبعية الإسرائيلية، على اعتبار أن أغلب سكان المحافظة من نازحي حرب 1967 وهو ما يصعب عملية قبول الانضواء تحت سلطة الجيش الإسرائيلي. في المقابل، يحاول هؤلاء الملتحقون في «جيش الجنوب» البحث عن حل وسط يمنع عودة النظام إلى مناطق نزوحه الجديد في المنطقة المنزوعة السلاح، ويحفظ عدم الارتباط الكبير مع إسرائيل. وما ينطبق على العسكريين ينسحب مع الوقت على المدنيين والمهجرين أيضا، ويضع علامات استفهام كبيرة أيضاً على النشطاء السياسيين والمتعلمين الذين سيفضلون البقاء في تلك المنطقة بعد اتضاح مصيرها. إلى ذلك فشل الروس رغم التعهدات الكثيرة في اقناع المدنيين بالعودة إلى بلداتهم وقراهم التي فروا منها من شرق درعا وغربها وشمالها. ويضاف إلى هؤلاء قرابة 270 صحافيا وناشطا إعلاميا يعملون في وسائل إعلام الثورة والمعارضة وصحافتها البديلة، ما زالوا ينتظرون حلا لهم مع ارتفاع المناشدات لإخراجهم، الأمر الذي ينسحب على الكثير من متطوعي الدفاع المدني السوري «القبعات البيضاء». ميدانيا يتعقد المشهد مع تسلل جيش «خالد بن الوليد» المبايع لتنظيم «الدولة الإسلامية» إلى عدة بلدات في محافظة القنيطرة شمال حوض اليرموك، ومع أنباء واتهامات لهيئة «تحرير الشام» بتسليم سلاحها الثقيل وذخيرتها قبل الخروج شمالاً إلى إدلب، وانضمام أعداد كبيرة من مقاتلي «تحرير الشام» إلى «جيش خالد» من الذين فضلوا عدم الخروج إلى إدلب أو البقاء في منطقة فض الاشتباك واتخذوا قرار القتال في صف التنظيم الذي رحب بهم ضد النظام والميليشيات الإيرانية. مع ذكر «جيش الجنوب» يلمع في الرأس اسم «جيش لبنان الجنوبي» أو ما عرف بجيش لحد بعد تسلم أنطوان لحد قيادته في عام 1984 خلفا لسعد حداد، وتوضح المعطيات الأولية أن الجيش الذي تعكف إسرائيل على خلقه، سيلاقي المصير الذي لاقاه جيش لبنان الجنوبي، وان كان الحال مختلفا قليلا بين التجربتين، طبعاً في حال نجاح المشروع وعدم معارضة موسكو وتقديمها ضمانات جديدة حول التواجد الإيراني في جنوب سوريا. من ناحية أخرى، تشكيل الجيش يدلل على قبول إسرائيلي بمنطقة نفوذ لإيران وحزب الله في مدينة القنيطرة، خصوصا مع دعمها لتشكيل جيش الجنوب، منزوع السلاح الثقيل ومحدد العدد، وهو ما يخالف رغبتها في إبعاد إيران بعمق 40 كم عن حدود الجولان.