تدين وزارة الخارجية والمغتربين بأشد العبارات إقدام قوات الإحتلال على منع مواطنين فلسطينيين ومتضامنين من زراعة أشجار الزيتون في أراضٍ مهددة بالمصادرة في قرية "التواني" جنوب الخليل، هذا الاجراء الاحتلالي هو حلقة جديدة من حلقات الحرب التي تشنها سلطات الإحتلال على شجرة الزيتون وغيرها من الأشجار الفلسطينية في طول البلاد وعرضها. وهنا تتساءل الوزارة: ما هو الجرم الذي ارتكبناه؟ هل لأننا نرغب في زراعة أشجار الزيتون بما تمثله من رمز وطني، وما تعكسه من بقاء وعزة نفس وعطاء، وفي ذات الوقت صمود ومقاومة؟. تلك الشجرة الخضراء المباركة والمعمرة التي تحمي الذاكرة لآلاف السنين كانت شاهدة على قدوم المستعمرين والطغاة والمحتلين وفي ذات الوقت على رحيلهم، وشاركت سكان البلاد الأصليين معاناتهم وآلامهم. فهل زراعة أشجار الزيتون المبرر لهذه الهجمة الفاشية لجيش الاحتلال الاسرائيلي، وهل باتت شجرة الزيتون تُرهب هذا المحتل وترعبه؟. أم هي الأرض الفلسطينية التي وضع زعماء الحركة الصهيونية أعينهم عليها منذ نهاية القرن قبل الماضي؟. إن ما نشاهده اليوم من عمليات استيلاء مستمرة على الأرض ما هي الا تنفيذاً لتلك المخططات الصهيونية الإستعمارية، فأرض فلسطين تُستباح بجميع مُسمياتها أكانت حكومية أم خاصة يمتلكها مواطنون فلسطينيون ورثوها أبا عن جد وزرعوها واهتموا بها كما تهتم الأم بأطفالها. أم هل السبب في ذلك يعود لإستراتيجية المكان جنوب جبل الخليل، حيث الإطلالة الخلابة والمكان الإستراتيجي الذي يكشف نصف العالم؟! هذا المكان الذي تتعمق فيه رائحة الزمن وحركة الإنسان في معادلة يهدف الإحتلال الى شطبها من خلال طرد كل حضور ووجود للفلسطينيين على هذه البقعة من أرض أجدادهم.
إن هذه الظاهرة الغريبة لو حدثت في أي مكان بالعالم لأثارت الإستياء، الاستهجان، الاشمئزاز وحتى الرفض. لكن كون الحدث تم في فلسطين المحتلة ومن قبل الاحتلال الإسرائيلي، فان ذلك يواجه بالصمت المطبق والتجاهل المطلق من جانب المجتمع الدولي، فأين هي الدول والحكومات التي تدعي العدالة والقانون؟، أين هي الأحزاب التي تدافع عن الحقوق والمبادىء الانسانية؟، أين هي مؤسسات المجتمع المدني التي تصرخ دوما دفاعا عن تلك الحقوق؟، وأين هي أصوات وتغريدات وكتابات ناشطي وسائل التواصل الإجتماعي من هذه الجريمة؟! فهل يُعقل أن يتم منع المواطنين من زراعة أشجار الزيتون أو غيرها في أرضهم؟!.
قبل أيام قليلة أثبتت الدول الغربية أنها تعتمد إزدواجية المعايير في تعاطيها وتعاملها مع القضية ذاتها، بتصويتها ضد قرارات مجلس حقوق الإنسان المطالبة بمساءلة ومحاسبة إسرائيل كقوة إحتلال على جرائمه، خاصة أنها لا تنفك تطالب بذات المساءلة والمحاسبة في بقية مناطق العالم وبقاعه المختلفة، وتنبري لتعلن الحرب عندما يتم قطع شجرة أو اعتداء على أرض مواطنيها، بينما تصمت ولا تُحرك ساكناً عندما تقوم اسرائيل كقوة إحتلال بجيشها ومستوطنيها بالإعتداء على أراضي المواطنين الفلسطينيين، وإقتلاع وتجريف الآلاف من الاشجار. ويبقى السؤال برسم تلك الدول: هل شجرة الزيتون الفلسطينية مختلفة؟!