مع انتصاف شهر شباط من كل عام، تبدأ نباتات الهليون البرية، التي تنمو في الغالب وسط أشواك الصبار، بإنتاج براعم خضراء ناضجة، يستمر ظهورها لشهر واحد فقط، وتعتبر من أهم النباتات التي يقبل عليها الريفيون.
وتجتذب هذه البراعم عشرات الشبان والفتية وحتى النساء، حيث ينتشر الريفيون في الخلاء، خاصة قرب نباتات الصبار، للبحث عنها وقطفها، ويعتبرونها الغذاء العلاجي القوى والأهم الذي يمدهم بالطاقة اللازمة لمكافحة معظم الأمراض الشتوية والربيعية، ويستخدم في أمور علاجية كثيرة، أبرزها العقم، وعلاج السرطانات بمختلف أنواعها.
كما يعتقد الريفيون، اللذين توارثوا أكل الهليون عن أجدادهم، أن استغلال فترة نمو الهليون القصيرة وتناول أكبر كمية منها يمنحهم وقاية من الأمراض طوال العام، ويعطيهم طاقة وحيوية لفترة طويلة.
الفتى إبراهيم جمعة، يغادر منزله بعد عودته من المدرسة، ويذهب إلى الأراضي الزراعية بحثاً عن براعم الهليون، التي تتفنن والدته في طهيها برفقة مأكولات أخرى.
وأكد جمعة (15 عاماً)، أن والدته توصيه بجلب أكبر كمية ممكنة من هذه البراعم، خاصة الطويلة منها، فهي تستطيع تخزينها لعدة أيام.
وأوضح أن والدته أحياناً تقوم بقلي البراعم مع البيض، وأحياناً أخرى يتم شويها على نار هادئة، وكثيراً ما يتم خلطها ومزجها بشوربة الخضار.
وبيّن أنه يتناول براعم الهليون برفقة أفراد أسرته كل يوم تقريباً، فهي ورغم أن مذاقها يميل للمرار، إلا أنها مفيدة وتمنحهم الصحة، وتجنبهم الأمراض كما يعتقدون.
أما المواطن عبد الله شراب، من سكان شرق مدينة خان يونس، فأكد أنه ورث أكل الهليون عن أبيه الذي ورثها عن جده، وهي نبتة علاجية قديمة، تنمو في الخلاء، خاصة وسط نبات الصبار، ورغم صعوبة قطفها، نظراً لأنها تكون محاطة بالأشواك، إلا أن الحصول عليها هدف كل ريفي، وباتت تباع في الأسواق على شكل حزم صغيرة.
وأشار شراب إلى أنه لا يتخيل أن يمر فصل الشتاء والربيع دون أن يتناول الهليون بكثرة، وهو يفرح لهطول الأمطار؛ لأن هذا سيعطي النبتة فرصة أكبر لإخراج براعم مكتنزة وجيدة، بعكس لو كان المطر قليل فإن إنتاجها سيكون ضعيفاً.
ودعا شراب لحماية هذه النبتة التراثية المهمة، ومنع تجريفها لإقامة مساكن أو زرع الأراضي بالخضروات الموسمية.
ويحتوي الهليون على نسبة عالية من الفوليك الذي يحتاجه الجسم، خاصة النساء اللواتي ينوين الإنجاب، إضافة إلى كونه مصدراً غنياً بفيتامين C وفيتامين B6، ومضاداً لبعض الأمراض السرطانية، كما أكدت بعض الدراسات الحديثة أنه يحسن المزاج ويقي من الاكتئاب. كما يحتوي على نسبه عالية من مضادات الأكسدة، وعلى "الجلوتاثيون" الذي يحتوي على 3 أحماض أمينية مهمة، تعمل بمثابة مضادات للأكسدة، بالإضافة لاحتوائه على نسبة عالية من فيتامين C وA، ونسبة عالية من "الزنك" و"الماغنيسيوم" و"السيلينيوم"، والتي تساعد في مقاومة علامات تقدّم السن والشيخوخة.
ويحتوي الهليون على خواص مضادة للالتهابات، ومضادات للأكسدة، فبالتالي يعتبر مقاتلاً قوياً ضد سرطان القولون والمثانة والثدي والرئة والبروستات والمبيض، وأنواع أخرى من السرطانات، كما يفيد في صحة القلب والعظام.
صحيفة :" الايام