اكدت مصادر فلسطينية مطلعة، أن الإدارة الأمريكية نشطت من محاولاتها خلال الأسابيع الماضية، لفتح «قنوات اتصال» مع شخصيات فلسطينية «غير حزبية»، للحديث عن المرحلة المقبلة، بعد قرار القيادة الفلسطينية وقف اتصالاتها مع واشنطن، رفضا لقرار الرئيس دونالد ترامب، اعتبار مدينة القدس عاصمة لدولة الاحتلال.
وأشارت المصادر إلى أن المستوى السياسي الفلسطيني يعلم جيدا التحركات الأمريكية واتصالاتها الأخيرة التي أجريت مع بعض الشخصيات الفلسطينية، التي تضمنت دعوة البعض لزيارة واشنطن خلال الأيام الماضية، بعيدا عن القيادة.
وتريد الإدارة الأمريكية بذلك «إحراج» القيادة الفلسطينية وإضعاف موقفها القاضي بتجميد الاتصالات لحين عدول أمريكا عن قراراتها الأخيرة، وهو أمر تدركه جيدا مؤسسة الرئاسة الفلسطينية، كما أكدت المصادر السياسية.
وكشفت المصادر أن تلك الاتصالات تضاعفت حلال الأيام القليلة الماضية، وتحديدا قبل وصول المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط جيسون غرنبيلات، إلى المنطقة الأسبوع الماضي.
وخططت الإدارة الأمريكية من وراء زيادة الاتصالات للترتيب لعقد لقاء يجمع عددا من الشخصيات الفلسطينية مع غرينبلات، الذي لم يحظ هذه المرة بأي لقاء مع الجانب الفلسطيني الرسمي، واكتفى بالاجتماع بالمسؤولين الإسرائيليين، وهو أمر لم يكن قائما منذ تعيين الرجل في هذه المهمة.
وتدرك القيادة الفلسطينية أن الإدارة الأمريكية تريد من وراء عقد اللقاء، إظهار عدم قدرة القيادة الفلسطينية على بسط سيطرتها السياسية على كل المكونات الفلسطينية، وهو ما لم ينجح، بسبب حالة الإجماع الفصائلي اaلفلسطيني على قرار «المقاطعة»، الذي يحظى بدعم قوي من حركة حماس في غزة أيضا.
ودفع الحديث عن المخطط الأمريكي لـ «خلق وتأهيل قيادات بديلة»، وفي ظل الرفض الشعبي للسياسات الأمريكية الأخيرة التي فجرت موجة غضب عارمة لا تزال قائمة ضد الاحتلال، إلى نفي العديد من الشخصيات الفلسطينية في مجالس خاصة، وجود أي نية لديها للاجتماع مع المبعوث الأمريكي في القدس.
ويخشى هؤلاء ليس فقط من غضب المستوى السياسي، بل من المستوى الفصائلي بسبب رفض حركة حماس في غزة لهذه الاتصالات، ومن «الغضب الشعبي» الذي تمثل برد قوي من مجموعة من الشبان، تصدوا لوفد أمريكي زار قبل أيام غرفة تجارة وصناعة محافظة بيت لحم جنوب الضفة الغربية، حيث قام الشبان برشق الوفد الزائر بالبيض والأحذية، وعبر الغاضبون عن رفضهم لعقد الاجتماع في الغرفة التجارية، بسبب وجود قرار من القيادة الفلسطينية بمقاطعة الوفود والشخصيات الأمريكية.
يشار إلى أن غرينبلات سبق وأن عقد «بعلم السلطة» لقاءات مع شخصيات فلسطينية عدة، خلال جولة سابقة للمنطقة، ناقش معهم سبل الدفع بعملية السلام، وسبل تعزيز الاقتصاد الفلسطيني في المرحلة اللاحقة، ضمن خطة سلام شاملة.
غير أن فشل المخطط الأمريكي في جمع شخصيات فلسطينية مع غرينبلات في القدس أخيرا، لم يوقف تخوف المستوى السياسي من عقد مثل هذه اللقاءات في عواصم غربية أو في واشنطن بعيدا عن الإعلام.
ويأتي ذلك بعد الكشف من قبل مسؤول في البيت الأبيض عن أن فلسطينيين من الضفة وغزة، وفلسطينيين أمريكيين يتصلون بالولايات المتحدة لترتيب لقاءات «غير معلنة»، بعد قرار القيادة الفلسطينية تعليق الاتصالات.
ولم يكشف المصدر عن أسماء هؤلاء الفلسطينيين، لكنه أشار في لقاء مع صحافيين إلى أنهم «ليسوا في مناصب رسمية».
وحذرت السلطة الفلسطينية منذ بداية الأزمة التي نشبت بعد إصدار قرارات ترامب، من قيام بعض الشخصيات من الضفة والقطاع بإجراء اتصالات مع الإدارة الأمريكية، ولا تلتزم بقرار المقاطعة، على اعتبار أن الأمر يدخل في إطار «خلق قيادة بديلة».
يشار إلى أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس رفض أخيرا فتح قناة اتصال مع الإدارة الأمريكية، وجدد الجانب الفلسطيني هذا الموقف قبل زيارة غرينبلات الأخيرة للمنطقة، وذلك عبر عدة أطراف دولية نقلت رغبة واشنطن في فتح هذه القناة للاتصال.
وكان الرئيس عباس مع بداية الأزمة الجديدة مع واشنطن، قد أعلن أن قرار الرئيس ترامب الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل ونقل السفارة من تل ابيب إليها، أنهى دور واشنطن التاريخي كراع مركزي للمفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية.
وقال إن ما قامت به الولايات المتحدة جعلها تبعد عن الوساطة، مؤكدا أن الجانب الفلسطيني لن يقبل أي خطة منها بسبب خرقها للقانون الدولي.