تشهد الحدود الشمالية لإسرائيل مع لبنان وسوريا، والحدود بينها وبين قطاع غزة، توترًا أمنيًا خلال الأشهر الأخيرة، فقد شهدت حدود القطاع الليلة الماضية إطلاق قنابل انارة ونار كثيف وتحليق لطيران الاستطلاع الاسرائيلي وحركة نشطة للآليات، كما شهد بحر شمال القطاع حركة نشطة للزوارق الحربية، ضمن المناورة الكبيرة التي أعلن عنها جيش الاحتلال مؤخرا.
المحلل السياسي ابراهيم المدهون، اكد ان المناورة العسكرية الحالية للاحتلال خطيرة ، وتحتاج انتباه كبير لان الاحتلال يستغلها للتغطية على عمليات امنية وعسكرية محددة تحسبا من ردات فعل، مشددا ان المناورات السابقة تم خلالها تنفيذ بعض العمليات المركزة، لذلك فان المقاومة متيقظة لما يقوم به الاحتلال، مستبعدا شبح الحرب لان العدو بات يدرك تعقيد الواقع في غزة والمنطقة وتكلفة أي حماقة.
وقال المدهون: " لا شك ان المناورة الاسرائيلية العسكرية مقلقة وقريبة من غزة، إلا أن المقاومة أذكى أن تُأخذ على حين غرة، كما أن غزة أكثر تعقيدا ان تتورط بها اي قوة عسكرية، والتعامل العسكري مع غزة اثبت فشله، والاحتلال يفضل الحصار والتضييق على ان يخوض معركة قد تستمر على اقل تقدير اشهر.
واوضح المدهون، ان المقاومة تنتبه وتأخذ اقصى درجات الحيطة والحذر، مشيرا الى ان المناورات الاسرائيلية في العادة تستغل لحرف الانظار عن شيء ما ولكن جاء الوقت لنقوم نحن بمناوراتنا الشعبية ونقول للاحتلال هناك 2 مليون فلسطيني في القطاع لا أفق لهم ولا حل إلا أن يعودوا لأراضيهم جماعات جماعات.
أما رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، خرج بتصريحات تفيد بأن إسرائيل ليست معنية بخوض أي حرب.
وأضاف نتنياهو خلال تصريحات أدلى بها قبل الجلسة الأسبوعية لحكومتة:"لن نخوض أي حرب ولا نسعى إليها، ولكننا سنفعل كل شيء للدفاع عن أنفسنا".
واوضح المحلل السياسي، ان تهديد افيغدور ليبرمان باجتياح لبنان بريا لا يحمل جدية ويأتي في سياق تجنب المواجهة والهروب منها و التى تصنف بانها تصريحات ردعية، موضحا ان الاحتلال اليوم يفكر بالتدمير وتجنب الحرب ولا يستطيع اجتياح لبنان او غزة بريا، وزمن الدبابة الاسرائيلية انتهى واليوم الاعتماد فقط على سلاح الجو، والطائرات تدمر لكنها لا تحسم المعارك.
من جانبه وصف صلاح عبد العاطي، مدير المركز الفلسطيني لدراسات أبحاث السياسات والاستراتيجية، الهجوم الصاروخي الذي عانى منه القطاع مؤخرًا بأنه “ينذر بحرب حقيقية من شأنها أن تجلب المزيد من الكوارث على قطاع يعاني من ظروف استثنائية ناجمة عن ثلاث حروب في أقل من خمس سنوات علي مدى عشر سنوات”.
وأوضح عبد العاطي أنه يتوقع حجم الخسائر البشرية والمادية في حالة اندلاع حرب جديدة على قطاع غزة، قائلاً: “إن معدل الفقر في قطاع غزة 65٪، ومعدل البطالة 47٪، وهناك مأساة حقيقية تتعلق بالأوضاع الإنسانية السيئة والوصول البطيء لمواد البناء إلى غزة، ولذلك، يخشى المواطن الفلسطيني من أن إسرائيل قد تستغل الظروف الإقليمية التي شغلت العالم وتشن عدوانًا جديدًا”.
في حين يتوقع عبد العاطي أن الحرب القادمة على غزة ستكون “كارثية”، وقال إنه يعتقد أن إسرائيل تسعى لفرض معادلة “الهدوء مقابل الهدوء” أو “الهدوء للمرافق الإنسانية”، على أمل الاستفادة من هذا الوضع لسلطة الاحتلال.
وقال: “إن سلطات الاحتلال تفعل ما تريد، لأنه لا يتم محاسبتها، ونحن نرى ما تقوم به في الضفة الغربية كالإعدام بدم بارد، وتوسيع المستوطنات، ومحاولات التهويد المستمرة للقدس، لذلك، هناك حالة خوف حقيقية لدى المواطنين من أي عدوان مقبل، خصوصًا في ظل عدم وجود احتمال جدي لتحقيق المصالحة الفلسطينية التي يمكن أن تؤدي على الأقل إلى العقل المدبر وراء قرار السلم والحرب داخل المجتمع الفلسطيني”.
ونوه عبدالعاطي الى ان قادة الفصائل الفلسطينية لا تسعى الحرب قائلا :" فهم يدركون تمامًا الوضع الإنساني الخطير، ولكن في حال تم فرض حرب من قبل العدو الإسرائيلي، فلن يقف هؤلاء القادة مكتوفي اليدين، لكنهم سيدافعون بكل قوتهم، وهو حقهم وفقًا للقانون الدولي”، وأكد أيضًا أنه في ظل الظروف الحالية، ليست هناك حاجة لأي عدوان محتمل، حيث أن ميزان القوى لا يسمح للفلسطينيين بتحقيق اختراقات، وبالتالي عليهم تجنب المزيد من الخسائر.
وشدد عبد العاطي أيضًا على أن الوضع في الضفة الغربية مرتبط بالتطورات في المنطقة، بسبب إصرار الفلسطينيين على جعل قضيتهم معتمدة على قضايا الآخرين، بالإضافة إلى فشلها في وضع استراتيجية نضالية أو قيادة جماعية.
اما المحلل العسكري في صحيفة "معاريف" يوسي ملمان قال إن "يد القدر وحدها تحول حاليًا دون تفجر الأمور على جبهة القطاع مع توفر البيئة الخصبة لتلك المواجهة مع كل صاروخ يطلق من هناك". واليوم نشرت القناة الاسرائيلية الثانية تقرير قالت فيه ان المواجهة مع غزة حتمية، وحذرت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية من إمكانية اندلاع حرب وقدرت أن المواجهة العسكرية مع قطاع غزة المحاصر حتمية بحال لم يتم تدارك الوضع ومنع الانهيار بالقطاع في كافة المجالات.
هذا ونقلت مصادر فلسطينية موثوق بها عن قيادات من فصائل مختلفة، أبرزها رئيس "حماس" في غزة يحيى السنوار، توقعها أن تستغل إسرائيل المناورات العسكرية التي ستجريها في الجنوب، وأن تشن حرباً على القطاع.
وكشفت المصادر لـ "الحياة" في غزة، أن لدى السنوار والفصائل توقعات بنسبة تزيد على 95 في المئة بقرب شن عدوان إسرائيلي على القطاع، تزامناً مع مناورات تبدأ غداً وتشارك فيها الوحدات المقاتلة الإسرائيلية كافة، البرية والجوية والبحرية، وقوات أميركية. وأوضحت أن "حماس" وبقية الفصائل، خصوصاً المسلحة، أعلنت أعلى درجات الاستنفار، وأخلت معظم مقارها، كما نشرت الحركة حواجز شرطية وأمنية على امتداد القطاع خلال الأيام القليلة الماضية، تحسباً لأي طارئ أمني أو عسكري.