بقلم المحلل العسكري: أمير بوخبوط – موقع والا العبري
في الوقت الذي يقوم به الجيش الإسرائيلي بمحاربة الفصائل الفلسطينية بقطاع غزة من جهة، يعمل كذلك على توفير القليل من مجال التنفس لقطاع غزة من جهة أخرى، وبهذه الطريقة يمنع الجيش انجرار المنطقة إلى موجة تصعيد عسكري مسلح جديد مع قطاع غزة.
وبناءً على هذه السياسات، يتم بشكل يومي صياغة تصورات ورؤى جديدة، لتلائم سيناريوهات جديدة وغير متوقعة، من أجل الحفاظ على حالة الهدوء، وتوسيع مساحة الهدنة، بين جولات القتال، مع قطاع غزة.
سلاح الجو الإسرائيلي استهدف قاعدة مركزية للفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، وعلى ما يبدو أنها نفق تم حفره باتجاه "إسرائيل"، وهذا الهجوم يعتبر مساسا بالسلاح الإستراتيجي لهذه الفصائل، والذي يوفر لهم مساحة من التنفس في غزة.
ومع ذلك، هناك موجة انتقادات عامة في "إسرائيل"، خصوصا من المستوى الحزبي والسياسي، للجيش الإسرائيلي، على ردوده الضعيفة ضد حماس بقطاع غزة، على استمرار تنقيط الصواريخ.
هؤلاء الذين ينتقدون الجيش الإسرائيلي، يعلمون أن "إسرائيل" تقوم بضرب المنظمات الفلسطينية المسلحة بقطاع غزة بيدها اليمنى، وتسمح لقطاع غزة بالتنفس قليلا بيدها اليسرى، وذلك لمنع وقوع التصعيد العسكري.
عمليًا، "إسرائيل" تسعى لمنع المواجهة العسكرية مع حماس، وبنفس الوقت تسعى للحفاظ على قوة الردع أمامها، والحفاظ على الهدوء على الحدود الجنوبية مع القطاع، واستغلال هذا الوضع لتصفية بعض الحسابات القديمة التي تهدد "إسرائيل".
حماس لم تعد تستوعب مؤخرًا سياسات الجيش الإسرائيلي في الرد على تنقيط الصواريخ، والتي تستهدف مواقعها العسكرية، مع ذلك لم يقم تنظيم حماس بالرد على قصف مواقعهم، ويسلك الاتجاه المعاكس، وهو محاولة منع إطلاق الصواريخ.
الواقع المحيط غزة معقد جدا، من السهل الضغط على الزناد وإطلاق الشرارة، وجر المنطقة لجولة جديدة من العنف والقتال، لكن لكل شيء ثمن، ولهذه الجولة سيكون ثمن غالِ جدا، والجيش الإسرائيلي يسعى الآن للابتعاد عن خوض هذه الجولة، ويعمل المستحيل للحفاظ على الهدوء - بشرط عدم وجود قتلى أو إصابات بالجانب الإسرائيلي.
محاولة إطالة الهدنة بين جولات القتال:
حماس لا تسيطر بشكل كامل على قطاع غزة، كما بالسابق، ووجود منصات إطلاق صواريخ، وبعض قذائف الهاون لدى بعض المنظمات، يزيد من عوامل ضعف سيطرة حماس على القطاع، بالإضافة الى تقليص مصادر التمويل المالي، التي كانت تحت يد حماس بالسابق، وكانت تساعدها على بسط سيطرتها.
أزمات قطاع غزة تتفاقم، بسبب مماطلة رئيس السلطة عباس في تقديم حلول لهذه الأزمات والمشاكل، ورفض السلطة لأي حلول اقتصادية خارجية لحل هذه الأزمات، لذلك ولا يبدو أن هناك حلول قريبة الأفق لمشاكل وأزمات قطاع غزة، ولذلك هناك توقعات بأن يؤدي ذلك إلى زيادة التوتر الأمني والعسكري.
مع ذلك، وبعد كل قصف يقوم به الجيش الإسرائيلي، تعقد قيادة حماس جلسة تقدير موقف، ويدركون في تنظيم حماس، أن الخطوات الجديدة التي يتخذها الجيش ضدهم، هي لإعادة معادلة الردع. لكن لو استمر هذا الحال، فإن حماس ستكون مجبرة على اتخاذ قرارات دراماتيكية حاسمة، خصوصا حول حالة ضبط النفس التي تمارسها.
التخوف من تصعيد الأوضاع في قطاع غزة:
الاختبار القادم لن يكون لحركة حماس لوحدها، لكنه سيكون للجيش الإسرائيلي كذلك، حيث أنه سيتم إطلاق صواريخ في الأيام القادمة. والسؤال هو هل سيأمر رئيس الأركان جادي آيزنكوت بقصف مواقع وقواعد مركزية للفصائل الفلسطينية، وتحميل حماس مسؤولية الإطلاق؟ أم أنه سيختار طريقة جديدة للرد، تكون دقيقة وذكية أكثر من ذي قبل.
الواضح أن هيئة الأركان في الجيش الإسرائيلي، تمارس حرب أدمغة ضد المنظمات الفلسطينية المسلحة وعلى رأسها حركة حماس بغزة، وهذا مجهود عظيم لإيجاد صياغات جديدة للردود على إطلاق الصواريخ من غزة، والحفاظ على قوة الردع أمامها، بدون كسر قواعد اللعبة. هكذا وبالتوازي مع بناء الجدار التحت أرضي العائق، يسعى الجيش الإسرائيلي للتفكير في ردود لا تؤدي لجر المنطقة إلى حرب.