نشرت صحيفة "أكشام" التركية تقريرا تطرقت فيه إلى كواليس التدابير التي اتخذها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان منذ تسريب الأخبار حول نية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة "لإسرائيل".
وقالت الصحيفة، في تقريرها ، إن التحرك التركي جاء مباشرة بعد الاتصال الذي جرى بين مسؤولين أمريكيين والمتحدث باسم رئاسة الجمهورية إبراهيم كالن، بتاريخ الأول من كانون الأول/ ديسمبر الحالي، وكان هذا بمثابة اتصال "قتل عملية السلام".
وأشارت الصحيفة إلى أن أنقرة قد علمت بنية الرئيس الأمريكي اتخاذ قرار فجائي حول القدس، لذلك أجرى المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، إبراهيم كالن، اتصالا هاتفيا مع مستشار الأمن القومي الأمريكي، هربرت مكماستر، الذي أكد بدوره صحة الأخبار وأنه يأمل في أن يساهم هذا القرار في تعزيز عملية السلام.
وأضافت الصحيفة أن رد إبراهيم كالن كان حاسما، مؤكدا لهم أن هذا القرار خاطئ وسيؤدي حتما إلى توليد ردود فعل سلبية في شتى أنحاء العالم. وإذا كانوا يعتبرون هذا القرار خطوة نحو طريق عملية السلام، فإنهم فعليا يجهضون مشروع السلام. وقد وصلت هذه المعلومة إلى الرئيس التركي عن طريق وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو.
وأوردت الصحيفة أن أردوغان وضع معالم خارطة طريق للتعامل مع هذا القرار المتوقع، التي تمثلت بصورة أساسية في طلب إجراء اجتماع عاجل لمنظمة التعاون الإسلامي. وقد نقل هذا الموضوع إلى هيئة الأمم المتحدة. وبعد ذلك، أجرى أردوغان أثناء تواجده في اليونان اتصالا هاتفيا بالفاتيكان، ونقل للبابا فرانسيس وجهة نظر تركيا وموقفها الحاسم إزاء قرار ترامب أحادي الجانب. ومن جهته، أكد البابا أن هذا القرار ستكون له عدة تداعيات.
وبناء على ذلك، دعا أردوغان البابا لحضور اجتماع منظمة التعاون الإسلامي، لكنه اعتذر نظرا لازدحام برنامجه خلال ذلك الأسبوع، علما بأنه أكد تقديم الدعم ضد قرار ترامب.
وأشارت الصحيفة إلى أن الرئيس التركي أجرى اتصالا هاتفيا آخر مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وأخبره بموضوع الاجتماع الطارئ لمنظمة التعاون الإسلامي، ودعا روسيا للمشاركة فيه. وعلى خلفية ذلك، أقر الرئيس الروسي بأن هذا الموضوع مهم جدا بالنسبة لروسيا لذلك سترسل نائب وزير بدلا من السفير كما تجري العادة في مثل هذه الحالات.
وذكرت الصحيفة أن مكماستر اتصل مرة أخرى بإبراهيم كالن يوم انعقاد القمة الطارئة لمنظمة التعاون الإسلامي، مستنكرا ما حدث. وعلى إثر هذا الاتصال أجابه كالن قائلا "ماذا كنتم تنتظرون وتتوقعون؟ إصدار قرار قوي بشأن القدس التي وحدت الجميع".
وأوضحت الصحيفة أن أنقرة مهدت الطريق لمشروع القرار الرافض لقرار ترامب في مجلس الأمن، وكانت تتوقع أن تحظى بتأييد 14 صوتا مقابل صوت معارض. وفي هذا الصدد، أجرت تركيا اتصالات مع السعودية والأردن. وخلال هذا الاتصال الهاتفي، أخبر الملك سلمان الرئيس التركي أنهم "لن يتراخوا في مواجهة هذا القرار"، ولكن التهديد الأمريكي للدول قبيل تصويت الهيئة العامة للأمم المتحدة، جعل أنقرة تدرس موضوع الأغلبية مرة أخرى، غير أن مولود جاويش أوغلو طمأن أنقرة باتصال هاتفي بأنهم يتوقعون تصويت 150 دولة لصالحهم.
وكشفت الصحيفة عن خطوات تركيا القادمة وخارطة الطريق التي ستتبعها من أجل القدس. ويتمثل الهدف من ذلك في المقام الأول في ضرورة زيادة عدد الدول التي تعترف بالشق الشرقي من مدينة القدس عاصمة لفلسطين، كما يتوجب المحافظة على الوضع الحالي للحرم القدسي الشريف، ومساندة أهل القدس ودعم اقتصادهم من خلال بنك التنمية الإسلامي، والتنسيق مع الأردن حيال هذا الشأن.
وأكدت الصحيفة أن تركيا تصر على الإعلان والاعتراف بالقدس (الشق الشرقي) عاصمة لفلسطين، وأنها لن تقبل بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس قبل الاتفاق على وضع حل نهائي لعملية السلام بناء على حل الدولتين.