مازالت ردود الأفعال العالمية تتوالى بشأن قائمة الاعتقالات الصادرة في السعودية أمس، والتي شملت 11 أميراً و38 وزيراً ونائب وزير حاليين وسابقين، من بينهم اثنين من أبناء العاهل السعودي الراحل، الملك عبد الله بن عبد العزيز، ورجل الأعمال الوليد بن طلال وخالد التويجري رئيس الديوان الملكي السابق.
وجاءت قرارات اعتقال عشرات الأمراء والوزراء في المملكة بعد قليل من صدور أوامر ملكية في السعودية أمس بإقالة وزير الحرس الوطني الأمير متعب بن عبد الله من منصبه، وتعيين خالد بن عياف عوضاً عنه، وإنهاء خدمات قائد القوات البحرية الفريق عبد الله السلطان، وتعيين فهد الغفيلي خلفاً له، وإقالة وزير الاقتصاد والتخطيط عادل فقيه وتعيين محمد التويجري بدلاً منه.
وفجّرت الصحف الفرنسية والأمريكية مفاجأة تتعلق بسبب اعتقال الملياردير الوليد بن طلال وحقيقة إخلاء فندق "الريتز كارلتون" في الرياض، وتداعيات حملة الاعتقالات الأخيرة خاصة فيما يتعلق بصاحب "المملكة القابضة".
ونقلت صحيفة لوموند عن عضو معهد بيكر للسياسة العامة في جامعة رايس (تكساس) كريستيان أولريكسن قوله تعليقاً على هذا الإجراء: "يبدو أن نطاق ومدى هذه الاعتقالات لم يسبق له مثيل في تاريخ المملكة العربية السعودية الحديث. وإذا تأكد اعتقال الأمير الوليد بن طلال، فإن من شأن ذلك أن يسبب موجة من الصدمات على المستوى الداخلي وكذلك في عالم المال على المستوى الدولي"، في حين وصفت صحيفة "فينه مينوت" ما يحدث في المملكة بحملة "تطهير" لم يسبق لها مثيل، بحسب "الجزيرة نت" اليوم الأحد.
وكانت "رويترز" نقلت اليوم عن مسؤول سعودي كبير قوله إن الأمير الوليد بن طلال قيد الاحتجاز ويخضع للتحقيق في السعودية ضمن عشرات المحتجزين الذين يخضعون لتحقيق، بدعاوى الفساد، الأمر الذي أكدته وسائل إعلام سعودية، حيث نشرت صحيفتا "الاقتصادية" و"سبق" السعوديتين، اليوم الأحد، قائمة بأسماء أبرز الأمراء والوزراء ورجال الأعمال الموقوفين بالسعودية.
وربطت "لوموند" بين ما يحدث في المملكة مؤخراً وموجة الاعتقال التي طالت عدداً كبيراً من الدعاة والمثقفين السعوديين خلال الشهر الماضي.
ووفقاً للمحللين، فإن عدداً كبيراً من هؤلاء المعتقلين انتقدوا السياسة الخارجية لولي العهد السعودي، مثل الحصار المفروض على دولة قطر منذ 5 يونيو الماضي، بالإضافة إلى خصخصة الشركات المملوكة للدولة وتخفيض الإعانات الحكومية.
اضـغـط هـنـا للتعرف على الأمراء والوزراء المعتقلين في السعودية
وفي السياق ذاته توقعت "نيويورك تايمز" حدوث تداعيات كبيرة داخل السعودية وعلى المراكز المالية الكبيرة في العالم بسبب اعتقال الوليد بن طلال، الذي يمتلك شركة "المملكة القابضة" الاستثمارية وأسهم كبيرة في نيوز كورب، وسيتي غروب، و"تويتر"، وشركات أخرى شهيرة، كما يمتلك شبكات تلفزيونية فضائية.
الأسباب الحقيقة لاعتقال الوليد بن طلال
تقول صحيفة "وول ستريت جورنال" إن التهم الموجهة للوليد تشمل غسيل الأموال، في حين أشارت "نيويورك تايمز" إلى "خلافات" بين الوليد بن طلال والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قائلة إن الملياردير السعودي كان قد تشاحن مؤخراً مع الرئيس ترامب علناً، مضيفة أنه جزء من مجموعة مستثمرين اشترت من ترمب فندق بلازا هوتيل بنيويورك، كما اشترى يختاً مكلفاً من ترامب أيضاً.
وشهدت علاقة الوليد بن طلال والرئيس ترامب ما أطلقت عليه وسائل الإعلام "حرب تغريدات" وذلك قبل فوز الأخير برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، حيث هاجم الأمير السعودي في 11 ديسمبر 2015 المرشح الجمهوري للرئاسة الأمريكية آنذاك، قائلاً: "أنت عار ليس فقط على الحزب الجمهوري بل على كل أمريكا.. انسحب من سباق الرئاسة الأمريكية فلن تفوز أبداً"، قبل أن يعود "بن طلال" ويهنئه بتغريدة في 9 نوفمبر 2016، قائلاً: "الرئيس المنتخب ترامب، مهما كانت خلافات الماضي.. أمريكا قالت كلمتها.. مبروك وأطيب التمنيات لكم في رئاستكم".
وقالت "نيويورك تايمز" إن فندق ريتز كارلتون في الرياض، وهو الفندق الملكي حسب الأمر الواقع، قد تم إخلاؤه أمس مما أثار شائعات بأنه سيكون مكان احتجاز الأمراء المعتقلين. كذلك تم إغلاق مطار الرياض في وجه الطائرات الخاصة، وفسرت الصحيفة ذلك بأنه ربما يكون في إطار سعي ولي العهد السعودي منع رجال الأعمال الأثرياء من الهروب قبل اعتقالهم.
وأشارت الصحيفتان الأمريكيتان إلى أن الملك سلمان قد أصدر قبل ساعات من قرارات الاعتقال قراراً بإنشاء لجنة "قوية النفوذ" برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لمكافحة الفساد وتتمتع بسلطات التحقيق والاعتقال والحظر من السفر أو تجميد الأصول لكل من ترى.