قال ضابط كبير في قيادة المنطقة الجنوبية في جيش الاحتلال، أمس الأربعاء، إن الجيش أوقف العمل جزئيًا في تشييد الجدار حول قطاع غزة، خشية تحول العاملين فيه إلى هدف انتقام قد تقدم عليه حركة الجهاد الإسلامي، ردًا على الاستهداف الأخير لنفق يتبع لها جنوب قطاع غزة.
وذكر الضابط، خلال لقائه بمجموعة من المراسلين العسكريين الإسرائيليين، أن الجيش يستعد لسيناريو إقدام حركة الجهاد "على الرد على تفجير نفقها الوحيد العابر للحدود" مع القطاع، وفق قوله.
وأضاف الضابط أن النفق كان على بعد 200 إلى 300 متر من أحد المواقع العسكرية في غزة، لكن لم يكن له فتحة في الجانب الإسرائيلي من الحدود، مدعيًا أن اكتشاف النفق "يعد ثمرة جهود تكنولوجية بدأ الجيش ببلورتها مؤخرًا".
وكان استشهد سبعة مقاومين خمسة من سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد واثنان من كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، لدى محاولتهم إنقاذ مفقودين من داخل نفق استهدفه الاحتلال شرق خان يونس في جنوب قطاع غزة.
وقال الضابط الإسرائيلي: "لا زلنا داخل الحدث ولا يمكن الاستهانة أو الاستهتار بالعدو على الرغم من تحقيقنا لإنجاز كبير".
وأضاف أن النفق كان بداخله خمسة حفارين من الجهاد الإسلامي وقت تفجيره "ما يعني أنهم لم يلاحظوا اكتشافه ونية تفجيره، وهذا النفق يعتبر نفقًا عاديًا إذا ما قورن بأنفاق أخرى عابرة للحدود".
استعداد للرد
وادعى الضابط أن حركة الجهاد "تعيش في جو الرد على الهجوم وتوقيته وطبيعته، وليس من المستبعد استخدام الحركة لصواريخ مضادة للدبابات في ردها على غرار رد حزب الله، على اغتيال قادته على الحدود اللبنانية عام 2015، ومن الممكن أن يأتي الرد بناءً على فرصة تكتيكية جيدة بالنسبة لهم على الأرض".
ومن بين الخيارات التي يستعد لها الجيش إطلاق الحركة صليات من الصواريخ باتجاه إحدى بلدات الجنوب أو إطلاق الصواريخ أو نيران القناصة باتجاه أعمال بناء الجدار حول القطاع، كما أخذ في الحسبان عملية رد من الضفة الغربية بحسب ادعاء الضابط.
وزعم أن "حركة الجهاد تلقت ضربة قاسية جدًا وهي تستحقها، وهذا بمثابة فشل ذريع للتنظيم، والضربة الثانية بالطريقة التي اختار التنظيم فيها تخليص رجاله من داخله".
وادّعى الضابط أن 14 مقاتلًا من حركة الجهاد قُتلوا في النفق، بالإضافة إلى المفقودين الخمسة.
وأضاف "في حال قررت الحركة الهجوم فإن فرصة تنفيذهم لهجوم تنخفض مع مرور الأيام، ومن يعمل ضدنا سيدفع الثمن الباهظ جدًا وستدخل حماس إلى دائرة التصعيد أيضاً كونها صاحبة السيادة على القطاع".
ونوه الضابط إلى أن "حماس ليست بريئة من هذا الحدث لأنه لا يمكن حفر هكذا نفق دون علمها، إلا أن الحركة تفضل استمرار التهدئة واستغلالها لزيادة قوتها ومتابعة المشاكل المدنية في القطاع".
وتابع "أما الجهاد فهو غير ملزم بقواعد اللعبة التي تنتهجها حماس وسيكون من الصعب عليه تحمل هذه الضربة بسبب عدد القتلى الكبير، وإذا لم تلجم حماس الجهاد فستدخل حماس أيضًا إلى دائرة الدماء"، على حد زعمه.
وادعى الضابط أن خصوصية النفق الذي تم استهدافه "تتمثل في التنظيم الذي حفره وخطة استخدامه ساعة الصفر، وهي حركة الجهاد والتي ركزت حتى اليوم على قدرات صاروخية متطورة وأحيانًا أفضل من حماس".
وقال: "نعتقد أن لدى الجهاد 10 آلاف مقاتل في قطاع غزة، والمئات من الصواريخ ذات مدى متوسط حتى 40 كم، والعشرات من الصواريخ الحديثة ذات المدى القصير مع رأس متفجر كبير يحتوي على مئات الكيلوغرامات من المتفجرات".
وأضاف "هذه الصواريخ توازي في تدميرها صواريخ بركان التابعة لحزب الله، وهذا التنظيم يعمل بناءً على التنسيق مع حماس ولكنه تنظيم مستقل ولا زال موقفه من المصالحة غير واضح".
"مكافحة الأنفاق"
وتطرق الضابط إلى التطور الذي طرًا مؤخرًا على أساليب عمل الجيش في مكافحة الأنفاق، قائلاً إنه تم تشكيل غرفة إدارة وتحكم مختصة في الكشف عن الأنفاق عبر عشرات الجيولوجيين والخبراء وضباط الهندسة وضباط المخابرات.
وذكر أن هؤلاء يقومون بتحليل المعلومات الصادرة عن الأنظمة التكنولوجية المنتشرة على الأرض، ومن بينها شبكة مجسات نجحت مؤخرًا في اكتشاف نفق الجهاد.
وقال إن النفق الذي تم استهدافه قبل يومين تم تفجيره في إطار عملية اشترك فيها عشرات الجنود والضباط، وتمت بشكل دقيق من خلال استعداد مسبق في المنطقة وتعزيز الدفاعات حول الحدود وعزل المنطقة.
ونوه إلى أن "هدف غرفة العمليات تمثل في ترجمة القدرات الجديدة لصالح القوات التي تتدرب على المواجهة القادمة في القطاع، وهذه المعلومات ستساعد الجنود على التأقلم مع الأنفاق المستقبلية المتطورة التي تبنيها حماس والتي حققت الحركة عبرها إنجازات في الحرب الأخيرة ومن بينها خطف "جثث" الجنديين أورون شاؤول وهدار غولدين".
وذكر الضابط أن "اكتشاف النفق ليس صدفة ولكنه نتاج عمل تكنولوجي متطور والتحدي الذي يواجه الجيش حاليًا هو في الأنفاق العميقة وليس في الأنفاق القريبة إلى سطح الأرض، ونحن في الطريق للالتفاف على هذا التحدي".
وبشأن المصالحة الفلسطينية، قال الضابط الإسرائيلي: "نحن ننظر إلى المصالحة بعين الريبة لأن حركة حماس تحاول اللعب على المتناقضات مع السلطة وإيران، قد لا تكون المصالحة جيدة بالنسبة لنا ولكنها تعبر عن الضغط الذي تعيشه الحركة".