قال يوسي بيلين الوزير الإسرائيلي السابق وأحد أبرز مهندسي اتفاق أوسلو المعلن في أيلول/سبتمبر 1993: " انه لو شارك شخص من فريق ترامب، الذي يعمل على إيجاد حل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، في اليوم الدراسي المغلق الذي اقيم في معهد دراسات الامن القومي في تل ابيب، مؤخرا، لكان قد فوجئ بأن فكرة الاتحاد الفدرالي الإسرائيلي- الفلسطيني مقبولة على مجموعة كبيرة من الناس من اصحاب وجهات النظر المختلفة في العالم، كجزء من رؤية لحل الصراع" .
وكان الخلاف في القاعة يتعلق أساسا بمسألة ما إذا كان ينبغي لهذا الاتحاد أن يكون جزءا من الأفق السياسي الطويل الأجل، أو ما إذا كانت فكرة يمكن أن تيسر، منذ الآن، تحقيق حل الدولتين.و هل يمكن لهذا الحل أن يساعد في التغلب على مشاكل صعبة بشكل خاص، مثل إجلاء المستوطنين الذين سيجدون أنفسهم شرق الحدود، التي سيتم الاتفاق عليها بين إسرائيل والفلسطينيين، ومشكلة اللاجئين الفلسطينيين، وإصرار إسرائيل على بقاء الجيش الإسرائيلي على نهر الأردن.
وشارك في النقاش، الذي أداره العميد (احتياط) أودي ديكل، القائم بأعمال رئيس المعهد، مفاوضون من العقدين الماضيين، ضباط كبار في الجيش الإسرائيلي سابقا، أكاديميون ومعاهد ابحاث، باحثان سويسريان متخصصان في مسائل الاتحاد والكونفدرالية، وكذلك شخصية اكاديمية رفيعة من الجانب الفلسطيني.
عرض الخبراء السويسريون امام الحضور، قصة تحول بلادهم من كونفدرالية - إطار مشترك لبلدان مختلفة - إلى اتحاد، تقوده حكومة مركزية ضعيفة، ولا يحصل إلا على ربع ضرائب المواطنين، في حين أن الكانتونات الـ26، تحصل على معظم الميزانية وصلاحيات واسعة جدا. لقد ولد النظام السويسري الحالي بعد انتهاء الحرب في عام 1848.
ويضم، في حكومته، سبعة وزراء يتناوبون على منصب رئيس للدولة كل عام، بينما ينشغل أعضاء البرلمان بأعمالهم الخاصة، ويأتون إلى البرلمان لبضعة أيام في السنة، وفي المقابل لا يحصلون على راتب.
لقد منع هذا الحل الفريد استمرار الصراع الديني الذي عصف بالبلدان التي شكلت سويسرا. وهناك مسألة أخرى قد تكون ذات صلة بنا - ربع المواطنين السويسريين ليسوا مواطنين، وهم مواطنون في بلدانهم الأصلية، من جيل الى آخر.
وكانت الرسالة الرئيسية للخبراء هي أنه إذا تقرر إنشاء إطار مشترك لإسرائيل وفلسطين، كدولتين مستقلتين ذات سيادة، يمكن للطرفين اتخاذ قرار بشأن مجموعة من القضايا التي ينبغي التعامل معها بشكل مشترك، من خلال اختيار العناصر الملائمة لها من الاتحادات القائمة (مثل الترتيب الفريد لبروكسل عاصمة بلجيكا) ومن الاتحاد الكونفدرالي الوحيد في العالم – الاتحاد الأوروبي.
وقال ان الشيء المهم في ترتيب الكونفدرالية هو مرونته. لقد منع الاتحاد الأوروبي في البداية العبور الحر لمواطني الدول الأعضاء من بلد إلى آخر.
ثم سمح بعبور العمال المهاجرين. وفي وقت لاحق، تم فتح الطريق امام الطلاب وغيرهم، اما اليوم فالاتجاه هو عكس ذلك
طرق التعايش
لقد أثار المؤيدون اقتراح استخدام الاتحاد من اجل تسهيل التوصل الى حل الدولتين لدينا، الأفكار التالية:
1 - لا يشمل التعاون بين البلدين مؤسسات حكومية مشتركة، مثل الحكومة أو البرلمان، وتكون القرارات المتعلقة بمدى هذا التعاون تدريجية، مع الحفاظ على إمكانية إلغاء التعاون في مجال معين، بواسطة إعلان من جانب واحد.
2 - يشمل الإطار الكونفدرالي التعاون في المجال الأمني، حيث سيكون الجانب الفلسطيني مسؤولا عن أمن مواطنيه، دون أن تملك لإسرائيل حرية العمل بدخول الأراضي الفلسطينية، والبحث عن الأشخاص المطلوبين، والقيام بعمليات عسكرية، في حين أن الجانب الإسرائيلي - بالتنسيق والتعاون مع الجانب الفلسطيني - سيكون مسؤولا عن الأمن الشامل، ويكون له وجود في نقاط استراتيجية.
3. المستوطنون الذين يرغبون في البقاء في مستوطناتهم، حتى بعد انسحاب إسرائيل إلى الحدود الجديدة التي سيتم الاتفاق عليها في الضفة الغربية، سيكونون قادرين على عمل ذلك كمواطنين من إسرائيل يقيمون في الدولة الفلسطينية. ومن شأن ذلك أن يحول دون المواجهة مع المستوطنين، وأن يسمح لهم بالاختيار بين الانتقال إلى إسرائيل ذات السيادة وحدودها الجديدة، مع تلقي التعويض المناسب، وإمكانية إعادة بناء منازلهم او التشبث بمنازلهم تحت السيادة الفلسطينية.
4. يمكن لعدد مماثل من الفلسطينيين، مواطني الدولة الفلسطينية الجديدة، الذين يرغبون في ذلك، الانتقال إلى إسرائيل والعيش فيها كسكان، مع الحفاظ على جنسيتهم الأخرى. وسيكون قرار منح الإقامة الدائمة في ايدي إسرائيل، تماما كما ستكون الدولة الفلسطينية هي التي ستقرر منح الإقامة الدائمة للإسرائيليين الذين سيبقون على أراضيها.
5 . بالإضافة إلى هذه القضايا المركزية، يمكن للسلطات التي ستقام من اجل معالجة القضايا المشتركة (مثل المياه والصرف الصحي، والمشاكل البيئية، والتخطيط وإنشاء البنى التحتية، ومكافحة الأمراض الزراعية، وما إلى ذلك) أن تستقر في البلدة القديمة في القدس، وقيادة نظام فريد في هذا المكان الحساس.
6. من شأن اتخاذ قرار مسبق بشأن الإطار الكونفدرالي الذي سيبقي على قسم من المستوطنين في مستوطناتهم، أن يمنع الحاجة إلى إقامة حدود طويلة بين الدولتين، والحاجة إلى انتزاع مناطق من إسرائيل الحالية لتعويض الجانب الفلسطيني عن الأراضي التي سنطلب ضمها إلى إسرائيل من داخل الضفة الغربية. المستوطنات التي سيتم ضمها إلى إسرائيل هي تلك المتاخمة للخط الأخضر، اما البقية فيسمح الاطار الكونفدرالي بالوصول إليها بنسبة عالية.
السلام يحتاج الى جانبين
من بين المعارضين لاقتراح تحقيق الكونفدرالية في المرحلة الأولى (التي قد تشكل اتفاقا جزئيا، وفقا لـ"خريطة الطريق لعام 2003"، أي دولة فلسطينية ذات حدود مؤقتة في الضفة الغربية)، كان اولئك الذين اعتقدوا أن الرأي العام الإسرائيلي، وربما الفلسطيني، أيضا، معنيان بالانفصال وليس بالتعاون والتنسيق، وأن اقتراحا لحل كونفدرالي سيؤدي فقط إلى إبعاد الناس عن فكرة الدولتين. كان هناك من اعتقدوا أن خيار الابقاء على المستوطنين خارج حدود إسرائيل، هو أمر اشكالي جدا، ولكن مع كل الصعوبة التي ينطوي عليها إجلاء عشرات آلاف من الإسرائيليين من ديارهم، فإن هذا الأمر أكثر مسؤولية وقابلية للتنفيذ.
وقال البعض إن مثل هذا الكونفدرالية ينبغي أن تشمل الأردن، وأنه سيكون من الخطأ الاكتفاء بالتعامل مع إطار إسرائيلي - فلسطيني فقط. الجانب الفلسطيني الذي شارك في النقاش لم يدعم المعارضين للاتحاد بشكل مطلق. كاتب هذه السطور غير مقتنع بأن الكونفدرالية هي حل خارق. ودعمي للفكرة لا ينبع من غريزة لا يمكن السيطرة عليها، للحفاظ على إطار مشترك، وانما من الرغبة بالسماح بتحقيق حل الدولتين، وعدم تركه كإمكانية بعيدة وغير عملية.
إذا لم يتمكن الاتحاد من منع إجلاء الكثير من المستوطنين، ولم يتمكن من تيسير حل مشكلة اللاجئين وحل التحدي المتمثل في الدفاع عن الضفة الغربية، سأتخلى عنه. ولكن إذا تبين أن هذه الأمور ممكنة، وأن هناك جانبا فلسطينيا لهذا، فإنني أوصي بشدة بدفعه.
يمكن لفريق ترامب فحص هذا الموضوع مع الجانبين.
المصدر: صحيفة “يسرائيل هيوم” الإسرائيلية