عبّر عضو المكتب السياسي في حركة الجهاد الإسلامي الإسلامي في فلسطين الشيخ نافذ عزام عن ارتياح حركته للخطوات التي يشهدها ملف المصالحة بين حركتي "فتح" و"حماس" بجهود مصرية، مؤكدا في الوقت ذاته أت الأمور تحتاج إلى جهد كبير وتكثيف المساعي لتذليل العقبات الموجودة.
وفي حوار موسّع قال عزام لـ" الاستتقلال: "نحن في حركة الجهاد الاسلامي شعرنا بارتياح وقد كنا على اتصال مستمر مع الاخوة في حركتي فتح وحماس طيلة الأسابيع الأخيرة، وقد عقدنا لقاءات جادة مع الطرفين حول سبل استعادة الوحدة الوطنية وتحقيق مصالحة جادة تنهي حالة الانقسام الراهنة.
وأضاف: "هناك ملفات عالقة يوجد حولها اختلاف في وجهات النظر، لكن الخطوة الأولى يجب ان تكون مشجعة، وهي تمثلت في اعلان حركة "حماس" حل لجنتها الإدارية في قطاع غزة، داعيا الى ضرورة ان تقابل هذه الخطوة بخطوات من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس".
وتابع: "يجب ان تتوقف كل الاجراءات العقابية ضد قطاع غزة، التي اتخذت في الاشهر الاخيرة"، مشيرا الى ان حل اللجنة ومقابلتها بوقف العقوبات من السلطة سيمثل انفراجا يشعر به كل الفلسطينيين، ومدخلا جيدا لاستئناف الحوار حول بقية الملفات.
وأوضح أن المصالحة لا تعني تشكيل حكومة من الجميع فقط، بل تعني التوافق حول الملفات العالقة، وزيادة تماسك الجبهة الداخلية، وإطلاق حوار جادّ حول المشروع الوطني الذي اهتزّ كثيرًا في السنوات الماضية.
وبحسب عزّام «علينا عمل كثير لإنجاز ما يطمح إليه شعبنا»، منوهاً إلى أنه من الضروري أن ننظر بجديّة وقلق إلى الأوضاع المعيشية التي يعيشها الفلسطينيون، وأن يكون على سلّم أولوياتنا كيفية تخفيف هذه المعاناة».
وأكمل: «إذا استطعنا فعلاً أن نستأنف الحوار حول الملفات العالقة، ونبني على خطوة حلّ اللجنة الإدارية؛ فإننا قادرون على تخفيف جزءٍ ليس بالهيّن من معاناة هذا الشعب».
وأكّد أنه «ليس باستطاعتنا القول إن الأمور انتهت بالحراك والتفاهمات التي حصلت أخيرًا في القاهرة رغم أهميتها»، مشدّدًا على «ضرورة مواصلة هذه الجهود، وأن يظلّ الجهد المصري حاضرًا بكل قوّة؛ لحثّ الأطراف كافّة للوصول إلى التوافق».
وقال: «يجب أن تقدم حركتا فتح وحماس الكثير من الخطوات لإنهاء الخلاف الداخلي، عبر إعادة النظر في كثير من الخطوات والخطوات المضادّة التي اتخذها كلا الطرفين».
وحول الخشية من فرض فيتو أمريكي – إسرائيلي لعدم إتمام الصالحة، أكّد عضو المكتب السياسي في حركة الجهاد أن الحقيقة الأكيدة أن «إسرائيل» لا تريد خيرًا للفلسطينيين، في ظل انحياز الإدارة الأمريكية السافر لها.
واستدرك: «لكن إسرائيل في الوقت ذاته لا تريد أن تصل الأمور إلى مدى يصعب السيطرة عليه؛ بسبب الأوضاع المعيشية القاسية وأزمات المعيشة كالكهرباء والمياه والبطالة ونقص العلاج وغيرها».
وذكر أن إدارة «ترامب» ومنذ دخولها إلى البيت الأبيض تمارس الضغوط على الفلسطينيين فقط، وبالتالي فإن أمريكا لا تريد ساحة فلسطينية قوية ومتماسكة .
وشدّد على أن إتمام المصالحة بأيدي الفلسطينيين وحدهم وهم الأقدر على إجبار أمريكا وغيرها على التعاون مع الواقع الفلسطيني كما نريده نحن، بغض النظر عما يريدونه هم»، لافتاً إلى أنه «في حال امتلكنا الإرادة والرغبة في تجاوز الخلاف والانقسام فليس بمقدور أحد منعنا من تحقيق ذلك».
الشأن السياسي
وفيما يخص الشأن السياسي، شكّك الشيخ عزّام بمقدرة أمريكا وإدارتها الحالية، واصفًا إياها بـ «الأعجز» عن الإتيان بحل وتحقيق اختراق في الصراع مع الاحتلال، متهمًا الإدارة الأمريكية بتبني وجهة نظر «إسرائيل» بل الفئات الأكثر تطرفاً فيها .
وأشار إلى أن محاولات الإدارات الأمريكية السابقة لإنهاء القضية الفلسطينية، «قد وصلت ذروتها بالتوقيع على اتفاق أوسلو» برعاية أمريكا، ودعم دولي واضح»، مبينا أن «أوسلو» افتقد إلى التوازن وكان تعبيراً عن الخلل الفاضح في موازين القوى لهذا فشل، ووصلت الأمور إلى الطريق المسدود الذي يراه العالم.
وجدّد تأكيده على أن الإدارة الامريكية لا يمكن أن تُنجز ما يُسمى بـ «صفقة القرن» للحل النهائي، مضيفاً أن الحديث عن هذا الحل يعني الحديث عن القضايا الأساسية في هذا الصراع، كحق العودة، والقدس والمستوطنات والحدود، وغيرها من الثوابت المعروفة.
وتابع: «لا يمكن على الإطلاق أن يجبر الفلسطينيون على التنازل عن الثوابت وهم من أسقطوا أوسلو، ولذلك لا نظن أن الظروف مهيأة لما يعرف بالحلول النهائية أو ما تعرف بصفقة القرن»، مشيرا الى أن هذه الحلول هي محاولة للتشويش والضغط على الفلسطينيين.
وشدد على انه أمام هذا الانسداد في الأفق السياسي فإن السلطة الفلسطينية مطالبة بإجراء مراجعة لسنوات وجولات التفاوض العديدة؛ لتصل بها إلى الحقيقة التي يراها الشعب وهي استحالة نجاح أي اتفاق في ظل اختلال موازين القوى».
وأكّد أن «استمرار السلطة بالرهان على الحلول التي يسوّق لها المجتمع الدولي هو رهان فاشل ليس في صالح القضية الفلسطينية»، داعياً إيّاها «إلى اتخاذ خطوات وسياسات ومواقف حادّة في مواجهة تعنت «إسرائيل» وإجراءاتها على الأرض، والرامية إلى إلغاء وجود الشعب الفلسطيني».
وقال: «تقديم السلطة مزيد من التنازلات يعني زيادة الفجوة في مواقفنا الداخلية، ورهانها لا بد أن يكون على الشعب وحقوقه وثوابته».
ونوّه إلى أن «الوضع الراهن يتطلب البدء في حوار جادّ تشارك فيه كل النخب والقوى الفلسطينية لترتيب الأوراق، إذا كنا جادّين في الدفاع عن شعبنا الفلسطيني وحقوقه، وأوفياء لقوافل الشهداء التي مضت من أجل تحقيق هذه الأهداف .
وأضاف:» كل ذلك يكون عبر بوابة المجلس الوطني الفلسطيني، الذي يجب أن يكون مظلة للجميع، بعيدًا عن أي اتفاقات موقعة مع «إسرائيل»، ومن الضروري أن يلتقي الجميع للتوافق حول الصيغة المناسبة لتجديد المجلس عبر انتخاب شامل».
وزاد عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد: «يجب تشكيل مجلس وطني جديد يجدد أُطر وهياكل منظمة التحرير الفلسطينية، ويمثل الخارطة الموجودة الآن في الساحة الفلسطينية».
وفيما إذا كانت هناك اتصالات من جانب حركة «فتح» من أجل عقد جلسة جديدة للمجلس الوطني، أوضح أن آخرها كان ما جرى في بيروت أثناء اجتماعات اللجنة التحضيرية في يناير الماضي.
وجّدد رفض حركة الجهاد عقد المجلس في الضفة المحتلة، مؤكدًا أن موقف الحركة عقده في خارج الأراضي الفلسطينية المحتلة حتى يتسنى للجميع المشاركة، بعيداً عن ضغوطات الاحتلال.
وعن سؤالنا حول موقف حركة الجهاد من عقد جلسة المجلس في قطاع غزة، حال تحققت المصالحة، قال: «إذا استطاع الجميع الحضور إلى قطاع غزة فلا مشكلة في ذلك».
انتفاضة القدس
ورأى أن ضعف «انتفاضة القدس» يعود لاعتبارات عدّة، بعضها ما هو متعلق بالوضع الداخلي الفلسطيني الذي وصفه بـ «المُحزن»، وبعضها الآخر يتعلق بالتشتت العربي، والانحياز الأمريكي الأعمى لـ»إسرائيل»، والموقف الأوروبي المتقاعس والعاجز.
وأضاف أنه «ونتيجة لتلك الاعتبارات آنفة الذكر لم تتطور الانتفاضة ولم تكتسب قوة تناسب الدوافع النبيلة التي أطلقت شرارتها؛ فظلت الانتفاضة تراوح مكانها، وبين فترة وأخرى تخرّج لنا أبطالاً؛ لإبقاء جذوتها مشتعلة».
وذكر أن الانتفاضة كانت حدثًا كبيراً أراد الفلسطينيون من خلاله تأكيد حضورهم وحيويتهم وأرادوا أن يثبتوا أن ما تقول به «إسرائيل» في ظل التجاهل التام من المجتمع الدولي وفي ظل العجر العربي أراد الفلسطينيون أن يثبتوا أن كل ذلك لم يفت في عضدهم ولم يجبرهم على اليأس.
وأضاف: «الانتفاضة كانت رسالة للنخب والقادة الفلسطينيين بضرورة الارتفاع إلى مستواها، وبضرورة وضع الخلافات جانبًا، والجلوس للحوار والنقاش الجادّ، حول المشروع الوطني الذي اهتز كثيرًا في السنوات الأخيرة «.
وأكمل: «أيضًا كانت الانتفاضة رسالة لمحيطنا العربي والإسلامي، بأن المأساة ما زالت موجودة، وأن قضية الأمة الأولى لا زالت حاضرة وماثلة، وكانت رسالة للعالم والغرب وأمريكا بأن التجاهل، أو محاولة الضغط على الضحية لتقديم المزيد من التنازلات لا يمكن أن يكون الطريق لحل عادل وأخلاقي».
المطبعون العرب
ووصف تصريحات بعض زعماء العرب للدعوة للتطبيع مع الاحتلال بـ «المعزولة»، التي لا تعبّر عن نبض الجماهير وشعوب الأمة العربية والإسلامية.
وأكّد أن الموقف الشعبي والجماهيري تجاه معاكس لتلك التصريحات، لجهة التمسك بفلسطين، القضية المركزية لشعوب الأمة.