بقلم: أمنون لورد
“اذا توصل الفلسطينيون الى صفقة مع الاسرائيليين لا يعتقد الامريكيون بانها صحيحة وعادلة – فالامريكيون لن يقبلوها”. يجدر بنا أن نتوقف للحظة ونقرأ هذا مرة اخرى. هذا ما قالته سوزان رايس حسب تقرير مثقف فلسطيني معروف، يعد مقربا من محمود عباس. مذهل جدا سماع هذا، ولكنه على ما يبدو صحيح. والمصدر هو مستشار كان في موضع في اعماق البيت الابيض لبراك اوباما وكان يعرف كل المداخيل الشرق اوسطية للادارة.
كما قال الفلسطيني الذي تحدث معي هذا الاسبوع ان “الامريكيين تآمروا على وثيقة اتفق عليها مع مولكو في لندن. فعلى مدى خمس سنوات من المفاوضات كان بطل العصر في نظري هو بيبي. الرجل الشرير في كل قصة هذه السنوات كان اوباما. محمود عباس كان الدولاني. المشاهد من الجانب. الامريكيون تآمروا على التوافقات المحتملة من خلال سياستهم المعقدة تجاه المنطقة”.
الفلسطينيون من حزب ابو مازن يؤمنون بانه مع نتنياهو كان احتمال للوصول الى اتفاقات اكثر من منافسيه المعروفين في الساحة الاسرائيلية. ولعل هذا يعبر عن احساس كآبة انهيار الكيان الفلسطيني بشكل عام. ولعله يحتاج الى زرع قلب أو رئة مثل صائب عريقات. “الحركة الوطنية الفلسطينية – التي أسسها ياسر عرفات وكانت حركة فتح هي تجسدها – تصل الى نهاية طريقها”، كتب هذا الاسبوع حسين آغا واحمد الخالدي في “نيويورك”. “هذا يحصل في ظل تفكك مؤسساتها وذبول زعمائها، ولا يوجد اي خليفة في الافق يأخذ مكانه (الحركة الوطنية)”.
أما آفي ديختر فيعتقد بالذات انه يوجد. ففتح وم.ت.ف ستستبدلهما حماس التي ستسيطر من خلال خالد مشعل على م.ت.ف. وسيحل محل عباس، حسب تقدير ديختر مشعل نفسه. ولكن المشكلة الاساس ليست فقط الشخصية التي على الرأس. فديختر يقول ان “المسيرة السياسية ممكنة فقط مع سلطة فلسطينية واحدة، لها قانون واحد وسلاح واحد. وهذا ليس موجودا عندنا”.
والى ذلك ينبغي أن يضاف الحالة المتهالكة لابو مازن ابن الـ 82، حيث ليس واضحا حقا من يخلفه. فهو لن يجري انتخابات، ولكن عندما يعتزل فان من سيحتل مكانه هو رئيس البرلمان عزيز الدويك الذي هو من زعماء حماس. وحماس تعد نفسها لليوم التالي. ديختر يطرح علامة استفهام: “ماذا يحصل اذا انتخب خالد مشعل رئيسا في انتخابات تجرى بعد رحيل ابو مازن؟ ماذا يحصل اذا كان أعلن بانه ليس ملزما باي اتفاق؟ اذا كان يتنكر لاوسلو؟ أنت في مشكلة؟
البروفيسور يحزقيل درور عرض على نتنياهو هذا الاسبوع نوعا من الصفقة على نمط اريك شارون: “المراوحة في المكان في المسيرة السلمية اخطر بكثير مما يروى عن ملفات 1000 ، 2000 وحتى 3000″. وهو يقترح عليه اقامة دولة فلسطينية وفتح سفارة في الرياض، مما سيغير وجه الشرق الاوسط. ووصف درور الشبهات ضد رئيس الوزراء كـ “مخالفات شخصية ليس فيها اقدار تتعلق بالارواح”، وزخم سياسي سيذيبها.
الحقيقة هي أنه في عهد دونالد ترامب هناك احتمال اكبر مما في عهد اوباما للوصول الى اتفاق مع الفلسطينيين. ولكنه نشأ وضع ابو مازن فيه في حالات صمته، وفي كل حال فان الظروف متعذرة لمسيرة ذات مغزى؛ ترامب نفسه يوجد في كفاح بقاء يضعفه ويرفع الولايات المتحدة الى حالة من المعمعان الانتحاري حيال روسيا، كوريا الشمالية وايران.
يخيل أنه لم يسبق أبدا أن لعبت النفسية الجماهيرية دورا ذا مغزى بهذا القدر في مواضيع استراتيجية وجودية. ربما منذ المانيا النازية. والامور صحيحة ايضا بالنسبة للتطلع لتصفية القيادة الامريكية وقدرتها على اداء دورها، وكذا بالنسبة لقيادة دولة اسرائيل. فقد قال المؤرخ العظيم روبرت كونكويست بان كل تنظيم يدار وكأنه من قبل وكلاء العدو. فما كان يمكن لاي عملية تقوم بها الاجهزة السرية الروسية لتحقق نتائج جيدة بهذا القدر لبوتين مما يفعله الامريكيون لانفسهم.
إسرائيل اليوم 11/8/2017