كتب عاموس هرئيل في "هارتس" مع وقوع عملية الاشتباك، أمس الجمعة، في الحرم القدسي؛ تحقق أحد كوابيس "الشاباك" والشرطة. ثلاثة شبان فلسطينيون يحملون الجنسية الإسرائيلية هرّبوا السلاح للمنطقة المؤمنة في الحرم القدسي، قتلوا شرطييْن في أحد المداخل، تم إطلاق النار عليهم حتى الموت، حدث هذا في أكثر الأماكن حساسية في إسرائيل، المقدس بالنسبة لليهودية والإسلام، حيث ان جزءًا من الحادث تم تصويره عبر الهواتف المحمولة، وتم نشره فورًا على الشبكات الاجتماعية.
تسلسل الأحداث من هنا وهناك، خصوصًا في الساعات بعد انتهاء صلاة الجمعة في المساجد، مرتبط جدًا بدرجة الحكمة والتحفظ التي ستتعامل بها الشرطة. ربما هذا هو الاختبار الأمني الأصعب الذي يُطلب من مفوض الشرطة روني الشيخ مواجهته، حتى اليوم.
في خطوة استثنائية تقرر، أمس، الإغلاق الكلي للحرم القدسي أمام دخول المصلين. يبدو أن الشرطة تعمل مع فهم للعواقب المحتملة، مع استمرار اشتعال المنطقة في القدس، والحرم القدسي بشكل خاص. توتر وحوادث حول الحرم القدسي أدت فعليًا لإضرام النيران في مواجهات اندلعت في إسرائيل والمناطق عام 1990، مع اندلاع الانتفاضة الثانية في سبتمبر 2000 وإلى حد ما ساهمت في تصعيد هجمات الطعن وإطلاق النار في أكتوبر 2015.
هناك من سارعوا بإضافة مزيد من الزيت على النار، حماس تشيد بمنفذي العملية في وسائل الإعلام الخاصة بها، وفي المساجد يطالب الخطباء المصلين بالدخول للحرم القدسي بالقوة. منذ ساعات صباح يوم أمس يطالب أعضاء كنيست من اليمين، شخصيات من الائتلاف، باستغلال العملية لتغيير الوضع الراهن وتبني تأثير السيادة الإسرائيلية في الحرم، كأن هذا تمامًا ما ينقص القدس الآن (أو كأن هذا كان الطلب الأخير للشرطييْن درزيي الأصل).
لذلك كان من الطبيعي ان يأخذ رئيس الحكومة نتنياهو بنصيحة رؤساء أجهزة الأمن، ويفعل العكس. في مكالمة مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أعلن نتنياهو أنه سيحافظ على الثوابت القائمة في الحرم. نتيناهو يدرك مدى خطورة تأجيج تلك النيران، التي قد تعود وتنزلق للضفة الغربية والتجمعات العربية في إسرائيل. يبدو أن رسائل مشابهة سيتم نقلها للأردن أيضًا.
الأردن - التي أكثر من نصف سكانها لاجئين فلسطينيين قدماء ولاجئين جدد من سوريا والعراق - تتأثر بشكل خاص بكل التطورات التي تحدث في القدس، وتحرص على نقل مخاوفها لإسرائيل في جميع الفرص. يجب ان نأمل بأن القيادات الأخرى في المنطقة تفهم - مثل عباس - الضرر المحتمل الناجم عن هجوم في مكان حساس كهذا. حقيقة ان ضحايا العملية هم دروز والمنفذين هم مسلمين من عرب الداخل؛ تلزم رؤساء السلطات المحلية وأعضاء الكنيست من كلا الطائفتين بالعمل من أجل منع مواجهة لا لزوم لها في نقاط الخط الأخضر.
في العام الماضي حدث تراجع في وتيرة العمليات، ومقارنة بأحداث 2016 تراجع العنف في الضفة إلى حد كبير، وذلك حدث بشكل أساسي نتيجة تحسن في نشاطات قوات الأمن الاسرائيلية، عن طريق تعزيز الدفاع وتعميق التغطية الاستخباراتية لما يحدث في صفوف الشبان الفلسطينيين، لكن أيضًا هناك دور للسلطة الفلسطينية التي عملت وشغلت أجهزتها الأمنية من أجل عرقلة محاولات لشبان فرديين.
مقابل ذلك، ما زالت البلدة القديمة في القدس هي المكان الذي يجذب المنفذين. ثمة تشابه بين عملية إطلاق النار والسكاكين التي قتلت بها شرطية من حرس الحدود قبل حوالي شهر وبين عملية الأمس، لكن المنفذين هذه المرة هم فلسطينيون من "عرب إسرائيل". المنفذون في هذه العمليات، بالغالب لا يتبعون لأي تنظيم معروف، يعملون بشكل فردي ويستخدمون سلاحًا ناريًا أو سلاحًا بسيطًا، مثل سلاح كارلو الذي تم استخدامه في معظم العمليات الأخيرة. العمل المتزامن في وقت واحد يزيد من درجة الضرر والأصداء التي يثيرها الهجوم، وحين يحدث ذلك حول الحرم القدسي فإن الرد يكون له صدى أكبر بكثير.
حسب بيان أولي للشاباك، فالمنفذين الثلاثة لم يكونوا معروفين، وليس لديهم أية سوابق أمنية. الآن مطلوب العمل لاستيضاح إذا ما كان الثلاثة تركوا وراءهم علامات تدل على نيتهم لتنفيذ عملية، غير تلميحاتهم العامة على صفحات الفيسبوك. مع ذلك، أمر إقامة خلية بسيطة كهذه، التسلح بالسلاح، وربما جولة تحضيرية مسبقة أجريت في القدس قبل العملية؛ يبدو أن كل ذلك يفترض ان يعطي ضوءًا تحذيريًا مسبقًا، أي كان في جهاز الأمن.