كتب آفي يسسخروف في موقع واللا العبري : - التطورات الأخيرة في قطاع غزة، حسب التقارير التي نُشرت في وسائل الإعلام العربية، تُشير إلى شيء لا يقل عن زلزال سياسي قد يضرب بالساحة الفلسطينية. أحد قادة حماس، أحمد يوسف، قال أنه من المتوقع أن يعود لغزة أحد قادة معسكر محمد دحلان، وهو سمير المشهراوي، في الأيام القادمة.
عودة المشهراوي هي أحد أبرز المؤشرات التي تدل على تغيرات جذرية في الساحة الغزية الفلسطينية. المشهراوي يُعد اليد اليمنى لدحلان، رئيس جهاز الأمن الوقائي سابقًا في قطاع غزة، وشهد فترات صعبة وشديدة التوتر أمام حماس. المشهراوي، أبو باسل، المعروف على أنه قائدًا سياسيًا بارزًا في غزة، كان أحد أشد المكروهين بالنسبة لشخصيات حماس لفترة طويلة، بسبب دوره الأساسي في اضطهادهم في القطاع عام 1996-1997، بما يشمل حلق اللحى واعتقال لفترات طويلة. لقد كان أحد الأوائل الذين غادروا القطاع حين وقع الخلاف واشتد بين حماس وفتح خلال 2007.
الآن، يُفترض على المشهراوي، حسب قول يوسف، أن يعود لغزة برعاية الإتفاق بين حماس-دحلان-مصر، ظاهريًا، لضمان عمل "مؤسسة الضمان الاجتماعي"، المفترض أن تساعد عائلات الجرحى والشهداء الفلسطينيين. لكن عودته لها أهمية كبيرة جدًا في كل ما يتعلق بالمصالحة الداخلية الغزية، ربما ليست مصالحة بين فتح وحماس، لكنها بين تيار دحلان في فتح وبين حماس.
من وجهة نظر إسرائيل، خطر الحرب مع غزة حماس يبتعد. اتفاق المصالحة بين دحلان وحماس الذي تمت مناقشته بين مسؤولي التنظيم وبين رجال دحلان والمخابرات المصرية، قد يُمهد الطريق لفتح معبر رفح وإقامة "لجنة إدارية" جديدة، و بمعنى آخر، حكومة أمر واقع جديدة في غزة.
هذه اللجنة سيتم تشكيلها على يد رجال دحلان، حماس كما يبدو، وممثلي باقي الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة. معنى ذلك هو تحسن في الوضع الانساني في قطاع غزة بشكل يُبعد خطر الحرب لكنه سيفصل بين غزة والضفة بشكل تام.
النتيجة الثانية المهمة هنا هي أن فكرة الدولة الفلسطينية التي يطالب بها بينت تتجسد أمام أعيننا، ربما فقط في غزة، دون أي علاقة بالضفة، تمامًا مثل فكرة بينت-بيبي- ليبرمان، أو بدلًا منها، حل "ثلاث دول": واحدة في الضفة، الثانية في غزة، والثالثة هي إسرائيل بطبيعة الحال. حسب قول يوسف، حماس ستبقى المسؤولة عن أمن قطاع غزة، وفي المقابل فإن اللجنة، التي ستضم رجال دحلان، ستكون مسؤولة عن إدارة شؤون القطاع، بما فيها الشؤون الخارجية. أي أن رجاله سيكون تواجدهم في معبر رفح.
وهنا يجب التأكيد على النقطة الثالثة: في حال تم فتح معبر رفح بشكل منتظم أمام دخول المسافرين والتجارة، فإن استعداد حماس للحرب القادمة سيكتسب زخمًا وسيزداد. رجال دحلان لن يكونوا هم من سيوقفون تسلح حماس أو ادخال نشطاء للقطاع. هنا فعليًا يكمن الفخ، الاتفاق، على ما يبدو، سيبعد على المدى القريب خطر الحرب مع إسرائيل، لكن على المدى البعيد سيقوي ليس فقط حماس بل أيضًا الثقة بقدراتها على تحمل حرب أخرى، وبذلك فإن خطر الحرب سيتأجل فقط. أي جولة عنف أخرى في المستقبل البعيد بين حماس وإسرائيل ستنقلب لتكون فتاكة أكثر وأشد خطرًا على إسرائيل.
من المتوقع أن دحلان سيقوى سياسيًا. عودة "أبو فادي" أو رجاله لغزة، في حال فعلًا تمت، تتمثل باعتباره أحد الشخصيات الأقوى والأكثر تأثيرًا في الساحة الفلسطينية. دحلان جعل رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن ومسؤولي فتح في الضفة يبدوا كأنهم ضعفاء وعاجزين. حركة حماس رفضت قبل أيام اقتراح تسوية تم تقديمها أمامها من قبل مبعوث الأمم المتحدة للشرق الأوسط نيكولاي ميلادنوف، لعلمها أن الاقتراح المصري الدحلاني على وشك التنفيذ. هذا الاتفاق، الذي يضم 15 بند، يُنذر بتاريخ جديد على الساحة الفلسطينية: بعد عقد من الانقسام بين غزة والضفة، سوف يتحول الآن لطابع أكثر رسمية.
ومع كل ذلك، علينا أن نأخذ بعين الاعتبار أمر واحد. لا وجود للحب بين دحلان وحماس. ولا حتى بين المشهراوي ومسؤولي التنظيم بغزة. غير متوقع أن يختفي الحقد بين كلا الحزبين وما يمثل كل منهما خلال يومين أو حتى في السنوات القريبة. حين يشعر أحد التيارين بتهديد إزاء الطرف الآخر، فإن الايديولوجية والمصالحة سيتلاشون وستتجدد الحرب. هذا ما حدث فعليًا في 2007 وهذا ما هو متوقع حدوثه في المستقبل.