يعاني أبناء قطاع غزة المقيمين منذ عشرات السنين في الأردن؛ جملة من القرارت والإجراءات التي تضيق عليهم، وتقيد وجودهم، توجت مؤخرا بقرار يفرض عليهم رسوم إضافية باهظة، من أجل استخراج جواز السفر الذي يجري تجديده كل عامين فقط، ما يطرح تساؤلا حول الأسباب الموجبة لسياسة التضييق التي تتالت مؤخرا على أبناء غزة في الأردن والمراد منها في نهاية المطاف؟.
وضاعفت الحكومة الأردنية رسوم اصدار و تجديد جوازات السفر المؤقتة (سنتان) لأبناء غزة المقيمين في المملكة من 35 دولارا الى 281 دولارا، بينما ضاعفته للاردنيين من 35 دولار الى 70 دولار .
إجحاف
ورأى الكاتب والمحلل السياسي المختص بالشأن الفلسطيني فرج شلهوب، أن القرار فيه نوع من الإجحاف بحق شريحة مهمشة وليس لها صوت في المجتمع الأردني لافتا إلى أن الرسوم التي فرضت "خيالية".
وقال شلهوب لـ"عربي21":" يجبر الفلسطيني من أبناء قطاع غزة المقيم في الأردن على دفع رسوم تبلغ 200 دينار أردني، حين تجديد جواز سفره، في حين يجبر من هم خارج البلاد على دفع 450 دينارا رغم أن الجواز لا يجدد إلى لسنتين فقط .
وأضاف :"الرسوم كبيرة جدا بالنسبة لأبناء قطاع غزة الذين يحرمون من نحو 90% من فرص العمل سواء في القطاع الرسمي أو الخاص ويحرمون من أبسط الحقوق المدنية.
وعزا شلهوب رفع أسباب الارتفاع في الرسوم بهذا الشكل على أبناء غزة؛ إلى حالة الشره التي تنتاب الحكومة الأردنية التي تسعى لتوسيع حملة الجباية التي اطلقتها، بهدف سد العجز في موازنة البلاد.
لا ينسجم مع دور الأردن
وأشار شلهوب الذي يشغل مدير التحرير في صحيفة السبيل الأردنية اليومية ، أن الدور الذي يمارس على أبناء قطاع غزة، لا ينسجم مع الأردن وعلاقته بالقضية الفلسطينية، وتابع: " الحكومة مطالبة بمراجعة موقفها تجاه هذه الشريحة .. هم يطالبون بمساواتهم بالظلم على الأقل أسوة بالمواطنين الأردنيين، فالواقع صعب جدا وأبناء غزة الأقل حظا في كل شئ من بين المكونات الموجودة في المجتمع الأردني".
من جهته عبر النائب في البرلمان الأردني يحيى السعود عن استيائه من قرار رفع الرسوم.
وقال النائب الذي يرأس لجنة فلسطين في البرلمان الأردني: " القرار مرفوض جملة وتفصيلا وسوف نطالب الحكومة بتعديل هذا النظام وإعادة النظر فيه لكونه مجحف".
ولفت لاجتماع عقد اليوم مع وزير الداخلية غالب الزعبي، واتفقا على إجراء اجتماع رسمي يحضر فيه الوزير للبرلمان بطلب من لجنة فلسطين الخميس القادم لاستكمال البحث والنقاش .
رسوم جباية
في المقابل استبعد السعود أن يكون القرار مخصصا لاستهداف أبناء قطاع غزة موضحا أن القرار يهدف لفرض رسوم جباية من قبل الحكومة، حيث جرى رفع الرسوم على معظم المعاملات الرسمية من بينها جوازات السفر الأردنية بنسب متفاوتة وتابع" : الرسوم على جواز سفر المواطن الأردني ارتفع ضعفا ونصف أيضا ".
اقرأ أيضا: جدل في الأردن بعد مساواة "الغزيين" بالأجانب في سوق العمل
وأشار السعود:" أبناء غزة مكون من المجتمع الأردني شاء من شاء وأبى من أبى، ونحن كلجنة برلمانية من واجبنا الدفاع عن هذه الشريحة التي لها فضل على البلد وساهمت فيه، ويجب أن تمنح كامل الحقوق".
وفيما يتعلق بملف تصاريح مزاولة العمل أشار النائب أن اللجنة البرلمانية التي يرأسها ستجتمع غدا الثلاثاء مع وزير العمل الأردني، لبحث منح تصاريح عمل لأبناء غزة، لافتا لتواصل جهود اللجنة مع المسؤولين الأردنيين للتخفيف من معاناة أبناء غزة.
140 ألف غزي في الأردن
ونزح أغلب أبناء قطاع غزة إلى الأردن من أماكن مختلفة من قرى ومدن فلسطين المهجرة عام 1948 ،حيث هاجروا في البداية إلى قطاع غزة الذي كان يخضع للسلطة المصرية، ثم لجأوا للأردن في عام 1967، الأمر الذي أكسبهم اسم أبناء قطاع غزة، ويقيم هؤلاء منذ ذلك التاريخ في الأردن إقامة دائمة.
ويحمل كثير من أبناء قطاع غزة جوازات سفر مؤقتة لمدة عامين، لا تمنح حاملها أي صفة مواطنة من حيث الحصول على حق التملك وعلى عمل متساوٍ و تأمين صحي، إذ يحرم أبناء غزة من العمل بقطاعات الحكومة، وكذا القطاع الخاص الذي يفضل عدم تشغيل من لا يحمل الجنسية الأردنية.
ويحرم أبناء غزة من مزاولة الكثير من المهن والانتساب للنقابات الأردنية، كالأطباء والمهندسين و المحامين وغيرها، التي تشترط على الممارس أن يكون أردني الجنسية.
وتحرم القوانين أيضا أبناء غزة من الاستفادة من مختلف المساعدات الاجتماعية والصحية والتعليمية، فضلا عن تملك المنازل والسيارات والعقارات التجارية، بالنظر لعدم امتلاكهم أرقاما وطنية .