كشف القيادي البارز في حركة حماس، غازي حمد، وهو وكيل خارجية حماس، ومسؤول الاتصال عن معبر"رفح" مع الجانب المصري، في حواره لـ"سبوتنيك" الروسية، الكثير من علامات الاستفهام حول قضايا المعابر، والزيارة الأخيرة لوفد حماس للقاهرة، ومعوقات المصالحة الفلسطينية، ومن هو رئيس المكتب السياسي القادم لحركة "حماس" خلفاً لـ خالد مشعل.
وإليكم نص الحوار…
سبوتنيك: ما هي آليات فتح وغلق المعابر الثلاثة في القطاع؟
غازي: المعابر الموجودة في القطاع هي ثلاثة معابر، اثنان مع إسرائيل وواحد مع مصر، ونبدأ بالأهم بالنسبة للقطاع وهو معبر"رفح"، حيث يتم فتح وغلق المعبر وتقدير المواقف من جانب مصر فقط، دون التشاور أو التعاطي مع الوضع في قطاع غزة بشكل رسمي، ويتم إبلاغنا بالتوقيت الذي يتم فيه فتح المعابر قبلها بساعات، وعندما كانت العلاقة بين مصر والسلطة الفلسطينية جيدة في فترات معينة، كان هناك تنسيق مع السفارة الفلسطينية، وبشكل عام أقول إن مصر هي صاحبة القرار في فتح المعبر وتحديد أيامه، والتحكم في أعداد المسافرين، على الرغم من أننا تحدثنا كثيراً مع الأشقاء في مصر، بضرورة أن تكون هناك آلية واضحة لفتح المعبر حتى نرتب أمورنا داخل القطاع بالنسبة للمسافرين، وتصنيفهم حسب الفئات.
سبوتنيك: وكيف يتم التنسيق مع المسافرين في تلك المدة القصيرة؟
غازي: نظراً لأن المعبر يفتح على فترات متباعدة، كل شهرين أو ثلاثة وقد لا نعلم متى سيفتح المعبر، لذا فإننا نقوم مضطرين بتسجيل المواطنين في وزارة الداخلية أو هيئة المعابر، ونحن نسجل فقط الحالات الإنسانية، فلا يستطيع أحد الخروج للسياحة مثلاً، والتسجيل يشمل خمس فئات، الحالات المرضية، الإقامة والفيزا، الجواز الأجنبي، الجوازات المصرية، والطلبة، ونظراً لبعد الفترات التي يفتح فيها المعبر وقلة العدد الذي يتمكن من المغادرة، أصبح لدينا ما يقرب من 25 ألف من الحالات الإنسانية، مرتبين ومصنفين حسب الفئات، وعندما يتم فتح المعبر يكونوا جاهزين، حتى لا تحدث حالة من الفوضى.
سبوتنيك: وهل تغيرت الأمور بعض الشيء، بعد الزيارة الأخيرة لوفد القطاع للقاهرة؟
غازي: هذا الموضوع ليس جديد، بل هو الواقع منذ سنوات، وفي كل مرة يتم فيها فتح المعبر لا يتعدى من يخرجون من القطاع 2000-3000 مواطن في كل مرة، ويظل المرضى وذوي الاحتياجات الخاصة في قائمة انتظار طويلة، وقد تقرر الحكومة المصرية فتح المعبر لمدة يومين أو ثلاثة، وفي بعض الأحيان يتم التمديد ليوم أو يومين إضافيين نظراً لضيق الوقت، وحالة الطوارىء المفروضة في سيناء.
سبوتنيك: وماذا عن المعبرين الآخرين مع الجانب الإسرائيلي؟
غازي: كما قلت قبل قليل، القطاع به ثلاثة معابر، معبر رفح مع الجانب المصري، والمعبرين الآخرين مع الجانب الإسرائيلي وهما "إيرز وكرم أبوسالم"،…ومعبر إيرز مخصص للمسافرين من الحالات الإنسانية جداً والحالات الدبلوماسية والزوار، لكن أكثر من 85 بالمائة من المواطنين الفلسطينيين لا يستطيعون اجتياز هذا المعبر لأن أغلبهم ممنوعين من السفر…أما "كرم أبو سالم"، فهو ممر تجاري فقط، تدخل من خلاله البضائع من إسرائيل والضفة الغربية إلى قطاع غزة، وهو مفتوح على الدوام ولا يغلق إلا في العطلات الرسمية أو لأسباب أمنية.
سبوتنيك: متى ستحدث المصالحة السياسية بين غزة ورام الله؟
غازي: دعني أقول إن حركة فتح موجودة في القطاع، وليس هناك أي حالة اعتقال في غزة على خلفية سياسية، أو على أي خلفية فكرية أو أيديولوجية، وعلاقاتنا جيدة مع قيادات فتح، أما موضوع المصالحة فهو موضوع معقد وفشلت تقريباً كل المحاولات، والإشكالية لها أكثر من جانب بخلاف الاتهامات المتبادلة بين فتح وحماس، فعندما وقعنا "اتفاقية الشاطىء" في 2013، وحماس سلمت السلطة إلى حكومة الوفاق الوطني وكان يهمنا نجاح تلك الحكومة وبالتالي المصالحة الوطنية، لكن للأسف استكمال بنود المصالحة سواء كان في عقد المجلس التشريعي أو إصدار مرسوم بتوقيت الانتخابات، أو إصدار مرسوم بشأن الإطار القيادي لمنظمة التحرير، والتي كان من المفترض أن يقوم بها الرئيس لاستكمال ملف المصالحة. وللأسف هذا لم يحدث، وحكومة الوفاق الوطني لم تعمل بشكل جدي في قطاع غزة، وهذا بدوره أثر على تحقيق التوافق. ومع ذلك فأنا أقولها بشكل واضح، ليس أمامنا خيار سوى المصالحة الوطنية، فلا حماس تستطيع النجاح في قطاع غزة ولا أبو مازن يستطيع النجاح في أي مسار سياسي، دون توحيد الرؤية والمسار السياسي الفلسطيني.
سبوتنيك: إذا كنتم لا ترون غير"المصالحة " للحل، فما الثوابت التي يمكن البناء عليها؟
غازي: أعتقد أنه بالإمكان اتخاذ خطوات جدية، والرئيس أبو مازن باعتباره رأس النظام السياسي الفلسطيني، بيده مفاتيح الحل وبإمكانه أن يتقدم خطوات جدية، وبالنسبة لحماس واللقاءات الأخيرة التي تمت في الدوحة، قدمنا رؤية جيدة ومرنة وكان يمكن البناء عليها سواء في تشكيل الحكومة أو برنامجها السياسي، وكنت أتوقع من الرئيس أبو مازن باعتبار أن هذه قضية خطيرة وتمس الحالة الفلسطينية برمتها، أن يعطيها جهدا أكبر بدلاً من التعويل على المسار السياسي، والمفاوضات مع إسرائيل والطيران بين العواصم الأوروبية والأجنبية، والانقسام الفلسطيني هو أكبر كارثة نمر بها من 20 أو 30 سنة، وهو يضعف الموقف الفلسطيني ويدعم سياسات "الاحتلال" التوسعية، من الحصار والاستيطان والاعتقالات ومصادرة الأراضي، والأمر يحتاج لقرار شجاع من كلا الحركتين"حماس وفتح".
سبوتنيك: هل الوضع القائم حالياً يوحي بأن هناك توافق ومصالحة قادمة؟
غازي: الوضع الحالي غير مبشر، الأمور في حالة ركود، وهناك حالة من التجمد في موضوع المصالحة، وهذا يلقي بظلال سلبية وحالة من الإحباط بشكل عام، ففي ظل الانقسام تكثر المشاكل والاتهامات والخلافات، وهو ما يتم استغلاله من الجانب الإسرائيلي بشكل كبير، وهي بدأت بالفعل تفرغ حل الدولتين من مضمونه، بتوسيع المستوطنات والإجراءات التي من شأنها أن تجعل حل الدولتين مستحيلاً، وأيضاً تحارب قطاع غزة من خلال الحصار والإغلاق والعقوبات الجماعية، ولذا كان يجب التعجيل بالمصالحة، التي تعد أزمة الثقة بين الجانبين أحد أهم العقبات، والنقطة الأخرى إدارة ملفات المصالحة وأن تكون تلك العملية مستمرة وممنهجة لا بشكل موسمي كما يحدث، وقد ناقشنا في 2011، بالقاهرة كل التفاصيل المتعلقة بالمصالحة، منظمة التحرير، الأجهزة الأمنية وتشكيل الحكومة، الانتخابات، المصالحة المجتمعية، وكل ما سبق تم مناقشته بالتفصيل وكل ما نحتاجه هو عملية التطبيق، وهذا يعود الجزء الأساسي فيه للرئيس أبو مازن.
سبوتنيك: هناك إعادة تشكيل لمكاتب حركة حماس… فمن سيخلف خالد مشعل؟
غازي: هذا السؤال ستجاوب عليه الانتخابات الديموقراطية في حركة "حماس"، بمعنى أن هناك عمليات انتخابات متدرجة في الحركة حتى نصل إلى المكتب السياسي في قطاع غزة والضفة الغربية والخارج، وفي نظام الحركة ليس هناك مرشحون، فلا أحد يرشح نفسه وإنما تتم عملية الانتخاب بشكل تلقائي، ومسألة اختيار رئيس المكتب السياسي، فقد يكون لأي شخص الحق في هذا المكان، ومع هذا فإن بعض الأشخاص قد يكون لهم حضور أكبر، ولكن لا يستطيع أحد بشكل قاطع أن يقول من هو رئيس المكتب السياسي القادم، وهناك أسماء يتم الحديث عنها مثل "إسماعيل هنية، موسى أبو مرزوق"، كما يتم الحديث عن أسماء أخرى، وكما قلت فهذا مجال مفتوح بالطرق الديمقراطية، ومن يصل في النهاية سيكون هو صاحب الحظ الأوفر في دعم القاعدة الأساسية من الحركة، والانتخابات أعتقد أنها لن تكون بعيدة، ولكن لم يحدد حتى الآن توقيتها.
سبوتنيك: كيف تديرون القطاع في ظل الحصار؟
غازي: الحكومة تفعل كل ما لديها للتخفيف عن أهالي غزة، وإسرائيل تتعامل معنا من منظور أمني، وتفرض علينا الكثير من القيود والخطوط الحمراء، ولذا فإن قطاع غزة عبارة عن سجن كبير مغلق من كل الجهات، وإسرائيل تتحكم في أكثر من 95 بالمائة من حدوده، وبالتالي فهي تتحكم في كل ما يدخل أو يخرج من القطاع، وتدخل يومياً من الجانب الإسرائيلي من 400-500 شاحنة محملة بالبضائع والمواد الغذائية من خلال معبر كرم أبوسالم.
سبوتنيك: هل تتوقع عودة الدور المصري خلال المرحلة المقبلة كلاعب رئيسي ووسيط؟
غازي: موقفنا أن مصر دولة مركزية ولها ثقل سياسي، وتستطيع لعب دور كبير ومهم ومؤثر في الحالة الفلسطينية، ودائماً نقول إن مصر لها مسؤولية تاريخية تجاه فلسطين، وفي الفترات الأخيرة مصر هي التي تابعت الملفات الساخنة، مثل ملف تبادل الأسرى"شاليط"، ملف التهدئة وملف المصالحة الوطنية، ومصر لديها تجربة طويلة وعميقة بهذا الجانب، وهناك شبه إجماع على أن مصر يمكن أن تقوم بدور إيجابي في جمع الصف الفلسطيني، ووقف العدوان الذي يمكن أن تشنه إسرائيل على القطاع.
سبوتنيك: ما الذي دار في المباحثات الأخيرة في القاهرة؟
غازي: بشكل عام هناك قضيتين أساسيتين في العلاقة مع مصر، الجانب الأمني والآخر متعلق بالأوضاع الداخلية بالقطاع، فالجانب الأمني يتعلق بالأوضاع في سيناء، وبعض الاتهامات التي كانت موجهه لبعض المجموعات، وأوضحنا لمصر في اللقاء الأخير أن قطاع غزة وحركة حماس لن تتدخل في الشأن المصري ولن تسمح لأي طرف مهما كان أن يمس الشأن المصري، ولن تسمح أن يكون قطاع غزة ملاذاً لأي أحد يريد الهروب من سيناء، وقد وصلت لمصر رسالة في أكثر من مناسبة أن قطاع غزة لا يمكن أن يشكل تهديداً لمصر، ومشكلتنا وصراعنا مع الاحتلال الاسرائيلي… وطلبنا من مصر أن يكون لها دور فعلي في تخفيف الحصار وفتح المعبر بشكل طبيعي.