الهروب الجماعي لوحدة النخبة في الجيش الإسرائيلي أمام شاب فلسطيني يقود شاحنة حدث له صداه الروحي على المجتمعين العربي والإسرائيلي، ولن تقف ارتداداته عند حدود مقاومة المحتلين للأرض الفلسطينية، بل سيخترق قلعة الإعلام الصهيوني الذي سعى إلى احتلال عقل الأمة العربية، وراح يزرع في فيافيها فكرة الجندي الإسرائيلي الذي لا يقهر.
لقد قهر شاب فلسطيني يقود شاحنة أربعين جندياً إسرائيلياً دفعة واحدة، لقد فضحهم في مشهد مصور، أهان دولة تدعي القوة والتفوق والثقة بالنصر، فإذا بجنودها يفرون في القدس، وهم يحملون سلاحهم، لقد فروا بشكل يعكس المجبنة الإسرائيلية التي أجبرت أحد الجنود ليقول: كان بمقدور كل واحد من الأربعين أن يطلق النار، ولكنهم فروا بشكل مذل.
كلام الجندي الإسرائيلي عن فرار زملائه الجنود لم يعجب قائد مدرسة الضباط، الذي ادعى أن أوامر صدرت للجنود للابتعاد عن المكان! ولكن هذا الادعاء لا ينسجم مع مشهد الرعب الذي ظهر واضحاً في ردة فعل الجنود الإسرائيليون، ولا ينسجم مع أقوال الوزيرة الإسرائيلية المتطرفة "ميري ريغف" التي ادعت أن فرار الجنود الإسرائيليين من المكان لا يرجع إلى خوفهم من المواجهة، وإنما يرجع إلى خوفهم من الملاحقة القضائية، ومن مصير الجندي "أزاريا" الذي أدين بقتل الجريح الفلسطيني عبد الفتاح الشريف.
وسط هذه التبريرات جاء تصريح الناطق باسم الجيش الإسرائيلي "موتي الموز" ليؤكد أن الجنود الإسرائيليين قد قتلوا عشرات الفلسطينيين في الفترة الماضية رغم قضية أزاريا"، وهذا تصريح إسرائيلي يعترف ضمنياً أن فرار الجنود من ساحة المواجهة يرجع للخوف والرعب، وهذا ما أقر به الجندي القاتل "أزاريا" نفسه، حين اعترف أمام المحكمة العسكرية الإسرائيلية بأنه أطلق النار خوفاً ورعباً، بعد أن هيئ له أن الجريح الفلسطيني يحمل عبوة ناسفة.
الخوف من المواجهة مجبنة، والمجبنة هي القاسم المشترك لعشرات الحوادث التي فر فيها الجنود الصهاينة بسلاحهم، وهم يرتعبون من البطولة الفلسطينية التي عاش لذتها قبل عام الشهيد إياد العواودة، الذي استل سكيناً، وراح يطارد الجندي الإسرائيلي وسط الشارع، في مشهد يؤكد أن المرجلة الفلسطينية تتغذى من ينابيع الحق التاريخي بأرض فلسطين، وأن المجبنة الإسرائيلية يستنزفها باطل الادعاء اليهودي بالحق التاريخي بأرض إسرائيل.
المرجلة الفلسطينية سالت إرادة من عروق المقاومة، حين شاهد العالم شريط فيديو لرجال القسام، وقد انشقت عنهم الأرض، فأخرجتهم من جوفها شظايا لهب، راحت تنغرس في قلوب الجنود الصهاينة؛ بعد أن جفت مفاصل ثقتهم بأنفسهم، وتجمدت أصابعهم على الزناد، واستسلموا خانعين لرصاص المقاومة؛ وهو يخترق اكذوبة الجيش الإسرائيل الذي لا يقهر.