تكتب سمدار بيري، في "يديعوت احرونوت": ما الذي يعرفونه فعلا؟ خيرة الخبراء والمحللين الكبار في العام العربي، جلسوا في نهاية الأسبوع لكي يشرحوا كيف سيتصرف الرئيس الامريكي المنتخب دونالد ترامب ازاء قضايا الشرق الاوسط. بل مضى بعضهم خطوة اخرى الى الامام، واخذ يوجده النصائح له: ما الذي يجب ان يفعله مع داعش، كيف يعالج الأسد. لقد اعدوا سيناريوهات في قضايا النفط العربي، وصنفوا "الاعداء" مقابل "الأخيار".
في عشرات المقالات تكررت دالة واحدة: الاول، بغالبية الأصوات، اصر المحللون على ان وعد ترامب بنقل السفارة الامريكية من تل ابيب الى القدس لن يتحقق. والدالة الثانية التي اكدها عدد كبير من المحللين هي الابتسامة التي ارتسمت على وجه السيسي مع اعلان نتائج الانتخابات.
لقد سجل الرئيس المصري لنفسه رقما قياسيا: فقد كان اول زعيم أمسك بترامب بعد لحظة من فوزه. في القاهرة تم التبليغ عن "محادثة جيدة" وعن قيام الرئيس المصري بتوجيه دعوة لترامب لزيارة القاهرة. لكن يجب الانتباه الى ان ترامب لم يستغل الفرصة لكي يرد على السيسي بالعملة ذاتها ويدعوه الى واشنطن، مقابل نتنياهو الذي قال بأنه تمت دعوته.
هناك فجوة عميقة بين اللامبالاة التي يظهرها الشارع المصري ازاء نتائج الانتخابات في الولايات المتحدة، وابتسامة السيسي. لدى ترامب سيبقى السيسي "الرجل الرائع"، كما وصفه اثناء اللقاء به في نيويورك، وايضا "سادت كيمياء جيدة". هذا يعني ان واشنطن تتوقف عن ازعاج القاهرة في مسائل حقوق الانسان. ومن جهة اخرى، هذا لا يعني شيئا بالنسبة لعمق تجند ادارة ترامب من اجل الحفاظ على بقاء النظام في القاهرة.
في العالم العربي لم يتوقعوا فوز ترامب في الانتخابات، رغم انهم كرهوا سلوك الادارة الديموقراطية المنتهية ولايتها. لقد اتهموا هيلاري، وزيرة الخارجية السابقة في ادارة اوباما، بالدفع الذي قاد الى اسقاط اربعة طغاة عرب، حلفاء امريكا: بن علي في تونس، مبارك في مصر، صالح في اليمين، والقذافي في ليبيا. اتهموا واشنطن بأنها لا تملك ذرة من المعرفة بشأن كيفية ادارة دولة في العالم العربي، ورسموا لأوباما عيون الناظر بجشع الى النفط العراقي والايراني على حساب التحالف مع السعودية.
في هذه الأثناء، ارسلت ايران وزير خارجيتها، جواد ظريف، لتهديد ترامب. لدينا طرق اخرى للحفاظ على الاتفاق النووي، قال من كان رئيسا لطاقم المفاوضات الايراني. الطرق الأخرى هي رمز للمشاكل التي يمكن تسببها ايران لمن وصف الاتفاق النووي بأنه "أسوأ اتفاق في التاريخ" واقسم "بمعالجة" الوثيقة التي وقعتها الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وبريطانيا والمانيا والاتحاد الاوروبي.
من جانبه يبدو بشار الأسد راضيا. انه يقدر بأن الرئيس الأمريكي الجديد لن يجد الوقت والاهتمام للتعامل معه. اولا بسبب تصريحه بأن الحرب ضد داعش اهم، وايضا، بسبب التعاون المنتظر بينه وبين بوتين. اذا حدث هذا فسيتدبر بشار امره. وبالفعل، فقد اظهر المتمردون عليه دلائل ضغط.
في الجانب الاسرائيلي، يفتح عهد ترامب شباك فرص، على الاقل حتى منتصف كانون الثاني. يمكن لنتنياهو الركوب خلال هذه الفترة على صورته في العالم العربي كمن رتب لنفسه بابا مفتوحا لدى الرئيس الجديد – كلاهما ينظران بعين واحدة الى التهديدات والمصالح. من الجانب الامريكي، من المناسب التعامل بجدية مع وعد ترامب خلال خطاب الفوز، بإعادة امريكا الى ايام مجدها. هنا بالذات يمكن العثور على رمز سميك لجدول الاولويات الجديد: امريكا اولا، ولينتظر البقية في الدور. الصراع مع الفلسطينيين سيدخل الى الثلاجة، ترامب سيساعد السيسي "الرجل الرائع"، وليبحث السعوديون عنه.
من هو الخاسر الكبير فعلا؟ النساء في العالم العربي. هزيمة كلينتون تضبطهن في منتصف الرحلة. ترامب لن يحاول رفع مكانتهن. سواء كن بالحجاب او من دونه، ليس لهن أي عنوان او جهة تعتمدن عليها.