كيف سيحل ترامب المشكلة الفلسطينية في ستة أشهر؟ ..د. أحمد فؤاد أنور

الخميس 10 نوفمبر 2016 10:51 ص / بتوقيت القدس +2GMT



 
صباحٌ قاسٍ للغاية هكذا عبرت مذيعة القناة الثانية الإسرائيلية عن صدمتها لفوز دونالد ترامب لتنضم بذلك لمحلل
 
معاريف الذي كتب قبل الانتخابات أن فوز ترامب سيمثل كارثة علي إسرائيل لأنه سيضعف أمريكا.. فما هو سر هذا التخوف من سياسة السيد الجديد للبيت الأبيض، علي الرغم من أنه أعلن خلال حملته الانتخابية تصريحات إيجابية تجاه إسرائيل؟
 
يمثل الصوت اليهودي في الانتخابات الأمريكية محور اهتمام سواء للمرشحين وحملاتهم أو للإعلام. وواقع الحال أن في حجم تأثيرهم قدرا كبيرا من المبالغة، لكنه في الوقت نفسه يمكن أن يؤثر في حالة احتدام المنافسة بين معسكرين متقاربين؛ فعدد اليهود في الولايات المتحدة يمثل 3 بالمائة فقط من جملة عدد من يحق لهم التصويت في الانتخابات، ولكن معدلات تصويتهم أعلي من معدلات بقية الأمريكيين، حيث تصل إلي 90بالمائة في مقابل نسبة 70 بالمئة فقط لعموم الناخبين الأمريكيين .. يتعاظم التأثير عن الطبيعي أيضا لكثرة عدد المتبرعين حيث تضم قائمة أكبر 10 متبرعين للحملتين الرئاسيتين 6 من اليهود.
 
ومخاوف إسرائيل من ترامب وتحركاته غير المفاجئة تم التعبير عنها بشكل مباشر في الإعلام وفي تأخر التهنئة الرسمية من تل أبيب حيث سبقتها دول كثيرة بما فيها أغلب الدول العربية، وهي المخاوف التي ترتبط في الواقع باحتمالية التضحية بإسرائيل في إطار صفقة كبيرة مع روسيا تعبر عن تفاهمات ألمح لها أكثر من مرة، حيث يرغب ترامب في إظهار المدن الأمريكية وبنيتها التحتية في حالة أفضل كهدف قوي، مع تعزيز التبادل التجاري مع آسيا وأمريكا اللاتينية، بدلا من سياسة إسقاط الأنظمة ودعم المتطرفين التي اتبعتها الإدارة الديمقراطية بقيادة أوباما هيلاري علي مدي السنوات الماضية.
 
ورغم أن زوج ابنة ترامب يهودي وأن ترامب صرح علنا بأنه سينقل السفارة الأمريكية إلي القدس، وسيعترف بضم المستوطنات لحدود الـ 48 فإن المحللين يرون أنها مجرد وعود انتخابية، في مقابلها قال ترامب أن علي الدول التي تحصل علي معونات عسكرية بما فيها إسرائيل من الولايات المتحدة أن تقوم بدورها.
 
ترامب صرح بأنه يستطيع حل مشكلة الصراع العربي الإسرائيلي خلال ستة أشهر، ويمكن التعويل في هذا علي تصريحات ودية متبادلة بين الرئيس السيسي والرئيس ترامب خلال زيارة الأول في أغسطس الماضي للولايات المتحدة الأمريكية، حيث أتت تلك الزيارة بعد حديث السيسي في أسيوط في مايو الماضي عن إمكانية رعاية مصر لفرصة تاريخية لإبرام سلام بين إسرائيل والفلسطينيين بوصفه شرطا أساسيا لإقامة سلام دافئ بين القاهرة وتل أبيب. وهو النداء الذي كرره الرئيس ثانية من علي منصة الأمم المتحدة في الزيارة نفسها.. وهي التصريحات التي عبر محلل صحيفة هاآرتس عن قلقه البالغ منها.
 
وفي المقابل تحوط يهود أمريكا من تكرار الخطأ الفادح الذي ارتكبوه من وجهة نظرهم متمثلاً في التصويت لأوباما بكثافة، حيث منحوا هيلاري نسبة أصوات أعلي،لكن بكثافة أقل وهو الأمر الذي قد يسهم في زيادة سخط ترامب علي قادة إسرائيل وتردده في منحهم أولوية في أي تسوية إقليمية أو دولية كبري مع روسيا.
 
ويستطيع المراقب بالطبع أن يربط كذلك بين تجاهل ذكر إسرائيل في خطاب النصر لترامب وبين فتوي لحاخام حسيدي (رافض للصهيونية) أكد فيها أن علي أتباعه وهم طائفة مؤثرة بين اليهود المتدينين التصويت لهيلاري لأن ترامب هو الأفضل لإسرائيل.. وهي الفتوي التي لم تستفد منها هيلاري حتي لدي هذه الشريحة من اليهود المتدينين نظرا لوجود فتاوي أخري تحرم تولي المرأة الرئاسة حتي لا تختلط بالرجال!! ورغم هذا سارعت وزيرة العدل الإسرائيلية إييلت شاكيد في إسرائيل بإرسال تهنئة لترامب مشفوعة بطلب تنفيذ تصريحه بشأن نقل السفارة، حتي قبل أن يؤدي القسم بشكل رسمي يوم 20 يناير بفترة طويلة، وكأنها تنتظر منه أن يكون هذا أول قراراته وأن يعمل علي تحقيقه حتي قبل تولي المنصب رسميا!
وتتزايد وتيرة مخاوف الحكومة الإسرائيلية كذلك نظراً لأن ترامب تعرض لحملة إعلامية شرسة وتشويه ممنهج وتلاعب في كشوف الانتخابات دون أن يثنيه هذا عن سياساته وخطه، مما يعني أن الابتزاز والضغط عن طريق الإعلان لن يجدي معه كما لم يمل كفة هيلاري كلينتون في المنافسة مما يتيح لترامب حرية أوسع في المناورة والضغط علي إسرائيل، ربما من خلال مفاوضات مباشرة وربما من خلال إعادة الروح للرباعية الدولية، وهو أكثر ما تخشاه تل أبيب، نظراً لوجود روسيا في تلك اللجنة، ووجود قوات بحرية وجوية ودفاع جوي روسية علي مقربة من الحدود الإسرائيلية، مما يمثل عنصر ضغط نفسي علي صانع القرار الإسرائيلي.
بقي أن نلاحظ أن إيقاع ترامب السريع والثقة التي نالها بعد فوز مفاجئ ومريح علي منافسته ذات الخبرة الطويلة وشبكة المصالح المعقدة في الداخل والخارج يجب أن يكون مواكباً له مقترحات محددة فلسطينية أو علي الأقل سقف مطالب متفق عليه، يستفاد فيه من الدبلوماسية المصرية وخبرتها في هذا المضمار بجانب حسم ملف المصالحة، وتدشين حملة دولية ضاغطة تقوم علي لغة المصالح من أجل الإفراج عن مروان البرغوثي بطل الانتفاضة وزعيم فتح المحنك.
عن الاهرام