خبر : غزة تتقلب على جمر النار ! ... رجب أبو سرية

الجمعة 24 يوليو 2015 02:37 م / بتوقيت القدس +2GMT
غزة تتقلب على جمر النار ! ... رجب أبو سرية



أصابت التفجيرات التي حدثت قبل أسبوع في قطاع غزة، واستهدفت كوادر قسّامية وأخرى من سريا القدس، كبرياء حكم حماس الذي ما زال قائما، في مقتل، ولعل رد فعل الناطقين باسمها قد عبر عن واقع الحال، حيث أظهرت التفجيرات ليس إمكانية أن يقوم البعض بتحدي حماس ومن ثم جرّها إلى حرب داخلية وحسب، ولكن عجزها عن تحديد الجهة الفاعلة، بل وحتى ترجيح عجزها عن الوصول للفاعلين أنفسهم ورغم ما تتمتع به الحركة من قدرة عسكرية واستخباراتية ظهرت في أكثر من مناسبة سابقة.
هذه المرة، ستظهر حماس كما لو كانت مضطرة لانتظار " الضربة القادمة " ما لم تتحرك بسرعة، وعلى أكثر من صعيد ومستوى، أما الاستمرار في وضع الرأس بالرمال، وكأن شيئا لم يحدث، أو كأن أمرا ما لن يحدث، فلن يجرّ سوى الكارثة على حماس، وربما على قطاع غزة بأسره.
ذلك أن استمرار مراهنة حماس على " تعب " غزة، وعلى أن إبقاءها ضمن مربع القهر والحصار، الجوع والفقر، سيبقي على خضوعها لحكمها إلى ما شاء الله، سرعان ما سيتبين من انه رهان مقامر، صحيح أن هذا الرهان، قد يبقي على حركة فتح وسلطة الرئيس أبو مازن بعيدا عن " الديار " وخارج بوابة العبور، إلا أن فقدان غزة لمناعتها الداخلية سيجعل منها عرضة للوقوع في قبضة من هم أسوأ من حماس !
لعل أوضح رد فعل جاء من أوساط حماس، جاء على لسان إسماعيل الأشقر، رئيس ما يعرف باللجنة الأمنية في المجلس التشريعي، حيث اتهم إسرائيل ومخابرات إقليمية بأنها كانت وراء تلك التفجيرات، هل كان يقصد مصر ؟ وهل هناك غير مصر كمخابرات إقليمية بجوار غزة، أم إيران ردا على زيارة مشعل للسعودية، وهل يعقل أن تستهدف أطراف مرتبطة بطهران عناصر الجهاد الإسلامي، مع انه ليس معروفا عن طهران قيامها بمثل هذه الأمور .
الإشارات التي تم تداولها أشارت إلى السلفية الجهادية، خاصة تلك المتحولة في غزة باتجاه القاعدة ووريثها الحالي داعش، وربما بدرجة أقل جماعة ما سمي " بالصابرين " وهي جماعة متشيعة، بدأت تتنامى في غزة، حيث اضطرت حماس للإعلان عن أنها لا تصرح لهذه الجماعة بالوجود الشرعي أو الرسمي .
بالطبع نفى السلفيون ضلوعهم بالتفجير، لكن من المهم التذكير، أولا بوجود عشرات من عناصر السلفية الجهادية في سجون حماس، كذلك وجود سوابق أظهرت التصادم بين جماعات الإسلام السياسي، فلا توجد جماعة تقر بالحق الشرعي لجماعة أخرى بالحكم، وليس أكثر دلالة على ذلك، من الاقتتال الذي جرى سابقا، بين جماعتي النصرة وداعش في سورية رغم المرجع القاعدي لهما، ثم انه سبق لحماس وان قتلت أبرز قادة السلفية القاعدية في غزة، عبد اللطيف ( أبو النور ) المقدسي في 25 / 8 / 2009، هو وأنصاره في مسجد بغزة، حين أعلن إمارة أكناف بيت المقدس في رفح، وحتى حزب التحرير ما زال يرفع شعار " الخلافة هي الحل " ولا يرى في حكم حماس خلافة إسلامية ! 
السلفيون اتهموا حماس بأنها جعلت من التفجيرات مبررا لشن حملة اعتقالات لعناصرهم، وذلك لتقديم أوراق اعتمادها لمصر، التي تلاحقهم في شمال / شرق سيناء، وحيث أنهم أنكروا ضلوعهم في تلك التفجيرات، إلا أنهم على ما يبدو يفضلون مناكفة حماس، فيما يخص تهدئتها مع إسرائيل، فهم يردون على مضايقة حماس لهم بإطلاق الصواريخ على إسرائيل .
تماما كما سبق وفعلت حماس مع سلطة فتح قبل نحو عشرين عاما، والمهم أن هذا الأمر سيظهر ضعف حماس، حتى وهي تحاول أن تقنع إسرائيل بأهليتها للتفاوض معها، كونها قادرة على جلب الأمن لإسرائيل أكثر من سلطة فتح !
لعل آخر ورقة _ الآن _ تداعب خيال حماس، وتجعلها تفضل أن تنتظر، ولا ترد على بوابة فتح المشرعة باتجاه تشكيل حكومة الوحدة الوطنية ( حكومة الفصائل ) هي ورقة تبادل جثث قتلى الحرب بين حماس وإسرائيل، التي جرت العام الماضي، وحيث كلنا يتذكر كم سنة مرت على أن تمت صفقة تبادل " شاليط " بمعتقلي حماس، الذين أعادت إسرائيل اعتقال معظمهم، سيظهر لنا وكأن حماس تعد مواطني غزة، بالانتظار سنوات إضافية أخرى ( 5 _ 6 ) سنوات، حتى يمكن أن تنفرج " كوة " الحصار قليلا، فيما تبقى غزة، في المقلاة، كما قال يوما الراحل غسان كنفاني، تتقلب على جمر النار، كما شدت يوما الراحلة أم كلثوم ! 
أما إسرائيل فستظل تغري حماس بالجزرة عن بعد، إلى أن يضعف نظام حكمها تماما، ولا بأس لو تم جر غزة إلى ما يحدث في ليبيا، سورية، واليمن، ما دام التآكل الداخلي يخرب بيت المجتمع العربي ولا احد من جماعات التطرف ولا من أنظمة حكم الاستبداد، يطلق رصاصة على إسرائيل، فإن مراهنة حماس ستكون خاسرة، ليس لأن إسرائيل لا تحلم بدولة غزة، بل لأن إسرائيل لن تضمن حينها قدرة حماس على فرض مثل هكذا مشروع، أما شعور حماس بان جبهة اللفظ الخارجي قد تفكفكت، خاصة بعد استقبال العاهل السعودي سلمان لخالد مشعل، فان ذلك لا يعني تدعيم حكم حماس المستقل بغزة، بل يعني دفع حماس " للاعتدال " والعودة إلى مربع السياسة وترك المقاومة، فقد كانت السعودية الداعم الرئيسي لجماعة اخوان فلسطين وغزة، أيام الجمعيات الخيرية، وحين تحولت الجامعة لحركة مقاومة "حماس" رفعت يدها عنها، فلم تجد سوى إيران وسورية، لذا فان طريق الرياض ستذهب بحماس لرام الله والقاهرة، وما دام الأمر كذلك لم تعمل حماس وفق مقولة " وين ذانك " وما دام " اللي عليك عليك " لم لا تختصر الطريق وتذهب لرام الله بنفسها، وتريح نفسها وشعب غزة من التعب والوجع، الذي ما عرف القطاع غيره مع حكم حماس طوال ثماني سنوات خلت ؟ ! 
Rajab22@hotmail.com