خبر : "رئيس ابن ناس " ...هيئة تحرير وكالة "سما"

الثلاثاء 18 فبراير 2014 08:28 ص / بتوقيت القدس +2GMT



اثار الحديث الذي ادلى به الرئيس الفلسطيني محمود عباس لمجموعة من الشبان الاسرائيليين الاحد الماضي في مقر المقاطعة في رام الله لغطا وغضبا كبيرا لدى المعارضة الفلسطينية بكافة اطيافها الوطنية والاسلامية وبالقدر نفسه لدى قطاعات يمينية اسرائيلية واسعة بينها رئيس الوزراء نتنياهو وحكومته’ اللهم الا من مغرد وحيد رحب بتلك التصريحات وهو الرئيس الاسرائيلي بيرس والذي يمارس قناعاته التاريخية بان الرئيس عباس فرصة تاريخية لن تعوض لايمانه العميق بالسلام وحل الدولتين.

الفصائل الفلسطينية المعارضة وصفت تصريحات الرئيس الفلسطيني حول قضية اللاجئين بالصادمة مشيرة الى انها تشتم منها رائحة تنازل كبير وغير مسبوق عن لب القضايا وجوهرها فيما كانت حدة التصريحات اخف فيما يتعلق بالحدود والامن والقدس وساد ارتباك حول ما قاله فيما يخص يهودية اسرائيل نظرا لانعدام المصادر الناقلة للتصريحات واعتمادها بشكل كبير على ما تناقلته وسائل الاعلام الاسرائيلية تحديدا.

ومن الواضح  ان الموقف الفلسطيني المعارض يعتمد على تفوهات وتصريحات الرئيس عباس في تحديد مواقفها منه ومن رؤيته لحل الصراع ونلحظ هنا موقف تلك الفصائل المرحبة بتصريحات سابقة ادلى بها الرئيس عباس قبل 3 اسابيع واكد فيها ان حق العودة حق مقدس وانه "لا هو ولا السلطة ولا اي انسان يملك اجبار فلسطيني على التازل عن هذا الحق".

ومن نافلة القول ان تلك الفصائل والحركات سترحب غدا باية تصريحات جديدة للرئيس الفلسطيني يؤكد فيها على "حق العودة والقدس عاصمة فلسطين الابدية" مما يثير تساؤلا جديا عن كيفية صناعة القرار والرؤيا لدى تلك الفصائل وانتظارها لحديث هنا او هناك لتحديد موقف صارم ما يلبث ان يتغير خلال سويعات والذي يجزم بان رؤيتها للرجل ومواقفه الانية والتاريخية لا تنم عن دراسة ورؤية تحليلة مع عدم الانكار بحقها في التصدي لكل ما يسئ لقضاياها الجوهرية ولمجرد شكها في وجود تنازل معين قد يكلف القضية اثمانا باهظة لا رجعة فيها ولا قبل لاحد فيها.

لعل غياب المعلومات يشفع قليلا للمعارضة الفلسطينية فيما تصرح به ولكن الاخطر هو بلا شك غياب مراكز الابحاث ووحدات التحليل السياسي و"المطبخ" عن تشكيل رؤيا حقيقية لما يحدث معتمدا على التحولات السياسية والاجتماعية والتاريخية فلسطينيا واسرائيليا واقليميا ودوليا وما يمكن ان ينتج عنها ومدى انسجامها مع تفوهات هنا او هناك .

وفي المقابل يلاحظ بان الموقف الاسرائيلي الرسمي من تصريحات الرئيس عباس ينسجم مع الرؤيا السياسية والتاريخية للرجل والتي لم تؤثرفيها تلك التصريحات اللينة والتي داعبت مشاعر البعض في الدولة العبرية ليخرج مسؤول رسمي من مكتب نتنياهو ليصرح لصحيفة

الديلي تيلجراف البريطانية الاثنين 17 فبراير "لقد قالوا خلال الأيام القليلة الماضية إنهم لن يتنازلوا أبدا عن حق العودة لذلك يبدو أن ما نسمعه من المسؤولين الفلسطينيين عبارة عن أحاديث متضاربة".

وتنقل الصحيفة عن نفس المسؤول قوله "ماذا تقول خلال أحاديثك لقومك باللغة العربية؟ المشكلة أننا نسمع كلاما مختلفا كل يوم..إنه بالضبط كما لو كنت تعول على أنك تكلم جمهورا مختلفا...وكل شخص على علاقة بمحادثات السلام وتطورها يمكنه أن يؤكد أن اللاجئين الفلسطينيين من حقهم العودة ولكن لأراضي السلطة الفلسطينية لا إلى إسرائيل"حسب المسؤول الاسرائيلي.

وتبرز اذاعة جيش الاحتلال تصريحات لمسؤول اسرائيلي يقول فيها بان موقف عباس من يهودية الدولة اخطر من موقف عرفات وتؤكد بانه ترك محادثات كامب ديفيد لعدم رغبته في المشاركة في اتفاق سلام لا يريده.

الكاتب الاسرائيلي الشهير جدعون ليفي يؤكد في مقال نشره في الثالث عشر من فبراير في صحيفة هارتس بان واشنطن تحاول فرض اتفاق مذل على الرئيس الفلسطيني وان لا احد يستطيع ان يقبل بهذا الاتفاق الكارثة فيما يؤكد زميله الكاتب الضليع في الشئون الفلسطينية لعدة عقود "عكيفا الدار" في عدد هارتس ايضا بان عباس لن يوقع هذا الاتفاق وانه لن يتحمل مسؤولية تاريخية عن ضياع قضية بلده.

 ويقول احد صناع اوسلو "رون فونداك| انه يعرف ابو مازن منذ عشرين عاما ويؤمن باخلاصه لتحقيق السلام ولكن ليس باي ثمن ويضيف "أراد أبو مازن ويريد التوقيع على اتفاق مع اسرائيل وهو لم يكن قط يشتهي الحكم، وهو يبغض كل شيء يقترن بذلك. ويؤكد "السبب الرئيس الذي يجعله موجودا في منصبه ارادته أن ينهي الاحتلال  وانشاء دولة فلسطينية في حدود 1967 وسلام مع اسرائيل يراه لبنة استراتيجية في المستقبل الفلسطيني" مضيفا "لكننا سنبقى نتهمه بمختلف التهم التي ليس لها اساس في الواقع الى أن يأتي رئيس وزراء اسرائيلي شجاع مثل اولمرت ويعرض عليه صفقة عادلة غير مُذلة لا من موقع قوة واستكبار كما يجري في هذه الايام".

ولكن الاخطر من ذلك ما خلصت اليه دراسة معهد بحوث الأمن القومي الاسرائيلي في تناولها لتحديات العام 2014 التي تواجه إسرائيل حيث صدرت دراسة تحمل العنوان "اسرائيل والمسيرة السلمية – الخطة أ، والخطة ب، وما بينهن" دراسة مشتركة لأودي ديكل وعنات كورتس وجلعاد شير، وثلاثتهم باحثين كبار في معهد بحوث الامن القومي حيث تقوم خطتهم البديلة بشكل أو بآخر على انفصال تدريجي منسق مع أمريكا ومع السلطة الفلسطينية ومع كل من يقبل بها كمبادرة  بديلة لفشل المفاوضات الحالية التي يتوقعها الجميع".

 

ما يهمنا في هذا الاطار التاكيد على ان دينامكية الحدث التفاوض الحالي مهما بلغت ذروتها وما يصاحبها من تصريحات وتفوهات تدخل في نطاق رمي الكرة في ملعب الاخر ضمن سياق تفاوض احترافي من الجانبين لادراك الجميع بان التعقيدات التاريخية والسيكولوجية والجيوسياسية للصراع والخطوط الحمراء للرئيس الخالد عرفات اعقد بكثير من محاولات كيري ورغبته الاكيدة في ايجاد حل عبر اتفاق اطار قد يخرج منه في احسن الاحوال بسنة تفاوضية جديدة لا اكثر ولا اقل.

 

ويستحضرنا في تلك اللحظات كلمات لوزير الداخلية الفلسطيني السابق الفريق نصر يوسف في لقاء جمعه من كبار الصحفيين في غزة في 2005 عندما قال حرفيا"عباس لاجئ فلسطيني لم يات للثورة من اجل الارتزاق فقد كان افضلنا من الناحية المادية وهو مثقف كبير وقارئ ممتاز وغير مسموح ابدا التشكيك في وطنيته او حبه لفلسطين". واضاف يوسف "باختصار شديد هذا الرجل ابن ناس".