تقرير داخلي وسري لوزارة الخارجية، وفيه توصيات للسياسة الاسرائيلية بشأن تشكيل حكومة فتح – حماس، يقضي بان الخطوة الفلسطينية هي بالذات فرصة استراتيجية ايجابية كفيل بان تخدم اسرائيل. وتكشف التوصيات عن اراء معارضة للخط الذي يقوده رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في الايام الاخيرة بالنسبة للاتفاق، الذي ستوقع عليه اليوم الفصائل الفلسطينية في القاهرة. "الخطوة الفلسطينية ليست فقط خطرا أمنيا، بل فرصة استراتيجية لخلق تغيير أصيل في الساحة الفلسطينية"، كُتب في التقرير. "هذا التغيير كفيل بان يخدم المصالح الاسرائيلية على المدى البعيد".الوثيقة التي وزعت في بداية الاسبوع على وزير الخارجية افيغدور ليبرمان، مدير عام وزارته رفائيل باراك وسلسلة من كبار المسؤولين، صاغتها دائرة التخطيط السياسي في وزارة الخارجية. وهذه هيئة تتشكل من دبلوماسيين مهنيين مسؤولة عن بلورة التوصيات لسياسة اسرائيل في مسائل مختلفة تتعلق بعلاقاتها الخارجية. في أعقاب استنتاجات لجنة فينوغراد لفحص اخفاقات حرب لبنان الثانية، تم توسيع الدائرة وأصبحت أكثر مركزية بكثير. بدلا من الرفض المطلق لتشكيل حكومة الوحدة، يوصي واضعو التقرير ان تتخذ "نهجا بناءا يؤكد المعضلة لدى الفلسطينيين" بالنسبة لبرنامج الحكومة وعدم استعداد حماس للاعتراف باسرائيل. ويعتقد واضعو التقرير بان نهجا أكثر ايجابية من جانب اسرائيل تجاه الخطوة الفلسطينية سيساعد في العلاقات مع الولايات المتحدة. ويقضي التقرير بان "على اسرائيل أن تعمل كلاعب جماعي وتنسق مع الادارة الامريكية الرد على حكومة الوحدة الفلسطينية. هذا الامر سيعظم الولايات المتحدة ويخدم المصلحة الاسرائيلية". منذ يوم الاربعاء الماضي، عندما أعلنت فتح وحماس عن مسودة الاتفاق، هاجم نتنياهو الخطوة بشدة عدة مرات. ومع أن اسرائيل فوجئت من البيان، حرص نتنياهو على أن ينشر في غضون ساعتين ردا رفض فيه الاتفاق رفضا باتا. بعد يومين من ذلك اعلن وزير المالية يوفال شتاينتس بانه سيؤخر تحويل 300 مليون شيكل من اموال الضرائب التي تجبيها اسرائيل لقاء السلطة الفلسطينية. ولكن حيال الرد السلبي لنتنياهو على الاتفاق بين فتح وحماس، يوصي تقرير وزارة الخارجية بالذات بسبيل عمل معاكس. "في المرحلة الحالية قبل اقرار الاتفاق، على اسرائيل أن تتخذ جانب الحذر في سياستها وتصريحاتها"، كما كتب في التقرير في ظل انتقاد مبطن للرد الاولي لنتنياهو على الخطوة الفلسطينية. كما كتب بان الرد الاسرائيلي على تشكيل حكومة وحدة يجب أن يكون مدروسا ويأخذ بالحسبان الحاجة الى التصدي للنية الفلسطينية لطلب اعتراف دولي بدولة فلسطينية في الجمعية العمومية للامم المتحدة في ايلول. ويشدد التقرير على أنه "يجب الامتناع عن تصريحات أو خطوات تقيد اسرائيل حيال الفلسطينيين وفي الساحة الدولية، ولا سيما في ضوء التحديات الاستراتيجية التي من المتوقع أن تحدث في سياق السنة". وأمس ايضا هاجم نتنياهو الاتفاق بين فتح وحماس ودعا رئيس السلطة محمود عباس (ابو مازن) الى الغائه فورا. "الاتفاق بين ابو مازن وحماس يمس مسا شديدا بالصيغة السلمية"، قال نتنياهو في لقاء مع مبعوث الرباعية طوني بلير. "كيف يمكن تحقيق السلام مع حكومة نصفها يدعو الى ابادة اسرائيل بل ويمتدح كبير المجرمين اسامة بن لادن".ويتضمن التقرير سلسلة اخرى من التوصيات وعلى رأسها استمرار التنسيق الامني مع السلطة الفلسطينية "الذي يشكل مصلحة اسرائيلية وأدى الى انخفاض دراماتيكي في الارهاب". كما يوصي واضعو التقرير بان تطلب اسرائيل من الاسرة الدولية ان تطرح معايير تفصيلية على الحكومة الفلسطينية الجديدة. توصية اخرى هي ارسال وفد لاجراء محادثات في القاهرة لتعميق التنسيق مع الحكم المؤقت في مصر. مستشار رئيس الوزراء المحامي اسحق مولكو، سيصل يوم الاحد الى القاهرة وسيلتقي وزير الخارجية نبيل العربي ومسؤولين مصريين كبار آخرين. هذا ويلتقي رئيس الوزراء نتنياهو في لندن برئيس الوزراء دافيد كمرون وغدا في باريس بالرئيس نيكولا ساركوزي. في اللقائين سيطلب نتنياهو من الزعيمين الاعتراض على تشكيل حكومة الوحدة الفلسطينية والمساعدة في منع الخطوة الفلسطينية في الامم المتحدة في شهر ايلول. بريطانيا وفرنسا على حد سواء أعربتا في الايام الاخيرة عن تأييدهما للمصالحة الفلسطينية وهما تميلان الى التأييد أيضا لمنح اعتراف دولي بدولة فلسطينية في ايلول. وقال ساركوزي أمس ان فرنسا كفيلة بان تعترف هذا العام بدولة فلسطينية مستقلة اذا لم تستأنف المفاوضات. وقال ساركوزي في مقابلة مع صحيفة "لاكسبرس" الفرنسية ان "فكرة انه يوجد وقت كثير هي فكرة خطيرة. يجب حمل السياقات الى منتهاها قبل انعقاد الامم المتحدة في ايلول".وقال ساركوزي ان دول الاتحاد الاوروبي تخطط في الاشهر القريبة القادمة "لاستئناف مسيرة السلام الى جانب الامريكيين، وذلك لان اوروبا لا يمكنها أن تكون الجهة الاساسية التي تتبرع لفلسطين ولكن تبقى لاعبا سياسيا صغيرا في المسألة". نائب الناطق بلسان الخارجية الامريكية، مارك تونر، قال أمس ان حماس يمكنها أن تلعب دورا في الحكومة الفلسطينية اذا ما هجرت العنف واعترف بحق اسرائيل في الوجود.