الرعد بدأ مع الفجر. رعد منخفض، يبشر بالشر. سكان درعا الذين استيقظوا على فزع من نومهم سارعوا الى الشرفات وأمام ناظرين بدت دبابات الجيش السوري تدب في الشوارع والقناصة يسيرون الى جانبها واحتلوا المواقع، وعندها بدأ اللظى. على مدى خمسة أسابيع حاول بشار الاسد وضع حد للمظاهرات ضده. الاصلاحات التي عرضها لم تصالح أبناء شعبه، النار والاعتقالات لم تردعهم عن الخروج الى الشوارع. وأمس قرر الرئيس السوري أن يضرب بشدة – وبدأ بدرعا، التي كانت المدينة الاولى التي ثارت عليه. لواء مدرعات من الجيش السوري، يرافقه 3 الاف جندي اجتاح درعا في الخامسة فجرا من أربعة محاور. واقتحم المقاتلون مسجد العمري وسط المدينة وأخرجوا منه المصلين. وأفاد شهود عيان بسحب من الدخان تصدر عن المنازل. الجنود، يرافقهم زعران ميليشية "الشبيحة" بدأوا بالمطاردة: انتقلوا من زقاق وزقاق واعتقلوا كل شاب كان في الشارع."يعذبون المعتقلين"قبل الحملة طرد النظام المراسلين الاجانب من سوريا وقُطعت كل شبكات الاتصال الهاتفي، الارضي والخلوي، في منطقة درعا – بهدف منع السكان من نقل الاحداث الى العالم. ولكن في غضون عدة ساعات بدأت الشهادات الفظيعة تتسرب الى الخارج. وأفادت بهستيريا سهير الاتاسي، نشيطة حقوق الانسان التي افرج عنها من السجن الشهر الماضي فقالت: "هم، المخابرات، يقتلعون للشباب اظافرهم ويطالبونهم بتسليم رفاقهم ومنظمي المظاهرات". وأفاد مواطن آخر في المدينة يقول: "القناصة انتشروا على أسطح المباني الحكومية. وهم يطلقون النار دون تمييز داخل المنازل". شاهدة عيان اخرى افادت بنار الرشاشات والمدفعية الثقيلة. أما المواطن عبدالله ابو زيد فاستنجد قائلا: "تجري هنا مذبحة جماعية بأمر من بشار الاسد. نحن نحتاج الى مساعدة دولية". السكان المفزوعون اغلقوا على أنفسهم منازلهم. ومنع الجنود سيارات الاسعاف اخلاء الجثث من الشوارع، ولكن السكان أخلوا بعضا من الجرحى لتقديم العلاج لهم في المساجد واستدعوا اطباء لمساعدتهم. "اذا لم تأتوا بسرعة، سيصبح الجرحى شهداء"، هتفت مكبرات الصوت في المساجد. بالتوازي مع الحصار على درعا يحاول النظام تجويع سكانها: فقد أغلقت سوريا معبر الحدود الرمثا بينها وبين الاردن، وحظرت على التجار الاردنيين ادخال المؤن والبضائع عبره الى درعا المجاورة. وحسب تقارير لم تتأكد، فقد قتل الجيش ما لا يقل عن 25 مواطنا. ليس معروفا عدد المعتقلين والجرحى المختطفين. منذ بدأت موجة الاحتجاج في سوريا في منتصف شهر اذار قتل اكثر من 350 شخصا، ثلثهم منذ يوم الجمعة الماضي. "الضباط رفضوا اطلاق النار""لدينا تعليمات باطلاق النار على كل متظاهر"، روى ضابط سورية لصحيفة "لوس انجلوس تايمز". "نحن نخاف اطلاق النار لان هذا سيؤدي الى مزيد من القتل. ولكن اذا خرقنا الاوامر فسيتقلوننا". وادعت محافل معارضة سورية بان خمسة ضباط على الاقل – بينهم قائد الجيش الثالث في الجيش السوري كمال عياش – اعتقلوا لرفضهم اطلاق النار على المتظاهرين.