من هو المسؤول الاساس عن أن دولة اسرائيل فوجئت من الهجوم المصري والسوري في يوم الغفران 1973؟ كما هو معروف، شعبة الاستخبارات في الجيش الاسرائيلي، وفوق الجميع رئيس الشعبة، اللواء ايلي زعيرا. هذا هو الاجماع الذي تجذر. كان مريحا للمستوى القيادة ان يحيل دوره هو في الاهمال الى زعيرا وشعبة الاستخبارات. رئيس أركان الحرب دافيد (ددو) اليعيزر وجه سهم المسؤولية ايضا الى الاعلى، الى وزير الدفاع موشيه ديان، اما ديان فدحرج كل شيء تقريبا الى الاسفل، حتى زعيرا. ديان صد فقط بعضا من فائض الانتقاد نحو رئيسة الوزراء غولدا مائير. عمليا، ليس قصورا في الاخطار هو الذي يدفع رئيس الوزراء، وزير الدفاع او رئيس الاركان الى جعل رئيس شعبة الاستخبارات درعا بشريا لهم. تؤدي الى ذلك نتيجة الاعمال العسكرية والسياسية التي اتخذت قبل الازمة وفي اثنائها، دون صلة بجودة الاخطار. النتيجة الناجحة تنسي الخلل في الاخطار. وفقط عندما تكون النتيجة سيئة، يبحثون عن رأس المخطر. الانتصار في حرب الايام الستة تحقق رغم التقدير المغلوط لشعبة الاستخبارات العسكرية. فقد اوضح ديان في حينه بان للاستخبارات مسؤولية محدودة، في رفع تقدير يعتمد على أفضل الحقائق في حوزته، اما القيادة السياسية، بما فيها ديان فعليها أن تزن تقدير شعبة الاستخبارات، وان تضيف اليه تفسيرها وتترجمه الى خطوات على الارض. لسوء حظ زعيرا، لجنة اغرانات لم تكن واعية لتبادل الحديث بين ديان وسلفه، اللواء اهرون يريف، الذي يعرض دوما كأكثر حذرا من زعيرا. في نقاش هيئة الاركان الذي حل فيه ديان ضيفا في آب 1967، بعد نحو شهرين من الحرب، تحدث يريف عن "الدرب الضيق" الذي يسير فيه رجل الاستخبارات، بين التقدير الزائد للعدو وبين التقدير الناقص له. "صحيح ما قاله هرلا، عن فلسفة الدرب الضيق الذي ينبغي الحذر من الوقوع في عدم الاكتراث او الفزع"، عقب ديان. "على شعبة الاستخبارات ان تقول كيف ترى الامور، ماذا سيحصل. ولا ينبغي لها ان تجري فلسفة، وذلك لان هذا يمكن ان يؤدي الى الوقوع في عدم الاكتراث. انا احرص كل الايام على ذلك. اذا أخذت مني مصدر رزقي، فماذا سأفعل؟" فأجاب يريف: "عند اعطاء امكانية العمل للعدو والاحتمالية، اذا أخذ رجل الاستخبارات الامكانية الاسوأ فانه مضمون. اذا حصل – حسنا. اذا لم يحصل، فلم يحصل. من ناحية الاستخبارات، يجب اجراء تحليل منطقي استنادا الى المعلومات مضاف اليه الاحساس". وعلى ذلك رد ديان، "اذا كان الخطر هو ان يتبين بعد ذلك بان الامر دفع دولة اسرائيل الى عدم الاكتراث، فينبغي لدولة اسرائيل أن تقول، صحيح أن شعبة الاستخبارات تقول هكذا وهكذا ولكني اريد أن آخذ ضمانات". بتعابير خريف 1973، الضمانات التي لم تأخذها غولدا وديان كانت مبادرة سياسية للسلام مع مصر، واستعداد عسكري لحالة أن تظهر تقديرات شعبة الاستخبارات مغلوطة، في أن مصر لن تخرج الى الحرب وان الاستعدادات لاجتياز القناة هي مناورة. بتعبير خريف 2011، الذي من شأنه أن يوقع على اسرائيل الازمة السياسية – العسكرية الاخطر منذ حرب يوم الغفران، ينبغي القول منذ الان ان الذنب لن يكون على شعبة الاستخبارات وتقديراتها، بل على حكومة اسرائيل، رئيسها والمسؤول فيها عن حقيبة الدفاع. في الاسبوع الماضي، في محاضرة في معهد "ممري" في القدس، حذر رئيس شعبة الاستخبارات السابق عاموس يدلين من الوهم في أن يستمر الهدوء السائد الان على الحدود وفي أن الزمن يعمل في صالح اسرائيل. ومع أنه كضابط في الخدمة الدائمة سيعتزل في ايلول فقط حرص يدلين على عدم الانزلاق الى تصريحات سياسية – لا ينبغي الوقوع في الخطأ في معنى اقواله. كما يمكن التخمين بان رئيس الاستخبارات الحالي، آفيف كوخافي لا يفكر بشكل مختلف؛ هذا ليس الممر بين يريف وزعيرا. الاخطار الاستراتيجي صدر. أقل أهمية المسألة التكتيكية، الموعد والاساليب لاندلاع المعركة الاسلامية التي تتداخل فيها الكلمات والصواريخ الى حد تعرف يدلين، مع موقف عالمي عاطف حتى غير مبالٍ. بين عدم الاكتراث والفزع توجد المبادرة. لا يكفي خطاب مفوه آخر لبنيامين نتنياهو وتحذير ذاتي فارغ آخر من ايهود باراك، الذي مثل ديان عند غولدا امتنع عن الاسقالة. هما ايضا يفهمان ذلك: غير أنه خشية ان تؤدي مبادرة سياسية بعيدة الاثر الى انهيار الحكومة، فان من شأنهما ان يغريا الى مبادرة عسكرية مغامرة. الحكومة أم الدولة؟ الخيار في أيديهما.