تصارعُ نفسها في ارتداء أي شئ، واضعة القليل من أحمر الشفاه، منصبّة النظَر على السّاعة خوفَ أن يفُوتها الموعدُ المنتظر، “الجوال، علم فلسطين، المحفظة المهترئة” تطمئنُ نفسها إذ كلّ شئ في الحقيبة، تحملُ نفسَها وكثيراً من الأمال المعلّقة على هذا المشهد الوطني، تذهبُ لميدان المدينة رافعة الرأسَ والعلم هاتفة باسم الله والوطن، حاملةً غُصنَ زيتونٍ وبُندقيّة، مُستشهدةً بالقُرآن والقلمِ … تُغادر والجندي المجهُول ولا يبقى من المكانِ سوى ساحة مليئة بمكبّرات الصوتّ وأناس نذروا نفسهُم للموتِ جيفةً، “لا بأسَ بالمكانِ طالما علمُ فلسطين هُو سيّده “ هكذا تُواسي نفسها بأوّل خيبة صغيرة صادفت ذلك اليوم المنشُود.. - أغنيات وطنيّة وبعض الصور التذكاريّة وكثير من الهتافات الوطنيّة – ، كل هذا كان برداً وسلاماً في حرّ ذلكَ اليوم الذي أحرقَ وجهها وأفقدها صوتها، كانَت تظنّ ولأسف ما كانت تظنّ بأنّ هذا اليوم سيشكّل حلقة الوصل بينَ شقيّ الوطن المنقسمين، وسيشكّل صحوةً فعليّة للأعلام الحزبيّة التي أطاحت بعلم فلسطين .. ظنّها وآمالها تبددّت وغُصنُ الزيتون وقعَ من يدها ولم تقع البُندقيّة ! تأتيه، تلعن وتسب وتتذمّر وتستشيطُ غضباً وتنهالُ بالأدعية التي لها أول وليسَ لها آخر، تضحكُ من نفسهاَ تارةً وتكادُ تبكي على نفسها تارةً أخرى لأنّ أحدَ المتملّقين حاول الاعتداء عليها بالضّرب لكنّ نخوة أحدهم منعتهُ من ذلكَ، تواصلَ السّب والشتائم وتسردُ الأحداث والوقائع بدمٍ يغلي، تسكتُ على صوته طالباً من النادل كأس زهُورات بالعسَل، تنظرُ اليه، هُو هادئٌ كعادته يرتقبُ من فمها كلّ حرف وصوت، يراقبُ بهدوء تحرّكات يدها المنفعلة، يبتسمان، تنعجنُ الأيدي، ويتعرّق الكون ..! بالمُناسبة: أنا ضد المُصالحة، والصّورة أعلاه كذبة !