فيينا نقل رئيس نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس، إلى مؤتمر الأمم المتحدة المنعقد في فيينا لمناقشة قضية الأسرى الفلسطينيين والعرب في سجون الاحتلال الإسرائيلي، ظروف الأسرى ومعاناتهم. وقال في كلمة ألقاها أمام المؤتمر: ’جئتكم من فلسطين التي تخضع للاحتلال المجرم منذ 44 عاما ارتكب خلالها الاحتلال الإسرائيلي أفظع الجرائم ضد الإنسانية، وانتهك كل نص جاءت عليه المواثيق والاتفاقيات الدولية، فقد قتل الاحتلال عشرات الآلاف من أبناء شعبنا المناضل معظمهم من المدنيين العزل، كما سجل ما يزيد عن ثمانمائة ألف حالة اعتقال، إضافة لعشرات الآلاف من الجرحى الذين أصبح ما يزيد عن 30% منهم يعانون من إعاقة دائمة، كما دمر الاحتلال آلاف المنازل واقتلع ملايين الأشجار. كل ذلك جرى على مسمع العالم’. وأضاف فارس في كلمته: دعوني أستحضر صورة نعيشها الآن، وهي الجرائم الوحشية التي يقترفها معمر القذافي ضد الشعب الليبي، وإننا إذ ندين تلك الجرائم نقول إن الاحتلال فعل أضعاف ما يقوم به القذافي، والفرق أن المجتمع الدولي يستنفر ويتخذ إجراءات عملية في حالة القذافي، بينما في حالة الاحتلال الإسرائيلي، فإن المجتمع الدولي يمارس صمتا معيبا ومخجلا’. وأتساءل وأظن أن بعضكم يتساءل معي: ’ما الفرق بين القذافي الذي ينشر فرق الموت في شوارع طرابلس، وبين الذي أطلق القنابل الفسفورية على الأبرياء في قطاع غزة؟، وما الفرق بينه وبين بعض حاخامات إسرائيل الذين يصدرون الفتاوى التي تشرع قتل الأطفال الفلسطينيين الرضع لأنهم سيكبرون وسيصبحون أعداء .. ثم يرفض هؤلاء الحاخامات المثول للتحقيق بأمر من النائب العام الإسرائيلي، ثم تتسامح الدولة معهم ويلغى الملف التحقيقي؟’. هذه لمحة بسيطة عن الجريمة المستمرة على مدار الساعة من قبل الاحتلال الإسرائيلي البشع.وبين فارس أن عدد الأسرى في سجون الاحتلال يبلغ الآن ستة آلاف، فيما بلغ عدد المعتقلين من أبناء الشعب الفلسطيني منذ عام 1967 وحتى الآن ما يزيد عن ثمانمائة ألف معتقل، لافتا إلى أن أكبر الأسرى سنا يبلغ من العمر 84 عاما (سامي يونس) وقد أمضى حتى الآن 29 سنة في سجون الاحتلال، وأصغر الأسرى سنا يبلغ من العمر 11 سنة واسمه كريم التميمي، وأقدم الأسرى أمضوا ما يزيد عن ثلاثة وثلاثين عاما وهم نائل البرغوثي وفخري البرغوثي، وأكرم منصور، وفؤاد الرازم، وأكثر من مائة وثلاثين أسيرا أمضوا ما يزيد عن عشرين عاما في سجون الاحتلال. وفي السياق ذاته، أوضح فارس أن سلطات الاحتلال تعتقل الآن 37 امرأة، منهم 3 معتقلات إداريات، ونحو 350 طفلا تقل أعمارهم عن الثامنة عشرة، وما يزيد عن 250 معتقلا إداريا دون تهم ودون محاكمة، مبينا أن أكثر من ألف أسير من بين الستة آلاف يعانون من أمراض مزمنة وإعاقات ويحتاجون لعناية طبية مستمرة، فهم مصابون بأمراض القلب والضغط والسرطان والفشل الكلوي والإعاقة الحركية، ويتعرض جميعهم لإهمال طبي متعمد.وأشار فارس إلى أنه منذ عام 1967 استشهد حتى الآن 201 أسير، إما نتيجة للتعذيب أو إطلاق النار أو الضرب أو استنشاق الغاز أو الإهمال الطبي المتعمد. وقد اعترفت إسرائيل أنها استخدمت أدوية على الأسرى لم تكن قد اعتمدت ضمن سلة الدواء الآدمية، مبينا أن الأسرى يتوزعون على 27 سجنا ومركز اعتقال ومعسكرا للجيش الإسرائيلي، جميعها لا تنسجم والمعايير الدولية لا من حيث المساحة المخصصة لكل أسير ، ولا من حيث الإنارة أو التهوية أو المرافق الصحية، حيث إن معظم هذه السجون بنيت زمن الانتداب البريطاني، وبعضها أغلقتها إسرائيل تنفيذا لتوصيات صدرت عن لجان مختصة ثم عادت وافتتحتها مجددا لحاجتها لأماكن اعتقال إضافية، كما أن سلطات الاحتلال تمارس التعذيب بشكل مستمر ومتواصل وشامل ، وحسب الشهادات الموثقة لدينا فإن ما يزيد عن 90% من الأسرى يتعرضون للتعذيب بنسب متفاوتة، وهي الدولة الوحيدة في العالم التي شرعت التعذيب.من ناحية أخرى، أكد فارس أنه منذ أربع سنوات تمنع إسرائيل عائلات الأسرى من قطاع غزة البالغ عددهم سبعمائة أسير، من زيارة أبنائهم بشكل كلي، بينما تمنع الآلاف من أقارب الدرجة الأولى لبقية الأسرى من الضفة الغربية أو الذين تسكن عائلاتهم خارج فلسطين من زيارة أبنائهم بحجة أنهم يشكلون خطرا على دولة الاحتلال. فمن ناحية، انتهكت إسرائيل القانون الدولي حين نقلت الأسرى إلى سجون داخل إسرائيل وبنت على هذا الانتهاك ظلما آخر يتمثل بمنع الآلاف من العائلات من زيارة أبنائهم.وقال فارس: ’ما زالت سلطات الاحتلال تحتجز ما يزيد عن ثلاثمائة وخمسين من جثامين الشهداء الذين وقعوا في الأسر، وما زالت ترفض تسليمهم لعائلاتهم لدفنهم وفقا لعقيدتهم وتقاليدهم، وتمارس سلطات الاحتلال بحق الأسرى سياسة العقوبات الجماعية مثل رش الأقسام والزنازين بالغاز الخانق والذي يمنع من استعماله في الأماكن المغلقة، واقتحام الأقسام بفرق خاصة مستخدمة الهراوات والعصي والكلاب البوليسية، وفرض الغرامات الجائرة والمنع من التعليم.. فمنذ ثلاث سنوات يمنع الأسرى من التقدم لامتحان الثانوية العامة، علما أنهم سمحوا بذلك لمدة أربعين عاما.وأضاف رئيس نادي الأسير: في حادثة مثيرة، اعترف أحد الأسرى الذين جندته إسرائيل لصالح أجهزتها الأمنية بأنه كلف من قبل ضابط إسرائيلي بوضع قرص دواء في كأس الشاي الخاص بالأسير هيثم صالحية في سجن إيشل في بئر السبع بغرض قتله- واسم الأسير المتعاون مع الاحتلال موجود لدينا، وقد أدلى باعترافه هذا أمام المحامين الذين زاروه، ولدينا شهادات مشفوعة بالقسم من الجاني ومن المستهدف، موضحا أنه خلال الأشهر الستة الماضية أقدمت محاكم الاحتلال العسكرية على سياسة جديدة تمثلت بإبعاد الأطفال عن بيوتهم، فقد وافقت على إطلاق سراح الطفل كرم دعنا البالغ من العمر 15 عاما ، شريطة ألا يعود لبيت أسرته وإنما إلى بيت آخر بانتظار محاكمته، كما ساومت الطفل سلام دار أيوب البالغ من العمر 14 عاما ووالده على إبعاده من قرية النبي صالح ليسكن في شقة بمدينة رام الله، ’لقد أصبحت دولة الاحتلال الإسرائيلي بممارساتها الإجرامية تشكل خطرا على منظومة القيم الإنسانية التي توافق عليها المجتمع الدولي وصاغها على شكل اتفاقيات ومعاهدات’. وفي نهاية الكلمة، دعا فارس إلى عرض ونقاش قضية الأسرى والظلم الذي يتعرضون له في جلسة خاصة للجمعية العمومية للأمم المتحدة، وتشكيل لجنة تقصي حقائق دولية تزور سجون الاحتلال وتطلع عن كثب على حقيقة الجريمة المقترفة بحق الأسرى والأسيرات، وتشكيل لجنة طبية للاطلاع على ملفات الأسرى والأسيرات ومعاينتهم والكشف عنهم، وإلزام إسرائيل بتقديم العلاج الطبي اللازم لهم، والضغط بكل الوسائل الممكنة على إسرائيل من أجل إطلاق سراح الأسرى المرضى الذين هم في حالة خطر شديد وحياتهم مهددة، ليحظوا بفرصة علاج خارج السجن، وإلزام إسرائيل بتسليم جثامين الشهداء المحتجزة منذ عشرات السنين إلى عائلاتهم وذويهم. وأشار إلى أننا في نادي الأسير الفلسطيني نتطلع إلى هيئة الأمم المتحدة لأن تقوم بدورها وبشكل فاعل وبما يؤدي إلى إنهاء الاحتلال وتمكين الشعب الفلسطيني أن يعيش بحرية في دولته المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشريف.