اللواء المتقاعد يعقوب عميدرور هو مرشح مناسب لا مثيل له ليكون رئيسا لقيادة الامن القومي. فهو خبير في أجهزة الامن، واضافة الى ذلك يأتي بزاوية نظر مدنية وواسعة الافاق. لديه موقف ايديولوجي معلل، والى جانبه استقامة تنجيه من الجمود الفكري. وبالذات لانه جدير على نحو خاص آمل جدا ان يقول عميدرور "لا" لاقتراح ان يحل محل عوزي اراد. حسنا، ستقولون، ها قد جاء دليل آخر على المكانة المتردية والجوهر عديم المضمون لقيادة الامن القومي. أكتب عن هذا الموضوع منذ زمن بعيد رغم أنه ينتمي بوضوح الى بند "الهام ولكن غير المثير للاهتمام". رافقت كل رؤساء المجلس (هكذا سمي حتى قبل سنتين)، وكانت ولاية الجميع حسب مسار معروف مسبقا: دخول مليء بالحماسة، ولاية وجدوا انفسهم فيها يتعرضون لعدم اهتمام من رئيس الوزراء من جهة ومقاومة محافل التنفيذ من جهة اخرى، وبعدها اعتزال مليء بخيبة الامل في أنهم لم ينجحوا في منح هذه الهيئة وادائها أهمية. بنيامين نتنياهو الذي تكبد عناء الذكر لدى وداعه اراد بانه شكل المجلس في 1998 (ولم يذكر بانه فعل ذلك فقط كي ينتقم من اسحق مردخاي)، لم يتعاطى معه بجدية منذ يومه الاول؛ خلفائه في رئاسة الوزراء واصلوا طريقه. الى ان جاءت حرب لبنان الثانية، وفي أعقابها لجنة ليبكين شاحك وقانون قيادة الامن القومي. في السنوات الثلاث الاخيرة لقيادة الامن القومي تأثير معين، وتغيير اسمها هو جزء من هذا التأثير: الادعاء العليل بالشبه الامريكي، غير القابل على الاطلاق للاقتداء في نموذج حكم مختلف جدا يسود عندنا، حل محله شيء متواضع وأكثر عملية: هيئة تعد جزءا من الدراسات لاغراض اتخاذ القرارات الامنية. ايهود اولمرت تفاخر في أن قيادة الامن القومي حددت مضمون الجلسات في شؤون أمنية مركزية في عهده. الجيش الاسرائيلي يبدأ بالتدريج في ارسال ضباط مرشحين للترفيع لفترة خدمة في القيادة. أبرئيل بن يوسيف، مساعد رئيس قيادة الامن القومي منذ منتصف 2009 ادخل اليها أنماط عمل نظامية. وكان لاراد نفسه لدى نتنياهو مكانة شخصية لم تكن لاي من اسلافه – بمن فيهم ألوية سابقين ورئيس موساد منصرف – لدى رؤساء الوزراء السابقين. الامور قد لا تكون مثلما ينبغي لها أن تكون، ولكنها توجد في مسار من التقدم. إذن لماذا يقول عميدرور لا؟ لسبب آخر تماما. القيادة، بمجرد خلقها، تأتي لمساعدة القائد في توجيه السياقات واتخاذ القرارات. لا توجد أي منفعة في عملها اذا كان القائد لا يستخدمها في نهاية النهار. وفي هذا الشأن ليس مهما على الاطلاق اذا كان الامر ينبع من انعدام الاهتمام، من معارضة هيئات اخرى او مثلما في حالة نتنياهو، من ان القائد ببساطة غير قادر على اتخاذ القرار. ما المنفعة من قيادة أمن قومي، حتى لو كانت اقوى وأكثر نجاعة مما كانت في الماضي، اذا كان نتنياهو لا يحكم؟ ما هي اهمية عمل رجاله اذا ما في مواضيع هامة في ميزانية الدفاع، وهو الامر الذي تكثر القيادة من الانشغال به، ليس رئيس الوزراء سوى بصمة لارادة وزير الدفاع والجيش؟ لماذا هي مهمة حين يكون رئيس الوزراء لا يتدخل في اشغال المناصب العليا، يمتنع عن قرارات سياسية، يسمح لوزير الخارجية بان يقرر السياسة كما يشاء؟ على عميدرور أن يرفض، وذلك لان كل شخص مستقيم يجب أن يرفض أن يكون ورقة تين لحكم لا يؤدي مهامه. خلافا لرؤساء القيادة السابقين، والكثيرون منهم زملاؤه في الماضي، محظور عليه ان يوهم نفسه في أن فقط اذا كان في المكان السليم يمكنه أيضا ان يؤثر. عليه أن ينتظر اليوم الذي يكون فيه لاسرائيل رئيس وزراء. وعندما يمكن أن يكون من المجدي ان يقول نعم.